الولايات المتحدة وأوكرانيا تكشفان عن إطار سلام جديد لإنهاء الحرب مع روسيا
الولايات المتحدة وأوكرانيا تكشفان عن إطار سلام جديد لإنهاء الحرب مع روسيا
توصلت الولايات المتحدة وأوكرانيا إلى ما وصفته الدولتان بـ"إطار سلام محدث ومصقول" لإنهاء الحرب مع روسيا، بعد ساعات من تقديم بعض الدول الأوروبية بديلها الجذري الذي استبعد بعض النقاط الموالية لروسيا الواردة في الوثيقة الأمريكية الأصلية التي تم تسريبها الأسبوع الماضي، وفقًا لما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
اجتماع سويسرا
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بعد اجتماع في سويسرا مساء الأحد مع وفد أوكراني برئاسة رئيس مكتب رئيس أوكرانيا، أندري يرماك، إنه متفائل جدًا بشأن تقدم المفاوضات. وأكد بيان مشترك بين البلدين أن أي اتفاق مستقبلي سيحافظ بالكامل على سيادة أوكرانيا.
وكانت الوثيقة الأمريكية الأصلية المكونة من 28 نقطة والتي سُرِّبت الأسبوع الماضي، تطالب أوكرانيا بتسليم أراضٍ لروسيا، وتحدد حجم جيشها، وتمنعها من ملاحقة الكرملين على الجرائم المزعومة خلال الحرب.
مع بدء المناقشات في جنيف الأحد، انتقد دونالد ترامب أوكرانيا، قائلًا إنها أظهرت "عدم امتنان مطلق" للجهود الأمريكية لإنهاء النزاع. ورد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتقدير شخصي للرئيس الأمريكي على الدعم العسكري المقدم، بما في ذلك صواريخ "جافلين" التي ساعدت في إنقاذ أرواح أوكرانية.
تصريحات عدائية
وكانت تصريحات ترامب العدائية قد جاءت بعد عطلة نهاية أسبوع مضطربة، اعترف خلالها روبيو بأن خطة البيت الأبيض وُضعت في موسكو، قبل أن يؤكد لاحقًا أن الولايات المتحدة هي مؤلفها.
وفي مواجهة هذه المبادرة الأمريكية المفاجئة، نشرت حلفاء أوكرانيا الأوروبيون خطة بديلة صديقة لكييف، نصت على أن تبدأ المفاوضات حول الأراضي بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، على أن تبدأ من خط الاتصال الحالي.
كما نصت على أن يتم الاتفاق على مراقبة أي هدنة "بإشراف أمريكي"، ولا تتطلب انسحاب كييف من المدن التي تسيطر عليها في دونباس الشرقية، ولا تستبعد عضوية أوكرانيا في الناتو، لكنها تشير إلى عدم وجود إجماع حول هذا الموضوع.
المقترحات الأوروبية
وتضمنت المقترحات الأوروبية أيضًا مطالب بأن تسلم روسيا محطة زابوريجيا النووية المحتلة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع تقسيم الطاقة بنسبة 50-50 بين موسكو وكييف، وأن يقتصر حجم الجيش الأوكراني في وقت السلم على 800 ألف جندي، أي أكثر بـ200 ألف عن النسخة الأمريكية.
كما اقترحت أن تُستخدم الأصول الروسية المجمدة لإعادة إعمار أوكرانيا بدلًا من منح جزء منها للمستثمرين الأمريكيين، وأن يتم تخفيف العقوبات تدريجيًا إذا التزمت موسكو بـ"سلام مستدام"، وإعادة روسيا إلى مجموعة الثمانية.
وكان قادة أوروبيون في قمة العشرين بجنوب أفريقيا قد أشاروا إلى أن صيغة السلام الأمريكية تحتاج إلى "مزيد من العمل"، وأبدى رئيس وزراء بولندا، دونالد توسك، تحفظاته، قائلًا إنه من المهم معرفة مؤلف الخطة ومكان إعدادها. وأعد الوثيقة كيريل ديميترييف، المبعوث الخاص لفلاديمير بوتين، بالتعاون مع الممثل الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف. وأثار استخدام اللغة في الوثيقة تكهنات بأنها قد كُتبت بالروسية ثم تُرجمت لاحقًا إلى الإنجليزية.
وأفاد مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بأن روبيو أخبرهم أن النص لم يكن أمريكيًا، بل وثيقة روسية سربتها موسكو عمدًا، ثم سلمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، لكنه أصر لاحقًا على أن الولايات المتحدة هي من أعدت الاقتراح بمشاركة روسيا وأوكرانيا.
وسط انتقادات من بعض أعضاء الحزب الجمهوري، تراجع ترامب عن مطلبه السابق بأن يوافق زيلينسكي على الاتفاق قبل يوم الخميس، وقال في واشنطن إن العرض "ليس نهائيًا"، ما يفتح الباب لتغييرات جوهرية.
وقال أندري يرماك إن الطرفين أحرزوا "تقدمًا جيدًا جدًا"، وأنهما "يتقدمان نحو السلام العادل والدائم الذي يستحقه الشعب الأوكراني". كما أكد زيلينسكي مساء الأحد أن وجود "حوار مع ممثلي الولايات المتحدة" أمر جيد، وأن هناك "إشارات بأن فريق ترامب يسمعنا".
هجوم روسي
في المقابل، شنت القوات الروسية هجومًا كبيرًا بالطائرات المسيرة على خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين، حيث سُجلت خمس عشرة ضربة في ست مناطق بالمدينة.
وقد أعرب المسؤولون الأوروبيون عن انتقادات لاذعة لمسودة الخطة الأمريكية، معتبرين أنها تقوض سيادة أوكرانيا وتضع شروطًا على انضمامها للاتحاد الأوروبي، وتستبعد قوات حفظ سلام بقيادة فرنسية وبريطانية، وتحد من قواعد طائرات الناتو. وأكدوا أن الرئيس الروسي يسعى لإعادة عقارب الساعة 30 عامًا إلى الوراء في هندسة الأمن الأوروبي وفرض مطالب قبل غزوه الكامل.
ويبدو أن المقترح الأوروبي سيلقى قبولًا لدى زيلينسكي الذي تعرض لضغوط كبيرة للرضوخ لمطالب الولايات المتحدة، مؤكدًا ضرورة إنهاء إراقة الدماء وضمان ألا تُستأنف الحرب مرة أخرى.
واعتبر خبراء أوكرانيون أن الوثيقة الأمريكية ترفضها الأغلبية، بينما ستلقى الوثيقة الأوروبية دعمًا، خصوصًا أنها تركز على تثبيت خطوط الجبهة دون التنازل عن الأراضي لأوكرانيا.

العرب مباشر
الكلمات