محلل سياسي : إسرائيل تحاول جرّ لبنان إلى مواجهة ميدانية
محلل سياسي : إسرائيل تحاول جرّ لبنان إلى مواجهة ميدانية
تشهد الحدود الجنوبية للبنان حالة من التوتر الميداني المتزايد بعد سلسلة غارات نفذها الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الماضية، استهدفت مواقع داخل الأراضي اللبنانية، في وقت لم يصدر فيه أي رد عسكري مباشر من حزب الله حتى الآن، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كانت المنطقة مقبلة على تصعيد واسع أم أن الأمور ستبقى تحت السيطرة.
وقالت مصادر أمنية لبنانية: إن الطيران الحربي الإسرائيلي كثّف طلعاته الاستطلاعية والهجومية فوق مناطق قريبة من بنت جبيل ومارون الراس والنبطية، واستهدف مواقع يشتبه بأنها تستخدم كمخازن أسلحة أو نقاط مراقبة، مما أدى إلى أضرار مادية من دون تسجيل إصابات بشرية حتى الآن.
في المقابل، لم يعلن حزب الله مسؤوليته عن أي رد، واكتفى بمراقبة التطورات الميدانية، فيما تحدثت مصادر قريبة منه عن أن الحزب “لا يسعى إلى توسيع المواجهة في الوقت الحالي”، لكنه “يراقب بدقة” ما وصفته بـ“الاستفزازات الإسرائيلية المتكررة”.
من جانبها، قالت وسائل إعلام عبرية: إن إسرائيل “ترسل رسائل ردع قوية” للحزب بعد رصد تحركات لعناصره قرب الخط الحدودي، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب في مستوطنات الجليل الأعلى تحسبًا لأي تطور مفاجئ.
ويرى مراقبون، أن صمت حزب الله في هذه المرحلة يحمل دلالات سياسية وأمنية، فقد يكون جزءًا من “ضبط النفس التكتيكي” لتجنب الانجرار إلى مواجهة مفتوحة، خصوصًا في ظل الأوضاع الداخلية اللبنانية المعقدة، بينما تحاول إسرائيل توظيف التصعيد لتحقيق أهداف انتخابية وأمنية داخلية.
وبينما تواصل الأمم المتحدة الدعوات إلى التهدئة وضبط النفس، تبقى الحدود اللبنانية الإسرائيلية على صفيح ساخن، وسط تحذيرات من أن أي خطأ في الحسابات قد يشعل مواجهة لا يريدها أي من الطرفين حاليًا، لكنها قد تندلع في المنطقة
وأكد المحلل السياسي اللبناني د. سامي نادر، أن التطورات الأخيرة في الجنوب اللبناني تعكس محاولة إسرائيلية واضحة لجرّ حزب الله إلى مواجهة مفتوحة، مشيرًا إلى أن الصمت الذي التزمه الحزب خلال الأيام الماضية يأتي في إطار حسابات دقيقة لتجنّب حرب شاملة في توقيت لا يخدم لبنان ولا محور المقاومة.
وقال نادر -في تصريحات للعرب مباشر-: إن الضربات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت مواقع في محيط بنت جبيل والنبطية ومارون الراس، تمثل تصعيدًا ميدانيًا ذا أبعاد سياسية، موضحًا أن تل أبيب “تحاول إعادة رسم قواعد الاشتباك من طرف واحد” عبر اختبار ردّ حزب الله ومدى استعداده للمواجهة.
وأضاف: أن الحزب “يعي تمامًا حساسية الظرف الداخلي اللبناني” في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، ويدرك أن أي حرب جديدة ستفاقم الانهيار المالي وتزيد عزلة لبنان دوليًا، لذلك يفضل حاليًا سياسة ضبط النفس والرد المؤجل بدل الدخول في مواجهة غير محسوبة.
وأشار نادر إلى أن إسرائيل من جانبها تسعى إلى توظيف التصعيد في الجنوب كرسالة ردع لإيران وللقوى الإقليمية، خصوصًا بعد تصاعد التوتر في غزة والبحر الأحمر، لافتًا إلى أن القيادة الإسرائيلية تواجه أيضًا ضغوطًا داخلية تدفعها نحو “تصعيد محسوب” لإظهار القوة أمام الرأي العام.
واختتم المحلل اللبناني تصريحاته بالتأكيد على أن الجنوب اللبناني اليوم على حافة الاشتعال، وأن استمرار الغارات الإسرائيلية دون رد قد يفتح الباب أمام “رد نوعي” من حزب الله في أي لحظة، لكنه سيكون – على الأرجح – محسوبًا ومحدودًا لتفادي الانزلاق إلى حرب مفتوحة.

العرب مباشر
الكلمات