الملف البحري الغامض.. من هو عماد أمهز الذي تحولت اعترافاته إلى ورقة ضغط إسرائيلية

الملف البحري الغامض.. من هو عماد أمهز الذي تحولت اعترافاته إلى ورقة ضغط إسرائيلية

الملف البحري الغامض.. من هو عماد أمهز الذي تحولت اعترافاته إلى ورقة ضغط إسرائيلية
عماد أمهز

في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، حيث تتزايد الدعوات الدولية لإلزام إسرائيل بتنفيذ انسحابها من نقاط حدودية متنازع عليها مع لبنان، أعادت تل أبيب فتح أحد أكثر الملفات غموضًا وإثارة للجدل ما تسميه الملف البحري السري لـحزب الله، هذه المرة، لم يأتِ الكشف عبر صور أقمار صناعية أو بيانات استخباراتية مسرّبة، بل عبر اعترافات منسوبة إلى ضابط بحرية مدنية لبناني، تحوّل فجأة إلى بطل رواية أمنية معقّدة، اسم عماد أمهز، الذي لم يكن متداولًا على نطاق واسع، تصدّر العناوين الإسرائيلية بعد نشر مقاطع مصوّرة لاستجوابه، قُدّمت باعتبارها دليلًا على مشروع استراتيجي هجومي كان الحزب يعمل عليه في الخفاء. 

لكن خلف هذه الرواية، تبرز أسئلة سياسية وأمنية أعمق، هل ما كُشف يمثل اختراقًا حقيقيًا لبنية حزب الله، أم أنه فصل جديد في معركة السرديات التي تخوضها إسرائيل لتبرير سياساتها الميدانية؟

 من هو عماد أمهز؟


بحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية مدعومة ببيانات رسمية للجيش، فإن عماد أمهز هو نقيب في البحرية المدنية اللبنانية، يُشتبه بانتمائه إلى حزب الله، وقد جرى اختطافه في عملية وُصفت بـ"الخاطفة" نفذتها وحدة كوماندوز بحرية إسرائيلية في منطقة البترون شمال لبنان، خلال نوفمبر 2024. 

العملية، التي لم تؤكدها السلطات اللبنانية رسميًا آنذاك، عادت إلى الواجهة مع نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو يُظهر أمهز أثناء استجوابه.

إسرائيل تقول: إن أمهز لم يكن مجرد عنصر هامشي، بل شخصية محورية في مشروع بحري سري كان الحزب يعمل على تطويره لسنوات، تحت إشراف مباشر من الأمين العام السابق حسن نصر الله.

هذا المشروع، وفق الرواية الإسرائيلية، لم يكن دفاعيًا، بل هجوميًا، ويستهدف مصالح إسرائيلية وأميركية، خصوصًا في الخارج.

الملف البحري.. بنية مدنية بغطاء عسكري

اللافت في الرواية الإسرائيلية هو التركيز على ما تسميه التمويه المدني، فبحسب تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، فإن حزب الله اعتمد على بنى تحتية مدنية، ومرافق بحرية تجارية، لتدريب عناصره وتنفيذ أنشطة مرتبطة بالمشروع البحري.

ويشير أدرعي إلى أن أمهز كان أحد العناصر الأساسية في "وحدة 7900"، التي تُصنّف إسرائيليًا كوحدة صواريخ ساحلية وبحرية.

وتذهب التقارير الإسرائيلية أبعد من ذلك، بالقول: إن أمهز تلقى تدريبات عسكرية متقدمة في كل من إيران ولبنان، ما يعكس بحسب تل أبيب مستوى التنسيق العابر للحدود داخل ما تصفه بمحور الدعم الإيراني لحزب الله.

اعترافات مصوّرة.. ورسائل متعددة الاتجاهات

في مقطع الفيديو الذي بثه الجيش الإسرائيلي، يظهر عماد أمهز جالسًا في غرفة بيضاء، وخلفه علم إسرائيلي، في مشهد يذكّر بمقاطع سابقة لأسرى أو مختطفين نُشرت لهم تسجيلات مماثلة، خلال الاستجواب، يذكر أمهز أسماء قيادات بارزة في حزب الله، من بينها حسن نصر الله، والقائد العسكري السابق فؤاد شكر، الذي اغتيل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في يوليو 2024.

ويشير أمهز، بحسب التسجيل، إلى أن سرية المشروع كانت عنصرًا أساسيًا لنجاحه، تفاديًا لأي شبهات خلال الرحلات البحرية، كما يوضح أن الهدف الأساسي من العمليات التي كان يشارك فيها هو تأمين خطوط نقل بحرية، تشمل نقل أفراد ومعدات عبر سفن تجارية، بما يتيح تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، خصوصًا في الخارج.

بين الأمن والسياسة.. لماذا الآن؟

توقيت نشر هذه الاعترافات لا يبدو منفصلًا عن السياق السياسي، فإعادة تسليط الضوء على تهديد بحري لحزب الله تأتي في وقت تواجه فيه إسرائيل ضغوطًا متزايدة للانسحاب من خمس نقاط حدودية ما تزال تسيطر عليها.

 ويرى مراقبون، أن إبراز هذا الملف قد يشكّل محاولة لتقديم مبررات أمنية تُستخدم في المحافل الدولية، لتبرير استمرار الوجود العسكري في تلك النقاط.

كما أن التركيز على البعد المدني للمشروع البحري ينسجم مع خطاب إسرائيلي متكرر، يهدف إلى اتهام حزب الله باستخدام المدنيين والبنية التحتية غير العسكرية كغطاء لأنشطته، وهو خطاب لطالما استُخدم لتبرير عمليات عسكرية سابقة في لبنان وغزة.

إسرائيل تقول إنها لا تحتجز عماد أمهز وحده، بل ما لا يقل عن 20 لبنانيًا آخرين، بين مدنيين وأعضاء في حزب الله، اعتُقلوا أو اختُطفوا خلال العمليات البرية في جنوب لبنان، هذا الرقم يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية وإنسانية، تتعلق بمصير هؤلاء، وبالإطار القانوني الذي تحتجزهم إسرائيل بموجبه.

وفي المقابل، يلتزم حزب الله صمتًا رسميًا حيال ما نُشر، مكتفيًا – حتى الآن – بعدم التعليق المباشر على الاعترافات أو على مصير أمهز، وهو صمت يراه البعض جزءًا من استراتيجية عدم منح الرواية الإسرائيلية شرعية إضافية.