إمبراطور التكنولوجيا.. كيف صنعت "سبيس إكس" و"تسلا" أغنى رجل في التاريخ؟
إمبراطور التكنولوجيا.. كيف صنعت "سبيس إكس" و"تسلا" أغنى رجل في التاريخ؟
في عالم تتقاطع فيه التكنولوجيا بالمال، وتتحول فيه الأفكار الجامحة إلى أرقام فلكية، عاد اسم إيلون ماسك ليتصدر المشهد العالمي من زاوية مختلفة هذه المرة. لم يكن إعلان منتج جديد، ولا إطلاق صاروخ نحو الفضاء، بل رقم صادم أعاد تعريف معنى الثراء ذاته.
تجاوزت ثروة الرجل الذي يقف خلف “تسلا” و“سبيس إكس” حاجز 600 مليار دولار، في سابقة لم يشهدها تاريخ المليارديرات من قبل.
هذا الرقم، الذي بدا حتى وقت قريب أقرب إلى الخيال، لم يأتِ نتيجة طفرة عابرة في الأسواق، بل ثمرة تداخل معقد بين تقييمات شركات خاصة، ورهانات طويلة الأمد على الذكاء الاصطناعي والفضاء، وثقة استثنائية من المستثمرين في رؤية ماسك المستقبلية.
وبينما تتغير المؤشرات المالية بالساعة، يطرح هذا الإنجاز أسئلة أعمق حول الاقتصاد الجديد، وحدود الثروة، ودور الأفراد في صياغة ملامح المرحلة القادمة.
قفزة تاريخية
دخل إيلون ماسك التاريخ مجددًا، بعدما أصبح أول شخص في العالم تتجاوز ثروته الصافية حاجز 600 مليار دولار، وفق أحدث تقديرات مجلة "فوربس"، القفزة لم تكن تدريجية أو متوقعة بهذا الحجم، إذ إن تقديرات المجلة نفسها كانت تشير، قبل ساعات فقط، إلى ثروة تقارب 500 مليار دولار، هذا الفارق الزمني القصير يعكس الطبيعة المتقلبة لتقييم الثروات المرتبطة بشركات التكنولوجيا العملاقة، خصوصًا عندما تكون هذه الشركات غير مدرجة في الأسواق المالية.
المحرك الأساسي لهذا الارتفاع اللافت كان شركة سبيس إكس، الذراع الفضائية لماسك، والتي لا تخضع لتسعير يومي عبر البورصات العالمية، ففي الأسابيع الأخيرة، أقدم عدد من موظفي الشركة ومستثمريها على بيع حصص من أسهمهم في صفقات خاصة، وهو ما وفر مؤشرًا جديدًا لقيمة الشركة.
واعتمدت "فوربس" على الأسعار التي أُنجزت بها هذه الصفقات لتحديث تقييم سبيس إكس، لترتفع القيمة التقديرية من نحو 400 مليار دولار إلى ما يقارب 800 مليار دولار، أي ضعف التقييم السابق.
ومع امتلاك إيلون ماسك لما يقارب 40% من أسهم سبيس إكس، انعكس هذا التقييم مباشرة على صافي ثروته الشخصية، لترتفع التقديرات إلى نحو 677 مليار دولار، هذه الأرقام لا تعني أن ماسك يمتلك سيولة نقدية بهذا الحجم، لكنها تعكس القيمة السوقية لحصصه في شركاته المختلفة، وهي ثروة ورقية بالمعنى المالي، لكنها ذات تأثير حقيقي على موازين القوة الاقتصادية عالميًا.
رهان تسلا
إلى جانب سبيس إكس، تظل شركة "تسلا" أحد الأعمدة الرئيسية في إمبراطورية ماسك المالية، فعلى الرغم من التحديات التي تواجه سوق السيارات الكهربائية وتراجع المبيعات في بعض الأسواق، شهد سهم تسلا ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة تجاوزت 13% منذ بداية العام، مدفوعًا بإعلانات متكررة من ماسك حول تطورات في مجال القيادة الذاتية والروبوتات.
كما سجل السهم قفزة إضافية بعد إعلان الشركة اختبار سيارات روبوتية تعمل دون وجود شاشات مراقبة للسلامة في مقعد الراكب الأمامي، وهو تطور يعكس ثقة متزايدة في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تطورها الشركة.
ويمتلك ماسك قرابة 12% من أسهم تسلا، وهي حصة كافية لإحداث تأثير كبير على ثروته مع أي تحرك في سعر السهم، هذا الترابط الوثيق بين ثروة الرجل وأداء شركاته يجعل من ماسك نموذجًا فريدًا لرجل الأعمال الذي يراهن بكل ثقله على رؤيته التكنولوجية، لا على تنويع استثماراته التقليدية.
وفي نوفمبر الماضي، صوّت مساهمو تسلا لصالح إقرار خطة أجور غير مسبوقة لماسك، قُدرت قيمتها بنحو تريليون دولار على المدى الطويل، لتصبح أكبر حزمة أجور في تاريخ الشركات، هذه الخطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية، لكنها عكست في الوقت نفسه قناعة المستثمرين بأن ماسك هو العنصر الحاسم في تحويل تسلا من مجرد شركة سيارات كهربائية إلى لاعب عالمي في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتقنيات المستقبلية.
ما بعد الثروة
ولا يقتصر توسع ماسك على الفضاء والسيارات، إذ تشير تقارير إعلامية إلى أن شركته الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي "إكس.إيه.آي" تجري محادثات متقدمة لجمع نحو 15 مليار دولار من خلال طرح أسهم جديدة، بتقييم يصل إلى 230 مليار دولار.
وإذا ما تحققت هذه الصفقة، فإنها ستضيف بعدًا جديدًا إلى ثروة ماسك، وتعزز موقعه في السباق العالمي على ريادة تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ورغم الضجة العالمية التي أثارها هذا الرقم القياسي، التزم ماسك الصمت، كما لم تصدر أي تعليقات رسمية من شركاته المختلفة على هذه التقديرات، هذا الصمت لا يقلل من دلالة الحدث، بل يكرس صورة رجل الأعمال الذي يترك الأرقام تتحدث عنه، في وقت باتت فيه ثروته مؤشرًا على تحولات أعمق في الاقتصاد العالمي، حيث أصبحت الأفكار والابتكار قادرة على توليد ثروات تفوق ما أنتجته الصناعات التقليدية خلال قرون.

العرب مباشر
الكلمات