العقل غير المرئي للقسام.. من هو رائد سعد مهندس عمليات حماس

العقل غير المرئي للقسام.. من هو رائد سعد مهندس عمليات حماس

العقل غير المرئي للقسام.. من هو رائد سعد مهندس عمليات حماس
رائد سعد

في إعلانٍ يحمل أبعادًا أمنية وسياسية معقدة، كشفت إسرائيل عن اغتيال رائد سعد، أحد أكثر القادة العسكريين غموضًا في حركة حماس، ونائب القائد العام لكتائب القسام في غزة. 

اسمٌ نادر الظهور إعلاميًا، لكنه حاضر بقوة في كواليس القرار العسكري والتخطيط العملياتي داخل الحركة، وبين تأكيد إسرائيلي وتكتم فلسطيني، تعود سيرة "رجل الظل" إلى الواجهة، بوصفه أحد مهندسي البنية القتالية للقسام، وعقلًا راكم خبرة طويلة في التنظيم والتصنيع والتخطيط، وأسهم في رسم ملامح المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.

اغتيال القيادي البارز

أعلن الجيش الإسرائيلي، بالتنسيق مع جهاز "الشاباك"، تنفيذ عملية اغتيال استهدفت رائد سعد في مدينة غزة، واصفًا إياه بـ"القيادي البارز" ونائب القائد العام لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. 

ووفق إذاعة الجيش الإسرائيلي، نُفذت العملية بموافقة مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من دون إخطار مسبق للولايات المتحدة، في خطوة تعكس حساسية الموقع الذي كان يشغله سعد داخل هرم القيادة العسكرية للحركة.

رائد سعد ليس اسمًا طارئًا في تاريخ القسام، بل يُعد من جيل المؤسسين الأوائل، ومن الشخصيات التي آثرت العمل في الظل بعيدًا عن الأضواء، كان عضوًا في هيئة أركان القسام التي ضمّت في مراحل مختلفة القائد العام السابق محمد الضيف، الذي اغتيل العام الماضي، إلى جانب عز الدين الحداد الذي تولى القيادة لاحقًا وما يزال على رأس قائمة المطلوبين إسرائيليًا، فضلًا عن قادة آخرين قُتلوا خلال سنوات المواجهة.

برز نجم سعد بشكل لافت عام 2005، حين تسلم قيادة لواء غزة، أكبر ألوية القسام، في مرحلة مفصلية أعقبت انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، ومع تشديد الحصار بعد سيطرة حماس على غزة عام 2007، انتقل سعد إلى ملف بالغ الحساسية، هو التصنيع العسكري، واضعًا نصب عينيه هدف الاكتفاء الذاتي وتقليص الاعتماد على الخارج.

وخلال تلك المرحلة، أشرف – بحسب مصادر متعددة – على تطوير خطوط إنتاج الصواريخ، والقذائف المضادة للدروع، وبنادق القنص، ومعدات قتالية أخرى، ما أسهم في إحداث نقلة نوعية في قدرات القسام التسليحية.

 كما ارتبط اسمه بتطوير أدوات المواجهة غير التقليدية، التي أصبحت لاحقًا جزءًا من عقيدة الحركة القتالية، في عام 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال رائد سعد خلال قصف استهدف مخيم الشاطئ في غزة، إلا أن حماس سارعت حينها إلى نفي الخبر، ما عزز صورته كقائد ينجو مرارًا من محاولات الاستهداف، غير أن الإعلان الأخير، وفق الرواية الإسرائيلية، يؤكد مقتله هذه المرة، في ضربة وُصفت بأنها تمس صميم القيادة العسكرية للقسام.



من هو سعد؟


وبحسب معلومات أوردها مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي دورون كدوش، كان سعد الرجل الثاني فعليًا في الجناح العسكري بعد عز الدين الحداد، وتعود علاقته بالحركة إلى تسعينيات القرن الماضي، إذ اعتقلته إسرائيل عام 1990 لفترة قصيرة على خلفية مشاركته في أنشطة مسلحة.

كما عُرف بقربه من مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، وبعلاقاته الوثيقة مع قادة بارزين مثل محمد الضيف ومروان عيسى.

في مطلع الألفية، قاد لواء غزة، ثم انتقل في بداية العقد الثاني إلى تأسيس القوة البحرية لحماس في القطاع، متوليًا رئاستها، في مسعى لتوسيع ساحات الاشتباك مع إسرائيل، وبعد حرب 2014، انضم إلى هيئة الأركان، وأصبح عضوًا في المجلس العسكري المصغر، قبل أن يتولى لاحقًا منصب رئيس ركن العمليات.

وفي هذا الموقع، لعب رائد سعد دورًا محوريًا في إعداد الخطط العملياتية للمواجهة مع إسرائيل، وأشرف على خطوتين استراتيجيتين شكّلتا – وفق الرواية الإسرائيلية – أساس الاستعدادات التنفيذية لهجوم 7 أكتوبر، هما إنشاء كتائب النخبة، وصياغة خطة "سور أريحا" الهادفة إلى إرباك وحسم المواجهة مع فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.

اغتيال رائد سعد، إن تأكد ميدانيًا، لا يُنظر إليه كضربة لشخص بقدر ما هو استهداف لعقل تراكمي راكم خبرة تنظيمية وعسكرية على مدى عقود، وكان أحد صناع التحولات الكبرى في بنية القسام، من العمل المحلي المحدود إلى التنظيم العسكري متعدد الأذرع والقدرات.