مشاري بن راشد يفتح النار على الإخوان.. غزة الفاضحة فضحت حرامية الصدقات

مشاري بن راشد يفتح النار على الإخوان.. غزة الفاضحة فضحت حرامية الصدقات

مشاري بن راشد يفتح النار على الإخوان.. غزة الفاضحة فضحت حرامية الصدقات
مشاري بن راشد

بينما تتنفس غزة بصعوبة تحت ثقل حرب امتدت لعامين وخلّفت وراءها دمارًا غير مسبوق، كانت الأنظار تتجه نحو إعادة الإعمار وتدفق المساعدات، لا نحو ما يجري في الغرف المظلمة حيث تتصارع شبكات النفوذ على السيطرة على ملايين الدولارات المخصّصة للناجين. 

ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في أكتوبر 2025، وتشكيل إدارة انتقالية بدعم أمريكي– مصري– قطري– تركي، برز إلى السطح ملف خطير لم يعد ممكنًا إخفاؤه: عمليات اختلاس واسعة تورّط فيها قياديون وشخصيات مرتبطة بحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، كانت تدور في الخفاء منذ سنوات، قبل أن تتحول إلى فضيحة معلنة تزلزل الحركة من الداخل. 

القضية تتجاوز اختلاسات مالية فحسب؛ إنها صراع على مستقبل غزة السياسي والاقتصادي، وعلى من يملك حق إدارة السلطة الجديدة التي تتشكل فوق أنقاض المدينة المدمّرة. في هذا التقرير، نكشف أبعاد هذه الحرب الخفية، وتشعباتها الإقليمية، وخطورتها على مستقبل القطاع.

الشيخ مشاري بن راشد يكشف منظومة الزكاة المُختطفة

لم تتوقف ردود الفعل عند حدود السجال السياسي داخل حماس والإخوان، بل امتدّت إلى أصوات دينية مؤثرة عبّرت عن غضبها من حجم التجاوزات، وفي هذا السياق، كتب الشيخ مشاري بن راشد على حسابه الشخصي في منصة "إكس" تعليقًا لاذعًا قال فيه: "غزة الفاضحة فضحت حرامية الصدقات والنسب الإدارية التي تصل إلى 70% وربما أكثر"، ولم يكن هذا الموقف الأول من نوعه؛ إذ سبق أن نشر مقطعًا مصورًا انتقد فيه بشدة ممارسات جمعيات الإخوان في استغلال أموال المتبرعين وتوجيهها بعيدًا عن مقاصدها الشرعية، قائلاً: "للأسف، إمبراطوريتهم المالية تشكلت من أموال التبرعات.. لقد أخذوا الزكاة لدعم حملاتهم الانتخابية".

وأضاف الشيخ -في حديثه-: أن بعض من وصفهم بـ"مشايخ الإخوان" قد أباحوا هذا الاستخدام الموسّع للتبرعات، لدرجة أن الجماعة – بحسب قوله – بنت شبكات مالية ضخمة في الكويت عبر الاستيلاء على أموال الزكاة وتوجيهها إلى مشاريع انتخابية وسياسية بدلاً من صرفها على الفقراء والمحتاجين.

واستطرد قائلاً: "يتمددون ويستثمرون هذه الأموال في شركات العقارات في الخارج، رغم أن مشايخهم يقولون: "إن ذلك مسموح"، لكني أؤكد أنه ليس مسموحًا"، مشددًا على أن الأولوية الشرعية هي توجيه الزكاة إلى مستحقيها، لا إلى مشاريع توسعية أو شبكات نفوذ.

كما أشار الشيخ مشاري إلى نماذج أخرى من سوء استخدام التبرعات، ضاربًا مثالاً بحملات جمعت أموالاً باسم دعم الصومال، ثم حُوّلت – كما قال – إلى البنوك التركية بحجة شراء احتياجات إنسانية من تركيا قبل إرسالها إلى الصومال، وهو ما اعتبره دليلاً إضافيًا على توظيف العمل الخيري لغايات اقتصادية وسياسية لا علاقة لها بالإغاثة.

هذه الشهادات الدينية، الصادرة من شخصية ذات حضور شعبي واسع، ساهمت في تأجيج الجدل وإعادة تسليط الضوء على البنية المالية المعقدة التي تحيط بمنظومات جمع التبرعات في العالم الإسلامي، وعلى هشاشة الرقابة التي سمحت بتحويل "أموال الصدقات" إلى وقود لمعركة النفوذ داخل الحركة وخارجها.

بداية الانفجار


تعود جذور القضية إلى ما قبل عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023، حين بدأت لجان مالية محسوبة على حركة حماس برصد مخالفات جسيمة في إدارة التبرعات التي جمعتها مؤسسات خيرية تعمل من تركيا والأردن تحت لافتات دعم غزة والقدس. 

وعلى مدار سنوات، تراكمت أدلة على أن مئات الملايين من الدولارات لم تصل إلى وجهتها الحقيقية، بل تسرّبت عبر شبكات مالية معقدة، بعضها مرتبط بقياديين من الصف الأول في حماس، وآخرون محسوبون على الإخوان.

وبحسب مصادر مطلعة داخل الحركة، فإن حجم الأموال المختلسة تراوح بين 300 و500 مليون دولار حُصِلت خلال ذروة الحرب عبر حملات إعلامية استغلت مشاهد الدمار والمعاناة، ثلاث مؤسسات وُضعت في قلب الاتهامات: "وقف الأمة"، "منبر الأقصى"، و"كلنا مريم"، وجميعها تتبع للجناح الدولي للإخوان المسلمين، المصنَّف ارهابيًا في عدد من الدول العربية.

ما فاقم الأزمة هو ظهور أسماء من العيار الثقيل داخل حماس في صدارة هذه الشبكات، وعلى رأسهم خالد مشعل، الوجه الدولي للحركة، والذي تربطه علاقات شخصية وعائلية بإدارة "وقف الأمة"، مدير المؤسسة أحمد العمري يعدّ من أصدقاء مشعل القدامى، بينما يتولى زوج ابنته مسؤوليات إدارية بارزة في المؤسسة. 

وعلى الجانب الدعوي، ظهر في حملات جمع التبرعات الأخيرة رموز إخوانية مؤثرة مثل علي القره داغي وعلي الصلابي، ما أضفى على القضية طابعًا سياسيًا يتجاوز حدود الفساد المالي.