مواجهة متوترة بين ترامب وزيلينسكي حول إنهاء الحرب الأوكرانية
مواجهة متوترة بين ترامب وزيلينسكي حول إنهاء الحرب الأوكرانية

شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن، واحدة من أكثر اللقاءات حساسية في الملف الأوكراني منذ اندلاع الحرب، حيث تحوّل الغداء العملي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى مواجهة مشحونة، بعد إصرار ترامب على أن تقدم كييف تنازلات إقليمية لروسيا مقابل إنهاء الصراع، وفق ما أكده مسؤولون أوروبيون مطلعون على تفاصيل الاجتماع، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
توتر وتباين في المواقف
المصادر الأوروبية أوضحت، أن النقاش بين الزعيمين أخذ منحى متوترًا، إذ رفع ترامب صوته أكثر من مرة معبّرًا عن إحباطه من موقف كييف، قبل أن يعلن لاحقًا تأييده لتجميد خطوط القتال الحالية كأساس لتسوية سلمية.
ويأتي هذا الموقف الجديد بعد أسابيع فقط من تصريحات لترامب في نيويورك، أكد فيها أن أوكرانيا قد تتمكن من استعادة أراضيها التي فقدتها لصالح روسيا، إلا أن توجهه الأخير يعكس تحوّلاً واضحًا في رؤيته لمسار الحرب، بالتزامن مع استعداده للقاء مرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة المجرية بودابست.
ضغوط روسية وتفاهمات محتملة
وتشير التقارير إلى أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه ترامب مع بوتين عشية لقائه بزيلينسكي كان له دور محوري في تغيير موقفه، حيث جدد خلال المكالمة قناعته بضرورة أن تتنازل أوكرانيا عن مساحات من أراضيها لإنهاء النزاع.
وأفاد مسؤول أوروبي، أن بوتين قدّم لترامب مقترحًا يتضمن تخلي كييف عن إقليم دونباس شرقي البلاد مقابل حصولها على بعض المناطق التي تسيطر عليها روسيا في الجنوب، مثل: خرسون وزاباروجيا، وهي صيغة وصفها المراقبون بأنها أقل تشددًا من تلك التي طرحها بوتين في قمة ألاسكا في أغسطس الماضي، لكنها ما تزال تمثل خسارة كبيرة لأوكرانيا.
ردود متباينة وتوضيحات من الجانبين
زيلينسكي، الذي أبلغ القادة الأوروبيين لاحقًا بمضمون اللقاء، بدا متشائمًا إزاء موقف ترامب، واصفًا المحادثات بأنها كانت "صعبة وصريحة".
وفي المقابل، حاول مصدر أوكراني التقليل من حدة التقارير الإعلامية التي وصفت الاجتماع بأنه "عاصف"، مؤكدًا أنه لم يحدث أي صراخ بين الطرفين، وأن اللقاء كان في مجمله بنّاءً بعد أن أبدى ترامب موافقته على وقف إطلاق النار عند خطوط التماس الحالية، وهو المقترح الذي أيده زيلينسكي لاحقًا أمام الصحفيين.
البيت الأبيض بدوره أشار إلى تصريحات ترامب التي أدلى بها على متن طائرة الرئاسة، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي يرى أن الحل يكمن في وقف القتال عند خطوط المعارك الحالية، مضيفًا أن "المفاوضات ستكون صعبة إذا بدأ الجانبان في تبادل الأراضي".
الأولويات الأمريكية الجديدة
يبدو أن ترامب، الذي نجح مؤخرًا في التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، بات يعتبر إنهاء الحرب في أوكرانيا أولوية عاجلة على جدول أعماله الدبلوماسي.
وخلال لقائه مع زيلينسكي، شدد على ضرورة وقف القتال بسرعة، معتبرًا أن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد من الدمار والخسائر البشرية.
وفي معرض رده على الانتقادات التي طالت مواقفه المتقلبة، قال ترامب من البيت الأبيض: إنه لم يَعِد بانتصار أوكراني كامل، بل قال إنها "يمكن أن تفوز"، مضيفًا أن الحرب "شيء غريب يحدث فيه الكثير من الأمور الجيدة والسيئة في الوقت ذاته".
فتور أمريكي تجاه الدعم العسكري
مصادر أمريكية مطلعة، كشفت أن اللقاء بين الزعيمين اتسم بالصراحة والحدة في بعض اللحظات، حيث رفض ترامب تزويد أوكرانيا بالصواريخ بعيدة المدى التي كانت كييف تطالب بها، معتبرًا أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد الصراع بدلاً من إنهائه.
كما عبّر ترامب عن قلقه من تكاليف الحرب وتأثيرها خلال فصل الشتاء القارس المقبل، مشيرًا إلى أن الأوضاع الميدانية لا تسمح بمواصلة القتال إلى ما لا نهاية.
وفي المقابل، أكدت السفيرة الأوكرانية في واشنطن، أولغا ستيفانيشينا، أن اللقاء لم يكن سلبيًا أو عدائيًا، بل كان حوارًا مباشرًا حول سبل إنهاء الحرب، مشيرة إلى أن الجانبين توصلا إلى "رؤية واضحة للخطوات المقبلة".
خرائط الحرب وغياب الحماس الأمريكي
المسؤولون الأوروبيون، أوضحوا أن الوفد الأوكراني وصل إلى البيت الأبيض مزوداً بخرائط ميدانية توضح خطوط القتال الراهنة، أملاً في إقناع الرئيس الأمريكي بزيادة الدعم العسكري والاقتصادي، غير أن ترامب لم يُبد اهتمامًا كبيرًا بهذه المعطيات، وأصر على ضرورة تقديم كييف تنازلات إقليمية كشرط لإنهاء الحرب.
وخلال مقابلة مسجلة الأسبوع الماضي، قال ترامب: إن بوتين "سيفوز بشيء ما في النهاية"، مضيفًا أن الواقع الحالي على الأرض يحتم التوصل إلى اتفاق، لأن "الدمار الهائل والخسائر البشرية تجاوزت كل الحدود".