نتنياهو يدعو لتحويل إسرائيل إلى إسبرطة كبرى وسط تصاعد العزلة الدولية
نتنياهو يدعو لتحويل إسرائيل إلى إسبرطة كبرى وسط تصاعد العزلة الدولية

قبل ساعات من بدء الهجوم البري على مدينة غزة يوم الثلاثاء، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابًا إلى مواطنيه دعا فيه إلى الاستعداد لمرحلة جديدة تقوم على زيادة عسكرة المجتمع وتحويل الدولة إلى ما يشبه "إسبرطة كبرى" في الشرق الأوسط.
وأكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن هذا التصور، الذي يتضمن التحول نحو قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي وتقليص الاعتماد على التجارة الخارجية لصالح الإنتاج المحلي، أثار موجة واسعة من الجدل والانتقادات في الداخل الإسرائيلي، حيث يرى كثيرون أن هذه السياسات قد تدفع البلاد إلى حالة من العزلة الدولية وتحويلها إلى دولة منبوذة.
هجوم بري وتقارير أممية عن ارتكاب إبادة جماعية
مع تحرك الدبابات الإسرائيلية نحو وسط مدينة غزة، نشرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تقريرًا مفصلاً اعتبر أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في القطاع.
وبالتزامن مع ذلك، بحثت المفوضية الأوروبية تعليق جزء من اتفاقية التجارة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، فيما ارتفع عدد الدول المعلنة نيتها الاعتراف بدولة فلسطين أو مقاطعة مسابقة يوروفيجن إذا شاركت فيها إسرائيل.
مؤشرات اقتصادية سلبية وتراجع في الأسواق
ترك خطاب نتنياهو أثرًا مباشرًا في الأسواق المالية الإسرائيلية، إذ انخفض مؤشر تل أبيب للأسهم وتراجع الشيكل أمام الدولار.
واستحضر بعض المعلقين التاريخ القديم محذرين من أن إسبرطة، رغم بطولتها العسكرية، انتهت إلى الهزيمة والزوال.
وكتب الصحفي بن كاسبيت في صحيفة معاريف، أن الرومانسية في استحضار بطولات الإسبرطيين تخفي الحقيقة المرة بأن تلك المدينة الدولة أُبيدت في النهاية.
أصوات نقابية واقتصادية رافضة لنهج نتنياهو
قال أرنون بار دافيد، رئيس أكبر اتحاد نقابات العمال في إسرائيل (الهستدروت): إن المجتمع الإسرائيلي يستحق السلام لا التحول إلى إسبرطة، مؤكدًا أن المجتمع منهك ومكانة إسرائيل الدولية متدهورة.
وفي الوقت نفسه، حذر 80 من كبار الاقتصاديين الإسرائيليين من أن السعي لتدمير غزة كليًا يمثل تهديدًا لأمن إسرائيل وصمودها الاقتصادي وقد يبعدها عن مجموعة الدول المتقدمة.
نتنياهو يتهم الصين وقطر ويهاجم أوروبا
في خطابه الأخير حمّل نتنياهو دولًا أجنبية مسؤولية تزايد عزلة إسرائيل، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"حصار منظم" تقوده الصين وقطر ضد شرعية إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي في الغرب.
كما هاجم أوروبا الغربية متهمًا إياها بوجود أقليات إسلامية نشطة سياسيًا تضغط على حكوماتها للاصطفاف مع حماس وإيران، في إشارة إلى دول مثل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا التي يُتوقع أن تعترف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وتنتقد بشدة الحرب على غزة.
انتقادات داخلية وتكهنات حول دوافع سياسية
اعتبر خصوم نتنياهو في الداخل خطابه الأخير محاولة للهروب من تحمل المسؤولية عن سياساته. الكاتب سيفر بلوكر شبّه هذه السياسات بجرّ إسرائيل إلى مصير شعب يسكن وحده بعيدًا عن العالم المتقدم، دولة لا يرغب الآخرون في زيارتها أو التعامل معها تجاريًا.
فيما رأى يائير غولان، رئيس كتلة الديمقراطيين في الكنيست، أن نتنياهو يسعى لإبقاء إسرائيل في حالة حرب دائمة لتأجيل الانتخابات والبقاء في الحكم وتجنب السجن في قضايا الفساد التي يواجهها.
دعم أمريكي وتحولات في الخريطة السياسية الداخلية
ورغم الانتقادات الداخلية والدولية، تمكن نتنياهو من البقاء في السلطة بدعم أمريكي متفاوت؛ إذ أعطى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال زيارته إلى القدس الضوء الأخضر للهجوم البري متعهدًا بدعم واشنطن غير المحدود للقضاء على حماس.
وفي السياسة الداخلية، يزداد وزن الناخبين المتدينين والقوميين في حين يتراجع نفوذ النخب العلمانية والتكنوقراطية القديمة، ما يعزز التوجهات اليمينية المتشددة في الحكومة.