دمشق تسابق الزمن لإبرام اتفاق أمني مع إسرائيل لاستعادة الأراضي المحتلة ووقف الهجمات

دمشق تسابق الزمن لإبرام اتفاق أمني مع إسرائيل لاستعادة الأراضي المحتلة ووقف الهجمات

دمشق تسابق الزمن لإبرام اتفاق أمني مع إسرائيل لاستعادة الأراضي المحتلة ووقف الهجمات
الجيش الإسرائيلي

تعمل الحكومة السورية الحالية بقيادة الرئيس أحمد الشـرع على دفع مفاوضات مع إسرائيل تهدف إلى انسحاب قواتها من الأراضي السورية التي احتلتها خلال الأشهر العشرة الماضية ووقف الهجمات المتكررة التي زادت من زعزعة الاستقرار. 

وأكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنه رغم الحديث عن قرب الإعلان عن اتفاق أمني بين الطرفين، تظل تفاصيل هذا الاتفاق غير واضحة، ما يثير مخاوف داخلية من إمكانية تقديم تنازلات قد تمس السيادة الوطنية.

الاتفاق المرتقب


أوضح الرئيس أحمد الشـرع -في لقاء جمعه بصحفيين وباحثين في دمشق-، أن حكومته تسعى لاستعادة كل المناطق التي سيطرت عليها القوات الإسرائيلية منذ ديسمبر الماضي دون الدخول في عملية سلام شاملة أو تطبيع للعلاقات، مشيرًا أن الإعلان عن الاتفاق الأمني قد يتم خلال أيام قليلة.

بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد على يد قوات المعارضة بقيادة الشـرع أواخر العام الماضي، تقدمت القوات الإسرائيلية نحو مدن وبلدات في الجنوب السوري مثل أوفانيا، متجاوزة خطوط وقف إطلاق النار التي حددها اتفاق عام 1974، بل وأقامت قواعد عسكرية داخل مناطق كانت خاضعة لرقابة الأمم المتحدة.

تقارير حقوقية عن انتهاكات إسرائيلية


أفاد تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش الأسبوع الماضي، بأن إسرائيل ارتكبت انتهاكات في المناطق المحتلة، شملت الاستيلاء على المنازل وهدمها واعتقالات تعسفية وتهجيرًا قسريًا للسكان، ووصفت المنظمة هذه الممارسات بأنها جرائم حرب تمهيدًا لتوسيع القواعد العسكرية الإسرائيلية هناك.

المحادثات بين الجانبين السوري والإسرائيلي تجري بشكل مباشر بوساطة الإدارة الأمريكية التي تبدي رغبة واضحة في تحقيق اختراقات على صعيد الصلح بين إسرائيل والدول العربية. 

وقد أثنت واشنطن على ما وصفته بـ"مرونة" الحكومة السورية الجديدة في دراسة اتفاق أمني يضمن انسحاب القوات الإسرائيلية ويهدئ التوتر على الحدود.

مواقف متباينة بين تل أبيب ودمشق


في الوقت الذي يبدي فيه الشـرع تفاؤلًا بقرب التوصل لاتفاق، تشير تصريحات المسؤولين الإسرائيليين إلى ترددهم وعدم استعدادهم للانسحاب الكامل من بعض المناطق. 

فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن المفاوضات تحقق تقدمًا لكنه ما زال بعيدًا، فيما نشر وزير الدفاع إسرائيل كاتس صورة لجنود إسرائيليين على جبل الشيخ (حرمون) مؤكدًا عدم نية بلاده الانسحاب منه.

مخاوف داخلية من تنازلات تمس السيادة


يرى بعض النشطاء السوريين، أن حكومة الشـرع، تحت ضغط الأزمة الاقتصادية والاضطرابات الداخلية والتفوق العسكري الإسرائيلي، قد تقدم تنازلات سيادية مقابل تخفيف العقوبات أو تحقيق استقرار نسبي.

 وحذر الناشط المعروف خالد أبو صلاح من أن أي اتفاق يفتقر إلى ضمانات واضحة قد يقيد مستقبل البلاد بدلًا من أن يحميه.

يعاني السكان المحليون في المناطق التي تحتلها إسرائيل من ممارسات يومية تزيد من شعورهم بالمهانة. 

فقد جرفت القوات الإسرائيلية أجزاء من غابات في جباتا الخشب وهدمت مباني في الحميدية، بينما تنتشر الحواجز العسكرية في أوفانيا، حيث رصد السكان دوريات إسرائيلية في مركبات مكشوفة.

وروى الجد نصر مريود كيف اعتقل جنود إسرائيليون حفيديه التوأم البالغين 18 عامًا منتصف الليل دون توضيح أسباب الاعتقال.

استبعاد ملف الجولان في المفاوضات الحالية


أكد الشـرع، أن المحادثات الراهنة لا تتعلق بوضع هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967، ونفى تعرضه لضغوط أمريكية للتعجيل باتفاق، موضحًا أن واشنطن تكتفي بدور الوسيط في الوقت الحالي.

رغم أن الشـرع بدا في الأشهر الأولى من حكمه متحفظًا في انتقاد إسرائيل علنًا، إلا أن الضربات الجوية التي شنتها تل أبيب على مواقع سورية في السويداء في يوليو الماضي دفعته إلى تصعيد نبرته، واعتبر ضربة قرب القصر الرئاسي في دمشق بمثابة إعلان حرب.

في مؤتمر بنيويورك، قال الرئيس السوري: إن المفاوضات مع إسرائيل بلغت مراحل متقدمة وإن أي اتفاق سيتم الإعلان عنه سيحافظ على سيادة سوريا ويلبي المخاوف الأمنية الإسرائيلية في آن واحد. 

وتقول تقارير دولية: إن الحكومة السورية ترى أن توقيع اتفاق أمني قد يكون السبيل الوحيد لتجنب تصعيد إسرائيلي جديد يهدد استقرار البلاد.

دعوات إلى حل عادل يحفظ حقوق السوريين


مع استمرار معاناة السوريين بعد سنوات الحرب، يتطلع كثيرون إلى سلام حقيقي لا يكون على حساب الحقوق التاريخية والقانونية. 

ويؤكد ناشطون، أن أي اتفاق يجب أن يكون مستدامًا وعادلاً ويعكس إرادة الشعب السوري وليس مجرد صفقة اضطرارية تحت ضغط الظروف الراهنة.