تحذيرات أوكرانية من عفو روسي ينسف القانون الدولي ويشجع الحروب
تحذيرات أوكرانية من عفو روسي ينسف القانون الدولي ويشجع الحروب
حذرت الحائزة الوحيدة من أوكرانيا على جائزة نوبل للسلام والناشطة الحقوقية أولكساندرا ماتفييتشوك من أن أي اتفاق ينهي الحرب مع روسيا ويتضمن عفوًا عن جرائم الحرب ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن الدولي، وقد يشجع قادة استبداديين آخرين على مهاجمة دول الجوار دون خشية من المحاسبة، وفقًا لما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
أوضحت أولكساندرا ماتفييتشوك، رئيسة مركز الحريات المدنية في أوكرانيا، أن المسودة المسربة لمقترح أمريكي روسي يتألف من 28 بندًا تغفل البعد الإنساني للصراع، مؤكدة دعمها لمساعي الرئيس فولوديمير زيلينسكي لإعادة صياغتها بالتنسيق مع البيت الأبيض.
وقالت ماتفييتشوك: إن أوكرانيا تحتاج إلى سلام حقيقي وليس هدنة مؤقتة تسمح لموسكو بإعادة تنظيم صفوفها واستعادة قوتها، مشددة على ضرورة أن يتضمن أي اتفاق ضمانات أمنية مماثلة لتلك التي يوفرها حلف الناتو.
رفض أوكراني واسع للتنازلات الإقليمية
تعكس تصريحات الناشطة الحقوقية المزاج العام داخل أوكرانيا، حيث لا تزال مقاومة التنازل عن الأراضي قوية رغم مرور نحو أربع سنوات من الحرب وما يصاحبها من انقطاعات متكررة في الكهرباء بسبب الهجمات الروسية. ويعتقد معظم الأوكرانيين أن إنهاء الحرب بشكل دائم يتطلب إطارًا أمنيًا فعالاً يمنع روسيا من شن اعتداءات جديدة.
وأشارت ماتفييتشوك، أن البند رقم 26 من المسودة الأولية – الذي يمنح جميع الأطراف عفوًا شاملاً عن أفعالهم خلال الحرب ويحظر تقديم أي مطالبات مستقبلية – يشكل خطرًا بالغًا، معتبرة أنه سيقوض القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويخلق سابقة تشجع الأنظمة الاستبدادية على غزو دول أخرى وارتكاب جرائم وانتهاكات دون محاسبة مقابل الحصول على مكاسب إقليمية.
خلافات حادة حول البنود الأمنية والسياسية
تم حذف بند العفو من المقترح الأوكراني الأمريكي البديل المكوّن من 19 نقطة، لكن المفاوضات مستمرة، مع زيارة مرتقبة للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، إلى موسكو الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع مسؤولين روس.
وتصر موسكو على عدم تعديل رؤيتها، ما يثير مخاوف في كييف من محاولة واشنطن فرض الشروط الروسية عليها.
وأكدت ماتفييتشوك، أن التنازل عن مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك إضافة إلى 30% من منطقة دونيتسك الشرقية، كما تطالب موسكو، لن يوفر أساسًا مستقرًا للسلام، لأن هدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتعلق بالأراضي بقدر ما يتعلق بإخضاع أوكرانيا سياسيًا وطمس هويتها.
وأضافت أن بوتين لم يخسر مئات الآلاف من الجنود من أجل مدن صغيرة لا يعرفها معظم الروس، مؤكدة أن أي خطة سلام لن تنجح إلا إذا جعلت من المستحيل على موسكو تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
ضمانات بمستوى المادة الخامسة في الناتو
ترى ماتفييتشوك أن أوكرانيا تستحق أن تكون عضوًا في الناتو، وأن خبرتها العسكرية التي فرضتها الحرب تجعلها قادرة على الإسهام بفاعلية في الحلف. وإذا كان الانضمام غير ممكن سياسيًا في الوقت الحالي، فيجب توفير حزمة إجراءات تضاهي قوة المادة الخامسة من ميثاق الناتو لردع روسيا عن شن هجمات جديدة.
كما شددت على ضرورة أن يشمل أي اتفاق حماية حقوق نحو ستة ملايين أوكراني يعيشون في الأراضي التي تحتلها روسيا، بينهم مليون ونصف المليون طفل.
وأشارت إلى أن الاحتلال الروسي يرتبط بالتعذيب والاغتصاب ومعسكرات التصفية والمقابر الجماعية، في حين لم تتضمن المسودة الأولية أي إشارة إلى هذه الانتهاكات.
قلق على مصير السكان في المناطق المحتلة
تكشف المسودة المسربة، أن الإشارة الوحيدة لحقوق الأوكرانيين في المناطق المحتلة جاءت في صياغة غامضة تدعو إلى إلغاء الإجراءات التمييزية وضمان حقوق وسائل الإعلام والتعليم لكل من الأوكرانيين والروس، وهي صياغة اعتبرتها منظمات حقوقية غير كافية ولا تعكس حجم الانتهاكات.
ومنذ عام 2014، وثّق مركز الحريات المدنية أكثر من 92 ألف حالة محتملة لجرائم حرب ارتكبتها القوات الروسية منذ ضمّ شبه جزيرة القرم وإشعال الصراع في دونيتسك ولوغانسك، قبل أن تتوسع الحرب بشكل شامل في فبراير 2022.
ضغوط عسكرية مستمرة ومخاوف من تنازلات قسرية
ورغم الضغوط العسكرية التي تواجهها أوكرانيا حاليًا، خصوصًا في الشرق والجنوب حيث تتقدم القوات الروسية ببطء، إلا أن الجيش الأوكراني لم يُهزم وما يزال قادرًا على إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الروسية، ما يعزز قناعة في كييف بأن موسكو ستضطر في النهاية إلى إعادة تقييم حساباتها.
وقالت إينا سوفسون، النائبة المعارضة من حزب هولوس الليبرالي: إن التنازل عن بقية منطقة دونيتسك من دون قتال يعد أحد أكثر الشروط غير المقبولة في المفاوضات الجارية، مؤكدة ضرورة تغيير هذا البند في المحادثات مع الولايات المتحدة.
وأضافت، أنه لكي تسيطر روسيا على دونيتسك عسكريًا، ستحتاج إلى عام كامل من القتال المكثف وستتكبد خسائر كبيرة، مشيرة إلى أن موسكو لا تمتلك حاليًا القدرة على انتزاع هذه الأراضي، وأن التنازل عنها سيجعلها قاعدة لهجمات مستقبلية.
مخاطر استسلام سياسي ينسف الجهود الدبلوماسية
من جانبها، قالت النائبة المستقلة هالينا يانتشينكو: إن الأوكرانيين يتوقون للسلام أكثر من أي طرف آخر، لكنهم يعرفون جيداً – بعد أحد عشر عاماً من الحرب – ما يعنيه السلام وفق الشروط الروسية.
وأضافت: أن القيادة الأوكرانية مضطرة للتفاوض مع واشنطن، وأن الجميع يعمل على إيصال موقف كييف للولايات المتحدة والتصدي للحملات الروسية ومحاولات التضليل، لضمان ألا تقبل واشنطن الشروط الروسية، لأن ذلك سيلحق ضررًا بالغًا بجهود أوكرانيا الدبلوماسية المستمرة منذ سنوات.

العرب مباشر
الكلمات