مكالمة اعتذار ولحظة إنسانية تنهي حرب غزة.. كواليس اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحماس
مكالمة اعتذار ولحظة إنسانية تنهي حرب غزة.. كواليس اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحماس

كشفت شبكة "سي بي إس" نيوز الأمريكية تفاصيل غير مسبوقة عن مسار المفاوضات التي أدت إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، مشيرة إلى أن مكالمة اعتذار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولحظة إنسانية نادرة بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والمفاوض الرئيسي في حماس، كانتا من أبرز المنعطفات التي غيّرت مسار المحادثات وأنقذت اتفاق التهدئة في غزة من الانهيار.
مكالمة الاعتذار التي غيّرت المعادلة
بحسب المقابلة الحصرية التي أجراها برنامج "60 دقيقة" مع ويتكوف وجاريد كوشنر، المكلّفين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإدارة المفاوضات، فإن لحظة التحوّل الأولى جاءت عندما رتب ترامب مكالمة هاتفية بين نتنياهو ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عقب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت قادة من حماس على الأراضي القطرية وأدت إلى توتر شديد بين تل أبيب والدوحة.
وخلال المكالمة، طلب ترامب من نتنياهو أن يعتذر مباشرة للقطريين عن تلك الغارة، وأوضح ويتكوف قائلاً: إن "الاعتذار كان ضروريًا للمضي قدمًا، لم يكن بالإمكان تحقيق أي تقدم بدونه".
وأضاف: أن الرئيس ترامب قال لنتنياهو حينها "الناس يخطئون، والاعتذار لا يقلل من مكانتك".
خطة ترامب لإنهاء الحرب
بعد أسابيع قليلة على تعثر المفاوضات، أعلن ترامب في لقاء رسمي مع نتنياهو في البيت الأبيض عن خطة من 20 بندًا تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة، تضمنت الخطة وقفًا فوريًا لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين دفعة واحدة.
وأوضح ويتكوف، أن أحد أهداف الخطة كان إقناع الأطراف بأن الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة لم يعودوا أوراق ضغط بيد حماس، بل عبئاً سياسياً وأخلاقياً عليها.
وشرح كوشنر المعنى، قائلاً: إن استمرار احتجاز الرهائن لم يمنح حماس أي مكاسب ملموسة، بينما كانت الحرب تتسبب بمقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير معظم مناطق القطاع.
مخاوف حماس من الغدر الإسرائيلي
رغم حجم الدمار والخسائر، أبدت حركة حماس ترددًا في الموافقة على الاتفاق، خوفًا من أن تعاود إسرائيل هجماتها فور إطلاق سراح الرهائن.
وأكد كوشنر، أن تلك المخاوف كانت العقبة الأبرز أمام التوصل إلى تسوية نهائية، ما دفع الوفد الأمريكي إلى البحث عن سبل لتبديد هذه الهواجس وتقديم ضمانات أمنية.
ترخيص استثنائي من ترامب للتواصل مع حماس
في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة وخارجة عن الأعراف الدبلوماسية، منح الرئيس ترامب تفويضًا مباشرًا لكل من كوشنر وويتكوف للتواصل مع ممثلي حركة حماس رغم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل واشنطن.
وفي الثامن من أكتوبر، وصل المبعوثان إلى القاهرة حيث التقيا كبير مفاوضي حماس خليل الحية، الذي فقد ابنه في الغارة الإسرائيلية على قطر.
وأكد ويتكوف أنه عبّر عن تعازيه للحية، موضحًا أنه هو الآخر فقد ابنه أندرو الذي توفي بجرعة زائدة من المواد الأفيونية في سن الثانية والعشرين.
لحظة إنسانية غير متوقعة
قال ويتكوف: "تحدثنا كآباء فقدا أبناءهما، وشعرنا أننا ننتمي إلى نادٍ سيئ جداً، نادٍ يضم الآباء الذين دفنوا أطفالهم".
أما كوشنر فأشار إلى أن تلك اللحظة الإنسانية كانت نقطة التحوّل الثانية في المفاوضات، إذ تحوّل اللقاء من حوار بين دبلوماسيين وممثلين عن تنظيمات مسلحة إلى تواصل بين شخصين متألمين يبحثان عن سبيل لإنهاء دورة الموت.
وأضاف كوشنر، أن هذا التبادل الإنساني أزال الكثير من التوتر وجعل النقاش أكثر واقعية، قائلاً: "في تلك اللحظة لم نرَ إرهابيين ومفاوضين، بل أبًا يتحدث إلى أب".
الضمانات الأمريكية لنجاح الاتفاق
أكد ويتكوف وكوشنر أن ترامب قدّم تعهدات صارمة للطرفين بأن الولايات المتحدة ستضمن تنفيذ الاتفاق بحياد تام، وستتدخل إذا خُرق من أي جهة.
وكان الهدف من تلك الضمانات طمأنة حماس بأن إسرائيل لن تستغل الهدنة لتجديد هجماتها، وإقناع إسرائيل في المقابل بأن الإفراج عن الرهائن لن يكون من دون مقابل.
روى ويتكوف، أن اللحظة التي تم فيها التوصل إلى الاتفاق شهدت مشهدًا استثنائيًا عندما تبادل المفاوضون الإسرائيليون والقطريون العناق بعد توقيع مسودة التفاهم.
وقال: "في تلك اللحظة تمنيت لو أن العالم كله كان يرى ما رأيناه، كيف يمكن للإنسانية أن تتغلب على السياسة عندما يتوقف الناس عن النظر إلى بعضهم كأعداء".