واشنطن تُشدّد قبضتها.. تداعيات خطوة ترامب لتصنيف فروع الإخوان كمنظمات إرهابية

واشنطن تُشدّد قبضتها.. تداعيات خطوة ترامب لتصنيف فروع الإخوان كمنظمات إرهابية

واشنطن تُشدّد قبضتها.. تداعيات خطوة ترامب لتصنيف فروع الإخوان كمنظمات إرهابية
الولايات المتحدة

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية داخل الولايات المتحدة وخارجها، مضى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مسار جديد عنوانه تشديد السياسة الأمريكية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، فالقرار التنفيذي الذي وجّه به الرئيس لا يقتصر على كونه إجراءً إداريًا فحسب، بل يشكّل، بحسب مراقبين، تحوّلًا في المقاربة الأمريكية تجاه واحدة من أكثر الحركات الإسلامية انتشارًا وتأثيرًا في العالم العربي، ورغم أنّ النقاش حول تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية ليس جديدًا داخل دوائر صنع القرار الأمريكية، فإن توقيت الخطوة، والأسباب التي سُوّقت رسميًا لتبريرها، والجهات التي استُهدفت مباشرة من فروع الجماعة، كلها عناصر أعادت فتح ملف شائك يرتبط بتطورات إقليمية واسعة وتوترات متصاعدة في الشرق الأوسط، هذه التطورات – وعلى رأسها تداعيات هجوم السابع من أكتوبر – دفعت الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ إجراءات وُصفت بأنها جزء من "معركة أوسع" تهدف إلى كبح نفوذ الجماعات ذات الطابع العابر للحدود، لكن ماذا يعني القرار عمليًا.. وما مدى تأثيره على المشهد السياسي الإقليمي، وما الرسائل التي تبعثها واشنطن من خلال هذا التحرك؟

خطوة تنظيمية تحمل أبعادًا سياسية


مع توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يوجّه وزارتي الخارجية والخزانة بالشروع في تقييم وتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية، بدا واضحًا أن واشنطن تتحرك نحو مرحلة جديدة في تعاملها مع الجماعة، التي تأسست في مصر عام 1928 وترسّخت لاحقًا كشبكة ممتدة داخل عدد من الدول العربية والإسلامية.


الأمر التنفيذي الجديد لا يعد حكمًا نهائيًا، بل يمثل بداية سلسلة إجراءات تقود إلى توصية رسمية خلال 45 يومًا، غير أن مجرد الشروع في هذه العملية، وفق محللين، يعكس رغبة سياسية لدى الإدارة الأمريكية في إرسال رسالة حازمة للمنطقة، أنّ واشنطن تعيد رسم خطوط التهديدات التي تراها مصدرًا لزعزعة الاستقرار.


وإذا تكلل التصنيف بالنجاح، فسيفتح ذلك الباب أمام إجراءات صارمة، من أبرزها تجميد أصول أي فرع مصنف داخل الولايات المتحدة، وملاحقة الأفراد المرتبطين به بتهم الانتماء إلى منظمة إرهابية، وهو ما يعني أنّ أي نشاط أو تواصل مالي أو تنظيمي مع هذه الفروع سيصبح تحت المجهر القانوني الأمريكي.

لماذا هذه الفروع تحديدًا


ركز القرار الأمريكي على فروع الجماعة في مصر ولبنان والأردن، وبررت الإدارة الأمريكية هذا التركيز بأن هذه الفروع – وفق بيانات رسمية – تقدم دعمًا مباشرًا أو غير مباشر لفصائل مصنفة إرهابية، وعلى رأسها حركة حماس.


جاء في البيان الرئاسي أن "الشبكة العابرة للحدود لجماعة الإخوان تسهم في تغذية الإرهاب والتحريض ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها". كما أشار البيت الأبيض إلى "دور الجناح العسكري لفرع الإخوان في لبنان في المشاركة في هجمات عقب السابع من أكتوبر، بالتنسيق مع حماس وحزب الله".


أما الفرع الأردني، فاتهمته الإدارة بـ"تقديم دعم مادي للجناح العسكري لحماس"، بينما أشير إلى أن أحد القياديين المصريين دعا إلى شن هجمات ضد مصالح أمريكية عقب التصعيد الإقليمي الأخير.

السياق الزمني.. توقيت ليس صدفة


يرى مراقبون أن توقيت الخطوة مرتبط مباشرة بتسارع الأحداث في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد هجوم السابع من أكتوبر وما تلاه من تصعيد واسع بين إسرائيل وفصائل مسلحة متعددة.


تعتبر واشنطن أن أي جهة قد تسهم في تمويل أو دعم هجمات على إسرائيل تمس مباشرة مصالحها الاستراتيجية، ومن ثمّ، فإنّ تصنيف بعض فروع الإخوان يأتي ضمن جهد أمريكي لإعادة ضبط خريطة التحالفات وموازين القوى في المنطقة.


ليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها ملف تصنيف الإخوان داخل واشنطن، فمنذ سنوات، تبنى نواب جمهوريون مقترحات مشابهة، وسبق لترامب خلال ولايته الأولى أن ضغط في الاتجاه ذاته، قبل أن تتعثر تلك الجهود لأسباب سياسية وقانونية.


وفي مطلع ولايته الثانية، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن الإدارة تدرس بالفعل هذه الخطوة، وهو ما مهّد لصدور الأمر التنفيذي الأخير، كما شهدت الولايات الأمريكية نفسها تحركًا مشابهًا، بعد أن صنّف حاكم ولاية تكساس الجماعة ككيان إرهابي على مستوى الولاية.

تحولات إقليمية موازية


لا يمكن فصل القرار الأمريكي عن سلسلة إجراءات عربية ودولية سبقت الخطوة، الأردن كان قد اتخذ قرارًا حاسمًا في أبريل 2025 بحظر نشاط الجماعة وإغلاق مقارها، متهمًا إياها بحيازة سلاح والتخطيط لهجمات تمس أمن الدولة.


وفي أكتوبر، صدرت أحكام بالسجن بحق مجموعة مرتبطة بالجماعة على خلفية تهم تتعلق بـ"محاولات تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة".


كما تُواصل دول مثل مصر والسعودية والإمارات وضع الإخوان على قوائم الإرهاب، وهو ما يخلق بيئة سياسية وإقليمية تُدعم توجه واشنطن ضد الجماعة.


حتى في أوروبا، بدأت فرنسا بتشديد مراقبتها للجماعات المرتبطة بالإسلام السياسي، بعدما اعتبرتها تهديدًا للتماسك المجتمعي، وطلب الرئيس ماكرون إعداد مقترحات للتعامل معها.

تداعيات القرار المحتملة


يرى د. محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية، أنّ تبعات الخطوة الأمريكية قد تشمل، تشديد الرقابة المالية عالميًا على أي كيانات ترى واشنطن أنها مرتبطة بالجماعة.


وأضاف المنجي - في حديثه لـ"العرب مباشر" - أن القرار سيكون سببًا رئيسيًا لتعقيد المشهد السياسي في دول تشهد وجودًا اجتماعيًا أو سياسيًا للإخوان، كالأردن والمغرب وتونس، بالإضافة إلى زيادة التوتر داخل العلاقات الأمريكية مع بعض الدول التي قد يوجه إليها اتهامات باحتضان أو دعم شخصيات مرتبطة بالفروع المستهدفة.


وشدد المنجي على ضرورة الانتباه إلى طرق الجماعة البديلة، وتحوّلها إلى العمل بشكل أكثر سرية إذا أُغلقت أمامها القنوات التنظيمية والسياسية، مؤكدًا أن الخطوة قد تكون بداية فصل جديد في علاقة واشنطن بالكيانات العابرة للحدود، مستفيدة من السياق الإقليمي المضطرب لإعادة تشكيل سياسة أمنية جديدة تعتمد على "التصنيف المبكر" لأي جهة يُشتبه بأنها تملك روابط مع جماعات مسلحة.