حي الزيتون تحت نيران التصعيد.. مأساة إنسانية ومساعٍ سلام متعثر
حي الزيتون تحت نيران التصعيد.. مأساة إنسانية ومساعٍ سلام متعثر

تتواصل فصول المأساة الإنسانية في قطاع غزة، حيث تتصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي لتطال أحياء سكنية مكتظة، مخلفةً وراءها دمارًا واسعًا وخسائر بشرية فادحة، وفي قلب هذه الأحداث المتسارعة، يبرز حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة كشاهد على وحشية الصراع، حيث يتعرض لعمليات نسف ضخمة للمباني وقصف مدفعي عنيف، مما يفاقم معاناة المدنيين المحاصرين، هذه التطورات تأتي في ظل مساعٍ إقليمية ودولية حثيثة لوقف إطلاق النار، إلا أن التصعيد المستمر يلقي بظلاله على آمال التوصل إلى حل سلمي ينهي دوامة العنف التي تدفع ثمنها الأرواح البريئة والبنية التحتية المدمرة.
تصعيد غير مسبوق في حي الزيتون
شهد حي الزيتون، الواقع جنوب شرقي مدينة غزة، تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق خلال الساعات الماضية، حيث أفادت مصادر محلية بتعرضه لموجات عنيفة من القصف المدفعي وعمليات نسف ضخمة للمباني.
هذه العمليات، التي نفذها الجيش الإسرائيلي، تزامنت مع تكثيف لتواجد طائرات الكواد كابتر التي كثفت من نيرانها في المنطقة؛ مما أدى إلى دمار واسع النطاق وتشريد مئات العائلات.
عمليات النسف استهدفت المباني في المناطق الشرقية لحي الزيتون، في خطوة يبدو أنها تهدف إلى تغيير ديموغرافي وجغرافي للمنطقة.
مأساة إنسانية في الصبرة ودير البلح
لم يقتصر القصف على حي الزيتون، بل طال مناطق واسعة من القطاع، بما في ذلك حي الصبرة وجباليا وحي التفاح شرقي المدينة، في حي الصبرة، عاش السكان ليلة قاسية تحت وطأة قصف مدفعي عنيف استمر من المساء حتى فجر اليوم، مخلفًا دمارًا وحالة من الهلع بين السكان، حوصرت العائلات داخل منازلها دون تمكنها من الخروج وسط استمرار القصف والتحركات العسكرية.
وفي دير البلح وسط القطاع، قتل 17 فلسطينيًا، بينهم 4 أطفال وامرأتان، بنيران الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر اليوم الثلاثاء، كما استهدف القصف خيام النازحين ومنتظري المساعدات؛ مما أوقع عددًا من القتلى والجرحى، هذه الأرقام المفجعة تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع، الذين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة من ماء وغذاء ودواء، وتتحول أماكن تجمع المساعدات إلى ساحات دم وركام.
يأتي هذا التصعيد في ظل تقارير تشير أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير سيقدّم، اليوم الثلاثاء، خطة لاحتلال مدينة غزة لوزير الدفاع، هذه الخطة، التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية في 8 أغسطس الجاري، تهدف إلى إعادة احتلال مدينة غزة، وسط تنديد أممي ودولي وعربي.
وفي إطار تنفيذ هذه الخطة، بدأ الجيش الإسرائيلي هجومًا واسعًا على حي الزيتون في 11 أغسطس الجاري، تخلله نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وتهجير للسكان.
مساعي وقف إطلاق النار
في خضم هذا التصعيد العسكري، تتواصل المساعي المصرية من أجل وقف إطلاق النار والتوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس، وقد أبلغت حماس الوسطاء المصريين مساء أمس الاثنين، موافقتها على مقترح جديد بشأن اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لمدة 60 يومًا، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين.
هذا التطور يمثل بصيص أمل في ظل الظروف الراهنة، إلا أن نجاح هذه المساعي يبقى مرهونًا بمدى التزام الأطراف المعنية ووقف التصعيد على الأرض.
تداعيات إنسانية واقتصادية كارثية
تتجاوز تداعيات الحرب في غزة الخسائر البشرية المباشرة لتشمل تدميرًا ممنهجًا للبنية التحتية، مما يزيد من معاناة السكان، المستشفيات تعاني من نقص حاد في الإمدادات الطبية والوقود، مما يعيق قدرتها على تقديم الرعاية اللازمة للجرحى والمرضى.
كما أن تدمير المنازل والبنية التحتية يؤدي إلى تفاقم أزمة النزوح، حيث يضطر الآلاف للعيش في خيام أو ملاجئ مؤقتة تفتقر لأدنى مقومات الحياة الكريمة.
الوضع الاقتصادي في القطاع يزداد سوءًا، مع توقف الأنشطة التجارية والصناعية، وارتفاع معدلات البطالة؛ مما يدفع بالمزيد من العائلات نحو الفقر المدقع.
على الرغم من حجم الكارثة الإنسانية في غزة، ما يزال رد الفعل الدولي دون المستوى المطلوب، التنديدات الخجولة والدعوات لوقف إطلاق النار لا ترقى إلى مستوى الكارثة التي تتكشف فصولها يوميًا.