من هو الطبطبائي.. قائد الرضوان الذي صمد طويلًا وسقط بعد الهدنة
من هو الطبطبائي.. قائد الرضوان الذي صمد طويلًا وسقط بعد الهدنة
في تطوّر أمني يُعيد تسليط الضوء على مرحلة ما بعد الهدنة في الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية، أعلن "حزب الله" مقتل واحد من أبرز قادته العسكريين، هيثم علي الطبطبائي، إثر غارة إسرائيلية استهدفت أحد الأحياء المكتظة في الضاحية الجنوبية لبيروت، يمثّل هذا الهجوم، الذي أدى أيضًا إلى مقتل أربعة من عناصر الحزب، واحدة من أكثر العمليات النوعية التي تنفذها إسرائيل منذ وقف إطلاق النار في أواخر عام 2024، ويطرح تساؤلات عن طبيعة المرحلة المقبلة، لا سيما أن الطبطبائي يُعد من الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في إعادة بناء الجهاز العسكري للحزب عقب الحرب الأخيرة، ويرى مراقبون أن اغتيال هذا القائد، الذي راكم خبرات واسعة في ساحات القتال الإقليمية من سوريا إلى اليمن، يعكس استمرار المعركة الاستخباراتية بين الطرفين، ويوجه رسالة مفادها أن الهدنة لم تُجمّد بنك الأهداف الإسرائيلية، وفي المقابل، يؤكد "حزب الله" أن اغتيال الطبطبائي لن يغيّر من قواعد الاشتباك التي رسمها على مدى عقود.
ضربة في قلب الضاحية
أثار الإعلان الصادر عن حزب الله عن مقتل قائده الجهادي هيثم علي الطبطبائي، المعروف داخل التنظيم بلقب "السيد أبو علي"، اهتمامًا واسعًا داخل لبنان وخارجه؛ نظرًا للمكانة التي احتلها الرجل في الهيكل العسكري للحزب.
الغارة، التي نُفذت بدقة في منطقة حارة حريك، استهدفت سيارة كان يستقلها الطبطبائي مع أربعة عناصر من مرافقيه، وهم قاسم برجاوي، مصطفى برو، رفعت حسين، وإبراهيم حسين، وقد وصف الحزب العملية بـ"الاعتداء الإسرائيلي الغادر"، مؤكدًا أن مقتل هؤلاء يشكل فداءً للبنان وشعبه.
تأتي العملية في توقيت حساس، إذ تُعد من أبرز عمليات الاغتيال التي تُنفذ داخل الضاحية منذ سنوات، ما يعكس حجم الرصد والمتابعة الاستخباراتية التي سبقت تنفيذها، كما أنها أول عملية كبيرة من هذا النوع بعد الهدنة التي أُبرمت بوساطة أمريكية بين أكتوبر 2023 ونوفمبر 2024، والتي أوقفت المواجهات المباشرة على الجبهة اللبنانية.
قائد صعد مع الجيل الثاني للحزب
رغم أن الطبطبائي لم يكن من الجيل المؤسس لـ"حزب الله"، فإن صعوده داخل هرم القوة العسكرية كان سريعًا، ولد في لبنان لأب من جذور إيرانية وأم لبنانية، ما أتاح له كما يبدو دورًا مميزًا في الهيكل التنظيمي الذي يجمع بين امتدادات محلية ورؤى عقائدية مرتبطة بإيران.
وقد خاض الرجل معارك في ساحات عدة، أبرزها سوريا خلال سنوات الحرب، إضافة إلى مشاركته في ملفات عسكرية مرتبطة بالساحة اليمنية، ما جعله واحدًا من القادة الذين يمتلكون خبرة ميدانية متراكمة في حروب غير متكافئة.
من "الرضوان" إلى قيادة العمليات
الجيش الإسرائيلي قدّم روايته بشأن العملية قائلًا إن الطبطبائي كان شخصية مركزية في ما يُعرف بقوة "الرضوان"، وهي القوة النخبوية التي لعبت دورًا محوريًا في استراتيجية حزب الله خلال السنوات الأخيرة. وبحسب البيان العسكري الإسرائيلي، فإن الرجل تولى خلال حرب 2023 – 2024 مسؤولية قسم العمليات في الحزب، ومع مقتل غالبية القادة العسكريين أصبح الطبطبائي أمام مهمة إعادة تشكيل القيادة الميدانية.
ومع دخول الهدنة حيز التنفيذ، عُيّن قائدًا عسكريًا أعلى، وقيل إنه بدأ العمل بشكل مكثف لإعادة تأهيل الوحدات القتالية ورفع مستوى جهوزيتها.
هدف متكرر نجَا من محاولات سابقة
تكشف معطيات مراكز بحثية إسرائيلية أن الطبطبائي كان هدفًا لعمليات اغتيال عدة قبل هذه الضربة، سواء في سوريا أو لبنان، فقد أشار مركز "ألما" الأمني إلى أنه نجا من استهدافات جوية خلال السنوات الماضية. وهذا ما يجعل العملية الأخيرة ذات دلالة مضاعفة فهي لا تستهدف قائدًا ميدانيًا فحسب، بل شخصية ظلّت محاطة بإجراءات أمنية مشددة لفترة طويلة.
لم يكن الطبطبائي مجرد قائد عسكري لبناني من منظور الولايات المتحدة، ففي عام 2016، صنّفته وزارة الخارجية الأمريكية "إرهابيًا عالميًا"، وفرضت عقوبات طالت ممتلكاته ومصادر تمويله، كما أعلنت واشنطن، عبر برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، عن جائزة تصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات حول نشاطه، معتبرة أن دوره في سوريا واليمن جزء من منظومة إقليمية يقودها حزب الله لتعزيز نفوذه العسكري خارج الحدود اللبنانية.
رسائل متبادلة.. ما بعد الاغتيال
على الرغم من أن إسرائيل أعلنت خلال العامين الماضيين أنها نجحت في تصفية غالبية قادة "الرضوان"، فإن استهداف الطبطبائي بعد الهدنة يعكس حرصها على منع الحزب من إعادة بناء قدراته، في المقابل، يوحي بيان "حزب الله" بأن الرد لن يكون فوريًا بالضرورة، لكنه أكد أن دماء القادة الشهداء ستُحمل في مسار إسقاط مشاريع العدو، في إشارة إلى احتمال أن تتراكم الردود في سياق زمني أطول.
ومن شأن هذا الاغتيال أيضًا أن يُعيد فتح النقاش في لبنان حول مستقبل الاشتباك بين الطرفين، وإمكانية العودة إلى التصعيد رغم المساعي الدولية لتثبيت الاستقرار.

العرب مباشر
الكلمات