محلل سياسي: تدهور الوضع الإنساني في السودان يكشف فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين

محلل سياسي: تدهور الوضع الإنساني في السودان يكشف فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين

محلل سياسي: تدهور الوضع الإنساني في السودان يكشف فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين
الحرب السودانية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن تصاعد مقلق في خطر الاستغلال والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات في السودان، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية، ونقص خدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية، وانهيار أنظمة الحماية.

وفي تقرير حديث، أوضح الصندوق أنه أجرى ست عمليات تدقيق للسلامة في مجال العنف القائم على النوع الاجتماعي في ولايات كسلا، القضارف، نهر النيل، والنيل الأبيض، حيث أظهرت التقييمات خطراً متزايداً للاستغلال الجنسي، خاصة في ظل الحاجة الملحة للمساعدات ونقص البنية التحتية للصرف الصحي.

كما أظهر تقييم أُجري في ولاية الخرطوم وجود فجوات حادة في تقديم خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي، نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، وانخفاض أعداد الكوادر الطبية، والتراجع الحاد في التمويل.

وأشار التقرير إلى أن معظم مرافق رعاية التوليد الطارئة وحديثي الولادة في الخرطوم إما متوقفة عن العمل أو تعمل بطاقات دنيا، ما يحد من قدرة النساء والفتيات على الوصول إلى الرعاية الأساسية والمساحات الآمنة.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 12.2 مليون شخص، معظمهم من النساء والفتيات، معرضون للعنف القائم على النوع الاجتماعي، نتيجة استخدامه كسلاح حرب، في ظل انهيار أنظمة الحماية وغياب الأمن.

ويُؤكد صندوق السكان أن الاستجابة الإنسانية ما تزال محدودة للغاية، حيث لم تتجاوز نسبة الوصول إلى المحتاجين لخدمات منقذة للحياة 10% فقط، بفعل القيود الأمنية ونقص التمويل.

ورغم هذا الواقع القاسي، نجح الصندوق في تقديم خدمات دعم نفسي وقانوني وتدريب على المهارات المدرة للدخل لـ 31.500 امرأة وفتاة عبر 63 مساحة آمنة يدعمها في 14 ولاية سودانية.

وفي مؤشر آخر على الأزمة الصحية، كشف التقرير عن 243 حالة وفاة أمومية خلال النصف الأول من 2024، تم التحقق من 317 حالة وفاة، وسجلت أعلى المعدلات في الخرطوم وكسلا وغرب كردفان.

ويُقدّر عدد النساء والفتيات في سن الإنجاب ضمن النازحين بـ2.5 مليون، منهن أكثر من 251 ألف امرأة حامل، يتوقع أن تضع نحو 84 ألف مولود خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 64% من سكان السودان (نحو 30.4 مليون شخص) بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في ظل تدهور سبل العيش في المدن والمناطق الريفية، وتراجع الاستجابة الدولية جراء التخفيض الحاد في تمويل برامج الإغاثة.

قال المحلل السياسي السوداني الدكتور إسماعيل إبراهيم، إن ما كشفه صندوق الأمم المتحدة للسكان بشأن تصاعد خطر العنف والاستغلال الجنسي في عدد من ولايات السودان، يمثل ناقوس خطر حقيقياً على أوضاع النساء والفتيات، ويعكس انهيار منظومة الحماية الاجتماعية بشكل شبه كامل.

وأوضح - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - أن تقارير الأمم المتحدة المتكررة تؤكد أن النساء يتحملن العبء الأكبر من النزاع المسلح، حيث يواجهن تهديدات متزايدة بالاستغلال والعنف، إلى جانب فقدان الرعاية الصحية الأساسية، خاصة في ظل تعطل مراكز التوليد ونقص الخدمات الطبية.

وأضاف إسماعيل أن استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب، كما أشارت الأمم المتحدة، هو انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يتعامل مع الأزمة السودانية بحالة من "التراخي الصامت"، رغم المؤشرات الكارثية على الأرض.

وأكد أن الأرقام الواردة في تقرير صندوق السكان – ومنها وجود 2.5 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب بين النازحين، وتوقع ولادة 84 ألف طفل في ظروف غير آمنة – تكشف عن كارثة إنسانية تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا، وليس فقط إصدار بيانات القلق والإدانة.

واعتبر إسماعيل أن ضعف الاستجابة الدولية، وعدم القدرة على الوصول إلى المحتاجين – حيث لم يتجاوز حجم الوصول 10% فقط بحسب التقرير – يفضح فشل آليات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في التعامل مع الأزمات الممتدة، محذرًا من أن الوضع مرشح للتفاقم إذا استمرت الحرب واستمر غياب الدعم الدولي الجاد.

واختتم تصريحاته بالتأكيد على ضرورة الضغط الدولي من أجل وقف القتال، وفتح ممرات آمنة للمساعدات، وضمان حماية الفئات الأكثر ضعفًا، وعلى رأسهم النساء والأطفال.