التمويل الأوروبي والإخوان.. هل تُستغل الأموال العامة لأجندات سياسية؟
التمويل الأوروبي والإخوان.. هل تُستغل الأموال العامة لأجندات سياسية؟
في ظل الاهتمام الأوروبي المتزايد بالشفافية والمساءلة في صرف الأموال العامة، كشف تقرير جديد صادر عن مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين عن موجة من التمويل الموجه لمنظمات يُشتبه في ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، تحت مظلة مشاريع اجتماعية وأهداف تبدو نبيلة، مثل الإدماج الاجتماعي ومكافحة التمييز وتمكين الشباب.
التقرير يطرح تساؤلات عميقة حول مدى توافق هذه المنظمات مع القيم الديمقراطية التي يُفترض أن تحميها مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
الجهات المستفيدة والتمويل الضخم
أعد التقرير عضو البرلمان الأوروبي السويدي تشارلي فايمرز وحمل عنوان "كشف الإخوان"، مؤكدًا أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي وحكومات وطنية وسلطات إقليمية قامت على مدى سنوات بتحويل ملايين اليوروهات إلى هذه المنظمات.
ويستعرض التقرير أبرز الجهات المستفيدة، من بينها، منظمة إسلاميك ريليف العالمية، والتي حصلت على أكثر من 40 مليون يورو منذ 2007، وشبكة يوروبين نيتوورك أغينست ريسيزم، التي حصلت على نحو 23 مليون يورو، بالإضافة إلى اتحاد يوروبين مسلم يونيون وفوروم أوف يوروبين مسلم يوث آند ستودنت أورغنايزيشنز.
مزاعم واستغلال التمويل
ويشير فايمرز إلى أن هذه المنظمات "تستخدم التمويل الأوروبي لدفع أجندة انعزالية قد تقوض القيم الأوروبية مثل الحرية والديمقراطية والمساواة"، مؤكدًا استمرار بعض هذه الجهات في تلقي الدعم رغم مزاعم حول صلاتها بحركات متطرفة وتصريحات قيادية مثيرة للجدل، خصوصًا في حالة "إسلاميك ريليف وورلدوايد".
الردود والدفاع عن التمويل
في المقابل، يرى مؤيدو نموذج التمويل الحالي، أن هذه المنظمات تؤدي دوراً مهماً في تعزيز الإدماج الاجتماعي، وأنه لا توجد أدلة قاطعة على استخدام الأموال في أنشطة غير قانونية. لكن التقرير يحذر من أن القضية تتجاوز الجانب القانوني، لتصل إلى مدى التوافق مع القيم الديمقراطية، مشيرًا أن معايير الاتحاد الأوروبي عند تمويل الشركات الخاصة أكثر صرامة مقارنة بالمنظمات المدنية ذات النشاط السياسي.
تحذير من نمط ممنهج
ويختم التقرير بتحذير صارم، مفاداه أن ما يحدث ليس مجرد أخطاء إدارية، بل نمط ممنهج يمكن أن يهدد التماسك الديمقراطي في أوروبا.
ويقول فايمرز: "قطع التمويل والشرعية عن هذه المنظمات ليس خيارًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي وديمقراطي".
تحذير من تأثير الإخوان على المجتمعات الأوروبية
في هذا السياق.. قال الدكتور أحمد عيد، الباحث المتخصص في الشؤون الإسلامية والسياسات المتعلقة بالمنظمات الدينية: إن التقرير الصادر عن مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين يوضح "خطر وجود شبكات مرتبطة بتنظيم الإخوان داخل أوروبا، تستفيد من التمويل العام لتعزيز أجندات سياسية ودينية بعيدة عن القيم الديمقراطية الأوروبية".
وأضاف عيد -في تصريحات للعرب مباشر-: "هذه المنظمات، رغم تقديمها لمشاريع تبدو اجتماعية أو ثقافية، إلا أنها في الوقت ذاته تروج لأفكار انعزالية، وتعمل على تكريس نفوذ سياسي وديني للإخوان، بما يهدد التماسك الاجتماعي والمبادئ الديمقراطية داخل الاتحاد الأوروبي".
وأشار عيد إلى أن التمويل الأوروبي لمنظمات مثل إسلاميك ريليف العالمية وشبكة يوروبين نيتوورك أغينست ريسيزم "يعطي شرعية مالية وسياسية لهذه الجهات، ما يمكن أن يُستخدم في نشر أفكار متطرفة أو توجيه المجتمعات نحو سياسات تمييزية أو انعزالية".
وأضاف: "القضية ليست مجرد شرعية قانونية للأنشطة، بل مدى انسجام هذه المنظمات مع قيم الحرية والمساواة والديمقراطية، وما إذا كانت أموال الاتحاد الأوروبي تُستغل لتقوية حركة جماعات مثل الإخوان، التي لها تاريخ من التأثير على السياسات الداخلية لبعض المجتمعات".
وأكد عيد، أن "التساهل في الرقابة على تمويل هذه المنظمات يعزز قدرة الإخوان على ممارسة نفوذ خفي، ينعكس على برامج التعليم والمجتمع المدني، ويخلق أرضية خصبة للأفكار المتطرفة.
لذلك، من الضروري قطع التمويل عن هذه الجهات، ووضع آليات صارمة للتأكد من أن أي دعم مالي يتم توجيهه لمنظمات تلتزم بالقيم الأوروبية، وليس لتقوية أجندات دينية أو سياسية خارج نطاق القانون والديمقراطية".

العرب مباشر
الكلمات