النداء الأخير لإنقاذ اليمن.. منظمات دولية تحذر من كارثة جماعية

النداء الأخير لإنقاذ اليمن.. منظمات دولية تحذر من كارثة جماعية

النداء الأخير لإنقاذ اليمن.. منظمات دولية تحذر من كارثة جماعية
ميليشيا الحوثي

مع تصاعد أصوات الجوع في أرجاء اليمن، تتوالى التحذيرات من أزمة إنسانية غير مسبوقة تهدد ملايين السكان بالموت جوعًا أو مرضًا، في وقت يجتمع فيه قادة العالم في الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة أزمات الكوكب، يطلق تحالف يضم 47 منظمة دولية نداءً عاجلًا يطالب بإنقاذ اليمن قبل فوات الأوان.

المشهد الإنساني قاتم، أرقام المجاعة تتصاعد، الأطفال ينامون على بطون خاوية، والفيضانات والأوبئة تجرف ما تبقى من أمل في النجاة، ومع استمرار النزاع الداخلي وانهيار الاقتصاد وتراجع المساعدات الإنسانية، تبدو قدرة اليمنيين على الصمود أضعف من أي وقت مضى، الرسالة واضحة، من دون تحرك سريع ومنسّق، قد تتحول الأزمة إلى كارثة جماعية تُسجَّل في التاريخ بوصفها أسوأ مجاعة يشهدها القرن. 

 خطر الجوع


لم يعد اليمن مجرد عنوان في نشرات الأخبار، بل تحول إلى جرح مفتوح على خريطة العالم، جرح يزداد نزيفًا مع كل يوم يمر بلا تدخل فعّال.

 ففي بيان مشترك صدر مؤخرًا، أطلقت 47 منظمة دولية ناقوس الخطر محذرة من أنّ "خطر الجوع" بات يهدد حياة أكثر من 17 مليون يمني، بينهم 41 ألفًا يواجهون مستويات كارثية من الجوع، فيما يعاني 2.4 مليون طفل دون الخامسة من سوء تغذية حاد قد يفضي إلى الموت ما لم يتلقوا العلاج والدعم الغذائي العاجل.

هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات صامتة، فهي تعكس تجارب بشرية مؤلمة، حيث يضطر الآباء إلى حرمان أنفسهم من الطعام ليتركوا الفتات لأطفالهم، بينما يزداد الصغار مرضًا وهزالًا في ظل غياب الرعاية الطبية الكافية، ووفقًا للأمم المتحدة، واحدة من كل خمس أسر يمنية تقضي يومًا كاملًا بلا طعام، في مشهد يختزل مأساة بلد انزلق إلى حافة الانهيار.

العوامل الميدانية تزيد الوضع سوءًا، السيول الأخيرة التي اجتاحت أجزاء واسعة من البلاد أودت بحياة وإصابة 157 شخصًا ودمرت أراضي زراعية ومنازل، تاركة أكثر من 50,600 أسرة – بينها آلاف النازحين – بلا مأوى ولا مصدر دخل. هذه الكارثة الطبيعية جاءت لتضيف طبقة جديدة من المعاناة فوق تراكمات الحرب المستمرة منذ عقد.

بؤر تفشي الأوبئة


ولا تقف الأزمة عند حدود الجوع وحده، بل تمتد إلى تفشي الأمراض. فقد رُصدت أكثر من 58 ألف حالة يُشتبه بإصابتها بالكوليرا والإسهال المائي الحاد، إضافة إلى تسجيل 163 وفاة حتى نهاية يوليو الماضي، ما جعل اليمن أحد أكثر بؤر تفشي الوباء في العالم.

 إلى ذلك، تسجل حالات حمى الضنك ارتفاعًا مقلقًا مقارنة بالعام الماضي، في حين تعيق محدودية التمويل جهود الاستجابة والرصد، ما يعني أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى بكثير، وذلك وفقًا لعشرات المنظمات الإغاثية من بينها أسماء دولية ومحلية بارزة، مثل: "أوكسفام"، "كير"، "المجلس النرويجي للاجئين"، "إنقاذ الطفولة"، و"إنترسوس"، في ظل تزايد مؤشرات الخطر التي تتهدد حياة ملايين اليمنيين، حيث تواجه الأزمة أسوأ مستويات التمويل منذ عقد من الزمن.

جرائم الحوثي


التدهور الأمني يضاعف من حجم الكارثة، الهجمات على المدنيين والبنية التحتية لم تتوقف، وسُجّل خلال عام 2025 أكثر من 880 قتيلًا وجريحًا من المدنيين، إضافة إلى أضرار كبيرة في شبكات المياه والكهرباء والطرقات.

أما موجة الاعتقالات الحوثية الأخيرة التي طالت موظفي الأمم المتحدة، فقد أدت إلى عرقلة وصول المساعدات المنقذة للحياة، ما دفع المنظمات الإنسانية إلى التحذير من انهيار كامل لخطوط الإمداد إذا لم تُضمن حرية الحركة للعاملين الإنسانيين.

وبحسب البيان، فأزمة التمويل تشكل الحلقة الأضعف في هذا المشهد الكارثي، خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025 تعاني من عجز هو الأدنى خلال عقد، إذ لم يتجاوز التمويل المخصص حتى سبتمبر مستوى يُمكن من تغطية نصف الاحتياجات، ومن أصل 19.5 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدة، لا تستهدف الخطة سوى 10.5 مليون فقط، ما أجبر وكالات الإغاثة على اتخاذ قرارات قاسية توصف بـ"أخذ الطعام من الجائع لإطعام من يتضور جوعًا".

النداء المشترك للمنظمات يذهب إلى ما هو أبعد من طلب المساعدات العاجلة؛ فهو يدعو إلى تبني مقاربة شاملة تدمج بين الإغاثة الطارئة وبرامج التعافي طويل الأمد، بما يشمل دعم سبل العيش، وتأهيل البنية التحتية الأساسية، وتمكين المجتمعات من كسر دائرة الاعتماد المزمن على المساعدات. 

كما يطالب البيان باستخدام كل النفوذ الدبلوماسي الممكن لضمان حماية المدنيين ورفع القيود عن تدفق المساعدات.