ترحيل محمد علي.. سقوط المقاول الهارب في فخ القضاء الإسباني
ترحيل محمد علي.. سقوط المقاول الهارب في فخ القضاء الإسباني

بعد سنوات من الهروب والاستثمار السياسي الفاشل في كاتالونيا، تلقّى المقاول المصري الهارب محمد علي صفعة قضائية حاسمة، إذ أصدرت السلطات القضائية الإسبانية حكمًا نهائيًا بترحيله إلى القاهرة، رغم محاولاته نسج شبكة علاقات مع برلمانيين محليين عبر وعود بمشروعات وهمية، هذه الخطوة القانونية تأتي في ظل إدانات جنائية ثقيلة تلاحق علي في مصر، من بينها حكم بالمؤبد وإدراج على قوائم الإرهاب، إلا أن هذه النهاية لم تأتِ بسهولة، إذ حاول "علي" استغلال مناخ التسامح السياسي في إقليم كاتالونيا لإعادة تقديم نفسه كمستثمر، محاولًا الإفلات من قبضة العدالة المصرية، وبالرغم من مقاومة برلمانيين كاتالونيين لترحيله، فإن القضاء الإسباني حسم المعركة، ليضع حدًا لفصل استمر لسنوات من المراوغة القانونية واللعب على أوتار السياسة الدولية.
صفعة وترحيل
بعد سنوات من الهروب، يبدو أن المقاول المصري الهارب محمد علي، الذي تصدّر المشهد الإعلامي والسياسي قبل سنوات بدعواته التحريضية من إسبانيا، يواجه اليوم منعطفًا حاسمًا في قضيته بعد أن أصدرت محكمة إسبانية حكمًا نهائيًا بترحيله إلى مصر، حيث تنتظره أحكام جنائية مشددة.
وكشفت مصادر مطلعة، أن الحكم صدر قبل نحو أسبوعين، لكن الإعلان عنه بقي طي الكتمان حتى تم التحقق من اكتمال إجراءاته القانونية.
وقد واجه القرار معارضة واضحة من داخل البرلمان الكاتالوني، خاصة من بعض النواب الذين أقام معهم محمد علي علاقات شخصية منذ وصوله إلى إسبانيا، محاولًا تقديم نفسه كمستثمر في قطاع الإنشاءات والعقارات.
وبحسب ذات المصادر، فإن محمد علي كان قد وعد بتنفيذ عدد من المشروعات العمرانية، لكنه فشل في تنفيذ أي من وعوده الاستثمارية، هذا الإخفاق العملي ترافق مع انكشاف خلفيته الجنائية في مصر، ما دفع القضاء الإسباني إلى اتخاذ قراره النهائي رغم الاحتجاج السياسي.
فشل دعواته
وكان المقاول الهارب محمد علي قد غادر مصر عام 2018، وظهر لاحقًا في سلسلة فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد فيها النظام المصري، قبل أن يخفُت صوته تدريجيًا بعد فشل دعواته إلى الحراك الشعبي في الشارع.
في يناير 2023، قضت الدائرة الرابعة إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بالسجن المؤبد لمحمد علي، إلى جانب 37 متهمًا آخرين، فيما عُرف إعلاميًا بقضية "الجوكر"، والتي اتُهم فيها بتدبير تجمهر يستهدف زعزعة السلم العام وارتكاب أعمال عنف ضد رجال السلطة العامة، كما صدر قرار بإدراجه على قوائم الإرهاب، في سابقة تشدد الخناق القانوني عليه داخل مصر وخارجها.
جرائم جنائية
ولم تكن قضية الجوكر الوحيدة التي أدين فيها، إذ صدر بحقه أيضًا حكم في يونيو 2023 في قضية تهرب ضريبي (جنح ضرائب عامة رقم 30 لسنة 2023)، بالسجن ثلاث سنوات، وغرامات مالية تتجاوز 1.5 مليون جنيه مصري، هذه الأحكام أكدت الطابع الجنائي لقضية علي، بعيدًا عن سرديته السياسية التي حاول ترويجها في أوروبا.
ورغم محاولاته لاستثمار البيئة السياسية الليبرالية في برشلونة، خاصة في أوساط مؤيدة للانفصال عن مدريد، فإن القضاء الإسباني بدا غير مقتنع بالخطاب الاستثماري الذي قدمه.
ويبدو وفقًا لـ"مراقبين"، أن فشل محمد علي في تنفيذ أي من الوعود التي قطعها على نفسه، بما في ذلك مشروعات عقارية لم ترَ النور، ساهم في انهيار المصداقية التي حاول بناؤها هناك.
من جانبه، يشير د. محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية، أن الحكم الإسباني النهائي بترحيل محمد علي يؤكد وجود قناعة قضائية قوية بأن ملفه لم يعد يحمل طابع اللجوء السياسي بل يدخل في إطار التجاوزات الجنائية والتهرب الضريبي، وهي مخالفات تحظى بتعاون قضائي دولي واسع النطاق.
وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر": يُظهر القرار أن القضاء الأوروبي، رغم حساسياته السياسية في قضايا تتعلق بالحريات، لا يتهاون مع من يُشتبه بتورطه في تمويل الإرهاب أو التلاعب في قضايا اقتصادية.
وتابع: فشل محمد علي في إقناع السلطات الإسبانية بأنه "معارض مضطهد" رغم محاولاته المتكررة لتقديم نفسه بهذه الصورة، لعب دورًا كبيرًا في تسهيل صدور القرار القضائي، فالدول الأوروبية، خاصة بعد تكرار حالات سوء استخدام اللجوء السياسي، أصبحت أكثر حذرًا في قبول هذا النوع من الطلبات.
ويُتوقع أن يعاد فتح ملفات التعاون الأمني والقانوني بين مدريد والقاهرة، خاصة بعد هذا القرار؛ مما قد يشكل سابقة قانونية في التعامل مع المطلوبين قضائيًا من دول شمال أفريقيا، دون الحاجة إلى ضغوط دبلوماسية مباشرة.