سومطرة الغارقة.. تصاعد مأساة الفيضانات يكشف حجم الكارثة الإنسانية في إندونيسيا

سومطرة الغارقة.. تصاعد مأساة الفيضانات يكشف حجم الكارثة الإنسانية في إندونيسيا

سومطرة الغارقة.. تصاعد مأساة الفيضانات يكشف حجم الكارثة الإنسانية في إندونيسيا
فيضانات سومطرة

تجد إندونيسيا نفسها أمام واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية في تاريخها الحديث، بعدما تحوّلت جزيرة سومطرة، خلال أيام قليلة، إلى ساحة واسعة للدمار والانزلاق والانهيارات، فالمياه التي اجتاحت المدن والقرى لم تكتفِ بطمس ملامح الطرق والبنى التحتية، بل عصفت بالأمن الإنساني لملايين السكان الذين وجدوا أنفسهم بين قتيل ومفقود ونازح يبحث عن ملاذ آمن، تتسارع الأرقام الرسمية بوتيرة مقلقة، حاملةً معها مؤشرات صادمة عن اتساع نطاق الكارثة وتعاظم آثارها الاجتماعية والاقتصادية، في وقت تتسابق فيه السلطات وفرق الإنقاذ لاحتواء المأساة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبين تساقط الأمطار الغزيرة واستمرار الانزلاقات الأرضية، يبدو أنّ سومطرة أمام اختبار إنساني ومناخي غير مسبوق، يطرح أسئلة عميقة حول قدرة البلاد على مواجهة الظواهر المناخية المتطرفة التي باتت تضرب المنطقة بوتيرة أعلى من أي وقت مضى.

تحديات هائلة

تستمر تداعيات الفيضانات التي غمرت جزيرة سومطرة في الاتساع، مع إعلان السلطات الإندونيسية ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 701 قتيل وفقدان أكثر من 600 شخص في أحدث البيانات التي صدرت الثلاثاء، ومع اتساع رقعة الانزلاقات الأرضية وارتفاع منسوب الأنهار، تبدو الاستجابة الرسمية أمام تحديات هائلة، خصوصًا مع اضطرار مليون شخص للنزوح إلى مراكز إيواء موقتة بعد أن فقدوا منازلهم أو أصبحت مناطقهم غير صالحة للسكن.

وتشير الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث إلى أن الكارثة لم تؤثر على المناطق المنخفضة فحسب، بل طالت أيضًا القرى الجبلية التي شهدت انهيارات تسببت في عزل مجتمعات كاملة وانقطاع الطرق الحيوية المؤدية إليها.

 وقد تجاوز عدد المتأثرين بالفيضانات 3.3 ملايين شخص، ما يجعل هذه الأزمة واحدة من أكبر موجات النزوح الداخلي التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة.

فرق الإنقاذ تسابق الزمن

في ثلاث محافظات رئيسية غرب سومطرة، تعمل فرق الإنقاذ تحت ظروف شديدة الصعوبة، إذ ما زالت بعض المواقع غير قابلة للوصول إلا عبر المروحيات أو القوارب، فيما تسعى السلطات لتأمين الغذاء والمياه النظيفة للمقيمين في الملاجئ.

 وأشارت تقارير ميدانية، أن بعض المراكز تستقبل أعدادًا تفوق قدرتها الاستيعابية، ما يثير القلق بشأن تفشي الأمراض المعدية نتيجة الاكتظاظ وسوء الصرف الصحي.

المعاناة تصل إلى تايلاند وماليزيا وسريلانكا 

ولا تقتصر تداعيات الفيضانات على إندونيسيا وحدها، إذ شهدت بلدان مجاورة، بينها تايلاند وماليزيا وسريلانكا، كوارث مشابهة خلال الأسبوع الماضي، ما رفع الحصيلة الإقليمية إلى نحو 1200 وفاة ومئات المفقودين.

ويعيد هذا المشهد المتزامن طرح سؤال المناخ المتطرف في جنوب وشرق آسيا، خصوصًا مع اتجاهات علمية تشير إلى أن زيادة وتيرة الأمطار غير المنتظمة مرتبطة مباشرة بتغير المناخ العالمي وارتفاع درجات حرارة المحيطات.

وتواجه الحكومة الإندونيسية ضغوطًا متزايدة لتحسين أنظمة الإنذار المبكر وتطوير البنى التحتية المائية، لا سيما أن البلاد تقع ضمن ما يُعرف بـ"حزام الكوارث" الذي يجعل مناطق واسعة عرضة للزلازل والبراكين والفيضانات الموسمية.

وفي الوقت نفسه، يدعو خبراء البيئة إلى ضرورة إعادة النظر في سياسات استخدام الأراضي، خصوصًا بعد أن أثبتت التجارب أنّ إزالة الغابات والتوسع العمراني غير المنظم يفاقمان مخاطر الانزلاقات والتآكل الأرضي.

وفي ظل استمرار عمليات البحث والإنقاذ، يبدو أن حجم الخسائر النهائية لم يُكشف بعد بالكامل، فيما ينتظر ملايين الإندونيسيين خطوات حكومية عاجلة لإعادة الإعمار وضمان عدم تكرار المأساة بالمستوى نفسه في السنوات المقبلة.