يمنيون.. بوادر تحركات قبلية ضد الحوثيين في الحديدة تشعل الشرارة الأولى للتغيير؟

يمنيون.. بوادر تحركات قبلية ضد الحوثيين في الحديدة تشعل الشرارة الأولى للتغيير؟

يمنيون.. بوادر تحركات قبلية ضد الحوثيين في الحديدة تشعل الشرارة الأولى للتغيير؟
ميليشيا الحوثي

وسط حرب أنهكت البلاد لسنوات، يعيش الشعب اليمني معاناة يومية مع السياسات الاقتصادية والمالية التي تفرضها جماعة الحوثي، والتي حوّلت حياتهم إلى سلسلة متواصلة من الأزمات، فبينما تستنزف الجبايات موارد المواطنين في مناطق سيطرتها، تزداد الأوضاع المعيشية تدهورًا، لتنعكس آثارها مباشرة على الفقراء والشرائح الأكثر هشاشة، وفي الحديدة تحديدًا، تجلت المفارقة القاسية، الميناء الذي يعد شريان اليمن الغذائي تحول إلى أداة ابتزاز اقتصادي، بينما بقي سكان المحافظة محرومين من أبسط الخدمات الأساسية.

أرقام مفزعة


تكشف البيانات الموثقة حجم المأساة التي يعيشها اليمنيون منذ سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة، فبحسب تقارير الأمم المتحدة، يعيش 80% من السكان – أي ما يقارب 24 مليون يمني – تحت خط الفقر، فيما يواجه 17 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي. 

وفي قطاع العمل، ارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات قياسية تجاوزت 88%، ما جعل ملايين الشباب بلا مصدر دخل وفقًا لـ"رويترز".

كما أن الانكماش الاقتصادي الناتج عن سياسات الجماعة أدى إلى فقدان مئات الآلاف من الوظائف، ودفع كثيرًا من الأسر إلى خيارات قاسية، منها تجنيد أطفالهم مقابل رواتب زهيدة أو الانخراط في أنشطة غير مشروعة.

أما في القطاع الصحي، فتشير تقارير المنظمات الدولية، إلى أن نحو نصف المرافق الصحية في اليمن خرجت عن الخدمة بسبب الإهمال ونقص التمويل، ما جعل الملايين محرومين من أبسط الخدمات الطبية. 

وفي قطاع الأراضي، صادرت الميليشيا 1.2 مليون قطعة أرض في محافظات متعددة بينها الحديدة وحجة؛ ما أدى إلى تشريد آلاف المزارعين وحرمانهم من مصادر رزقهم. 

وعلى صعيد الأموال العامة، تؤكد تقارير حكومية، أن الحوثيين استولوا على أكثر من 100 مليار دولار من مختلف القطاعات، بينها 20 مليار دولار من الاتصالات و9 مليارات دولار من أموال البنوك.

هذه الأرقام تعكس ليس فقط حجم الفساد والنهب الممنهج، بل أيضًا حالة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يهدد مستقبل البلاد ويعمق المعاناة اليومية للمواطن اليمني.

تصاعد الغضب الشعبي


من جانبه، يقول الناشط اليمني علي ناصر العولقي: إن السياسات الاقتصادية والإدارية التي انتهجتها جماعة الحوثي في الحديدة "أثبتت فشلها الذريع، بعدما كبّدت المحافظة خسائر جسيمة انعكست مباشرة على حياة المواطنين، خصوصًا في مجالات الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والرعاية الصحية، لتصبح الحديدة اليوم في صدارة المناطق اليمنية الأكثر تضررًا وسوءًا.

وأضاف العولقي -في تصريح خاص لـ"العرب مباشر"-، أن هذا التدهور الحاد في البنية التحتية والأوضاع المعيشية أعاد المحافظة إلى الوراء أكثر من خمسين عامًا، وأفرز حالة متصاعدة من الغضب الشعبي والاستياء الواسع.

 وأوضح، أن هذه الحالة لم تعد تقتصر على شكاوى فردية، بل بدأت تتحول إلى بوادر تحركات اجتماعية وقبلية منظمة ترفض السياسات الحوثية التي أرهقت السكان وزادت من معاناتهم.

وأكد، أن هذه المؤشرات مجتمعة تعكس تحديًا متناميًا يواجه سلطة الحوثيين في الحديدة، قد يقوض قبضتها على المحافظة في المستقبل القريب، ويفتح الباب أمام تحولات جوهرية في المشهد المحلي والسياسي، خصوصًا إذا استمرت معاناة المواطنين دون حلول جذرية أو استجابة دولية فاعلة.

مصدر أزمات متواصلة


في السياق ذاته، يقول الناشط اليمني صهيب الحميري: إن الشعب اليمني يدفع اليوم ثمنًا باهظًا لسياسات الحوثيين التي أنهكت الاقتصاد في كل مناطق سيطرتهم، أما أبرز الخاسرين فكانوا في الحديدة، حيث حولت سياسات الحوثي أهم موانئ اليمن من شريان حياة إلى مصدر أزمات متواصلة، وأضاف أن الخسائر الاقتصادية للمحافظة تجاوزت حاجز المليار دولار، وهو ما انعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين.

وأوضح الحميري -في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن الخدمات الأساسية باتت في حالة انهيار شبه كامل؛ فالكهرباء لا تصل سوى لساعات محدودة، فيما ارتفعت تكلفة المياه إلى مستويات تفوق قدرة معظم الأسر، أما القطاع الصحي فيعيش وضعًا بالغ الخطورة يهدد حياة آلاف المرضى.

وأشار إلى أن هذه المأساة تكشف إصرار الحوثيين على استغلال مقدرات الحديدة دون أي اعتبار لمعاناة سكانها، وبرغم القبضة الأمنية الصارمة، تتنامى حالة من الغضب الشعبي في تهامة والحديدة خصوصًا، واليمن عمومًا، وختم مؤكدًا أن استمرار هذا النهج قد يحوّل الرفض الاجتماعي إلى قوة حقيقية قادرة على زلزلة سلطة الحوثيين وفتح الباب أمام استعادة الحديدة لدورها ومكانتها الطبيعية.