الكونغرس يقلب الطاولة.. مشروع أمريكي يضع الإخوان على القائمة السوداء

الكونغرس يقلب الطاولة.. مشروع أمريكي يضع الإخوان على القائمة السوداء

الكونغرس يقلب الطاولة.. مشروع أمريكي يضع الإخوان على القائمة السوداء
الكونغرس الأمريكي

على وقع تحولات سياسية متسارعة وعودة الجدل حول دور الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، فُتِح في واشنطن ملف ظلّ مؤجلاً لعقود: تصنيف جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا عالميًا، ما كان يُنظر إليه طويلاً كعلامة على التردد السياسي الأمريكي، دخل اليوم مسارًا تشريعيًا حاسمًا أعاد رسم ملامح العلاقة بين الولايات المتحدة والجماعة الأكثر امتدادًا وتأثيرً٠ا داخل العالمين العربي والإسلامي. 

فمع قرار لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بالموافقة على مشروع قانون يُلزم الرئيس دونالد ترامب بتصنيف الجماعة وفروعها إرهابية، يبدو أن العاصمة الأمريكية تتجه إلى تغيير جذري في سياستها، ليس فقط تجاه الإخوان، بل تجاه خريطة النفوذ السياسي في المنطقة برمتها، إنها لحظة مفصلية تجمع بين الضغط الأمني، والمصالح الإقليمية، والتحولات الدولية، وتستند إلى قراءة جديدة للإخوان باعتبارهم التنظيم الأم لأجيال من الحركات العنيفة والمتطرفة.

تحالف مشرّعين واتساع قاعدة الدعم

أحدثت خطوة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي صدى واسعًا داخل المؤسسات السياسية والأمنية، بعدما أقرّت مشروع القانون الذي يطالب الإدارة الأمريكية بتصنيف جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا عالميًا، هذا التحول ليس إجراءً عابرًا، بل يمثل أقوى خطوة تشريعية تتخذها واشنطن منذ عقود تجاه التنظيم الذي لطالما أثار انقسامات بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة.

المشروع الذي قدّمه النائب الجمهوري ماريو دياز بالارت نجح في حشد دعم قوي داخل اللجنة، حيث صوّت له كل الأعضاء الجمهوريين، إلى جانب نصف الديمقراطيين تقريبًا، لكن اللافت كان انضمام شخصيات ديمقراطية بارزة مثل براد شيرمان وبراد شنايدر وجاريد موسكوفيتز وجورج لاتيمر في مؤشر واضح على تغيّر المزاج السياسي داخل الكونغرس، وتنامي القناعة بأن التنظيم يشكل تهديدًا متصاعدًا يتطلب تحركًا تشريعيًا حاسمًا.

وأكد موسكوفيتز، أن القرار لا يستهدف المسلمين ولا الجاليات العربية، مضيفاً أن دولاً عربية رئيسية، مثل الإمارات والأردن ومصر والسعودية، سبقت الولايات المتحدة في تصنيف الإخوان تنظيمًا إرهابيًا، وأن هذا التباين أصبح غير مقبول في ضوء الأدلة المتراكمة حول نشاطات الجماعة وأدوارها الإقليمية.

مشروع بقوة القانون

وفق نص المشروع، يصبح الرئيس الأمريكي ملزمًا بإدراج الإخوان ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، وهو ما يعني تجميد ممتلكاتهم، وتشديد الرقابة المالية على مؤسساتهم، ومنع منح تأشيرات لأي شخص مرتبط بهم، وتُعد هذه الإجراءات تحولاً قانونيًا عميقًا يضع الجماعة لأول مرة في مواجهة مباشرة مع التشريعات الأمريكية.

وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان إدارة ترامب المبكر عن مراجعة شاملة بهدف تقييم سلوك الجماعة. غير أن الغطاء التشريعي يمنح القرار ثقلاً أكبر واستدامة تمنع أي إدارة قادمة من تجاهله بسهولة.

وتشير التقديرات إلى أن عام 2025 قد يكون نقطة فاصلة في علاقة واشنطن بالإخوان، مع تزايد الضغوط الإقليمية والدولية لكبح نفوذ التنظيم الذي شهد تراجعًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة.

الإخوان.. تنظيم أم شبكة عابرة للقارات؟

تاريخ الجماعة الممتد منذ تأسيسها عام 1928 يُظهِر مسار تحولها من حركة دعوية بسيطة إلى شبكة عالمية ذات أذرع سياسية ودعوية وعسكرية، خرج من عباءتها العديد من التنظيمات المتشددة، من بينها حركة حماس التي تُعدّ فرعًا مباشرًا للجماعة في فلسطين.

هذا الإرث المعقد استخدمته المؤسسات الأمريكية ضمن الوثائق والأدلة التي استند إليها المشروع، ورغم تحذيرات وكالات الاستخبارات من أن التصنيف قد يؤدي لزيادة التوتر في دول تضم أحزابًا ذات صلة بالجماعة، فإن اللجنة التشريعية أكدت أن المخاطر الناتجة عن ترك الجماعة دون تصنيف أكبر بكثير.

قيود قاسية وتعريفات دقيقة

ينص مشروع القانون على حظر دخول أو إقامة أي عضو معترف به في الجماعة داخل الولايات المتحدة، مع إلغاء فوري للتأشيرات الحالية، وفرض قيود واضحة على الأصول المالية والشركات المرتبطة بها. 

كما يقدم القانون تعريفات دقيقة تميز بين “عضو الجماعة” و“الفرع” و“الشخص الأجنبي”، لضمان سد كل الثغرات التي قد تُستخدم للالتفاف على العقوبات.

ويُلزم المشروع الرئيس الأمريكي باتخاذ إجراءات تنفيذية خلال 90 يوماً فقط من صدوره، إضافة إلى منع رفع العقوبات قبل مرور أربع سنوات كاملة، لضمان استمرار الضغط على الجماعة وفروعها.

تقرير سنوي يراقب شبكة الإخوان الدولية

يشكل بند التقرير السنوي للكونغرس واحدًا من أهم عناصر المشروع؛ إذ يجبر وزارة الخارجية على تقديم تقييم سنوي لمختلف فروع الجماعة حول العالم. يتضمن ذلك تحديد أماكن وجودها، وأدوارها السياسية والتنظيمية، ومدى ارتباط نشاطاتها بمعايير التصنيف الإرهابي.

ويرى مراقبون، أن هذا التقرير سيكشف تدريجيًا حجم الشبكة العابرة للحدود، ومسارات تمويلها، وارتباطاتها في الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية.

 

وفي سياق التحولات نفسها، صوّتت اللجنة على مشروعات أخرى تستهدف الحوثيين في اليمن، وتفرض عقوبات على رجال دين إيرانيين أصدروا فتاوى تدعو لقتل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 

 كما وافقت على تشريع يلزم وزارة الخارجية بتقارير دورية حول معاداة السامية في أوروبا، هذه الحزمة من القرارات تعكس اتجاهًا واضحًا داخل الكونغرس لتشديد الرقابة على التنظيمات والحركات المرتبطة بالتطرف، وإعادة صياغة الدور الأمريكي في الشرق الأوسط.