تحقيقات تكشف سلسلة أخطاء قاتلة في الأسطول الأمريكي خلال معارك البحر الأحمر

تحقيقات تكشف سلسلة أخطاء قاتلة في الأسطول الأمريكي خلال معارك البحر الأحمر

تحقيقات تكشف سلسلة أخطاء قاتلة في الأسطول الأمريكي خلال معارك البحر الأحمر
معارك البحر الأحمر

كشفت تقارير تحقيقية جديدة عن سلسلة من الحوادث الكبرى التي تعرّضت لها البحرية الأمريكية خلال الحملة العسكرية الواسعة التي قادتها الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي في اليمن، مشيرة إلى أن أحد أكثر الاشتباكات البحرية المتواصلة ضراوة منذ الحرب العالمية الثانية ترك آثارًا واضحة على جاهزية السفن وقدرات الأفراد، وأسفر عن خسائر مالية تجاوزت مئة مليون دولار، وفقا لما نقلته صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية.


وتابعت أن التقارير الأربعة التي نُشرت الخميس تناولت حادثة إطلاق نار صديقة وقعت في ديسمبر 2024 عندما أطلقت الطراد جيتيسبيرغ النار على مقاتلتين تابعتين لحاملة الطائرات هاري إس. ترومان، ما أدى إلى إسقاط إحداهما. 


كما تناولت التحقيقات حادث اصطدام وقع بين الحاملة نفسها وسفينة تجارية، بالإضافة إلى فقدان مقاتلتين أخريين من طراز متعدد الملايين نتيجة حوادث مختلفة خلال العام الحالي.

ضغط العمليات وإرهاق الأطقم


سلطت التقارير الضوء على ظروف تشغيلية معقدة عاشتها حاملة الطائرات خلال تلك الفترة، إذ كانت تتعرض بشكل متكرر لهجمات صاروخية من الحوثيين، إلى جانب مهام عملياتية أخرى فاقمت الضغط على قادتها. 


وتشير النتائج إلى أن قائد السفينة وملاحها كانا يعانيان من إرهاق شديد جراء قلة النوم في منتصف فترة انتشار امتدت لثمانية أشهر بدلًا من ستة أشهر كانت مقررة.


أحد التقارير أشار إلى أن شدة العمليات القتالية أدت في بعض أقسام السفينة إلى حالة من اللامبالاة لدى البحارة، وأن بعضهم فقد الشعور بمدى أهمية دوره في المهمة.


الحوادث الأربعة، التي كان من الممكن تفاديها، تسببت في خسائر للبحرية الأمريكية بنحو 100 مليون دولار، تمثلت في فقدان ثلاث مقاتلات وأضرار لحقت بحاملة الطائرات إضافة إلى إصابات متعددة بين البحارة. ورغم عدم تسجيل وفيات، إلا أن بعض الحوادث كانت تعتمد على ثوان قليلة من رد الفعل الفوري.

نقطة تحول وتحذير للبحرية


وأكدت الصحيفة العبرية أن التحقيق المتعلق باصطدام الحاملة بالسفينة التجارية أوضح أنه لو وقع الاصطدام على مسافة مئة قدم فقط إلى الأمام لكان من المحتمل أن يخترق الاصطدام مقصورة نوم تضم 120 بحارًا. 


وأفاد التقرير بأن قائد الحاملة آنذاك، ديف سنودن، تمكن من تقليل زاوية الاصطدام وتأخير لحظة وقوعه في اللحظات الأخيرة، مما قلل من حجم الأضرار وتفادى خسائر بشرية محتملة.


ووصف خبراء هذه الحوادث بأنها بمثابة جرس إنذار للبحرية الأمريكية، مشيرين إلى أن القادة والقوات واجهوا متطلبات تتجاوز الحدود الطبيعية، وأن السفن عملت عند أقصى قدر من الجهد دون قدرة كافية على التعافي.

حملة ضد الحوثيين تستنزف القدرات


بدأت الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في أكتوبر 2023 بعد إطلاق الجماعة صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه سفن في البحر الأحمر على خلفية الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة. 


واستمرت العمليات خلال عهدي الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، وصولًا إلى حملة قصف استمرت شهرًا مطلع العام الحالي، وشهدت مشاركة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيت بمعلومات عملياتية عبر تطبيق سيغنال، وهو إجراء اعتبره المفتش العام للبنتاغون مخاطرة أمنية رغم امتلاك الوزير صلاحية رفع السرية.

مساءلة غامضة بعد الحوادث


لم توضح التقارير ما إذا كانت البحرية قد اتخذت إجراءات تأديبية بحق الضباط والبحارة المسؤولين، إذ تم حجب أجزاء كبيرة من هذه الأقسام. لكن البحرية أعلنت علنًا إقالة القائد سنودن بعد أسبوع من حادث الاصطدام بالسفينة التجارية. فيما أكد مسؤولون أن إجراءات مساءلة اتُّخذت بحق المشاركين في الحوادث الأربعة دون تقديم تفاصيل إضافية.


يرى محللون أن جزءًا من المشكلة يعود إلى إرهاق القوات وتكليفها بمهام تفوق قدراتها، إضافة إلى أجواء تهديد مستمرة فرضتها الهجمات الحوثية.

تفاصيل الحوادث الأربع


التحقيقات ركزت جميعها على حاملة الطائرات هاري إس. ترومان، التي وصلت إلى منطقة العمليات في ديسمبر 2024 كثالث حاملة طائرات تُرسل إلى المنطقة.


وفي أعقاب تنفيذ الحاملة أول ضربة دفاعية ضد الحوثيين في 22 ديسمبر 2024، تعاملت القطع البحرية التابعة لها مع هجمات صاروخية وطائرات مسيرة. 


وفي خضم الفوضى، أخطأت طراد جيتيسبيرغ في التعرف على مقاتلات أمريكية من طراز F/A-18F وظنت أنها صواريخ معادية، فأطلقت النار عليها. وألقى التحقيق باللوم على ضعف التدريب واعتماد غير دقيق على أنظمة تقنية.


حادث الاصطدام في قناة السويس: بعد زيارة مرفئية، كانت الحاملة متجهة مجددًا إلى البحر الأحمر عبر الملاحة المزدحمة قرب قناة السويس. وبسبب التأخر عن الجدول الزمني، اتخذ أحد الضباط قرارًا بالإبحار بسرعة اعتبرها المحققون غير آمنة، إذ كانت الحاملة تحتاج لمسافة تزيد عن ميل ونصف للتوقف.

ومع دخول سفينة تجارية في المسار، فشل الضابط في اتخاذ الإجراء المناسب لتجنب الاصطدام، وتم تحميله المسؤولية الأساسية عن الحادث.


فقدان مقاتلة خلال مناورة تفادي صاروخ: بعد العودة إلى البحر الأحمر، كانت السفينة تنفذ عمليات قتالية يومية. وأثناء مناورة حادة لتفادي صاروخ حوثي، انزلقت مقاتلة كانت تُنقل داخل الحظيرة وسقطت في البحر رغم محاولات البحار داخل الطائرة استخدام المكابح.


وأشار التحقيق إلى أن أرضية السطح كانت أكثر انزلاقًا بسبب عدم القدرة على القيام بعمليات تنظيف دورية نتيجة وتيرة القتال المرتفعة.


تحطم مقاتلة أثناء الهبوط: في مايو، سقطت مقاتلة من طراز F/A-18F في البحر أثناء محاولة الهبوط بعد انقطاع الكابل المخصص لإيقاف الطائرة.


كشف التحقيق أن النظام كان يفتقد جزءًا أساسيًا بسبب ضعف الصيانة، ما دفع قائد مجموعة الحاملة إلى اعتبار مستوى الصيانة قد تدهور إلى حد الفشل التام، في حين أشار المحققون إلى أن أفراد الصيانة كانوا يعانون صعوبة في موازنة المهام القتالية والمتطلبات الفنية.