اتفاق سلام تاريخي بين أذربيجان وأرمينيا.. والإمارات ترحب وتدعم مسار الاستقرار في القوقاز
اتفاق سلام تاريخي بين أذربيجان وأرمينيا.. والإمارات ترحب وتدعم مسار الاستقرار في القوقاز

في مشهد دبلوماسي نادر يعيد رسم ملامح جنوب القوقاز، وقّعت أذربيجان وأرمينيا، الجمعة، اتفاق سلام تاريخي أنهى عقودًا من النزاع الدموي، بوساطة مباشرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب،.
الاتفاق، الذي جاء بعد سلسلة لقاءات مكوكية ومفاوضات معقدة، يتجاوز وقف إطلاق النار التقليدي، ليضع أساسًا لشراكة اقتصادية وأمنية بين البلدين، واشنطن، التي احتضنت القمة في البيت الأبيض، أعلنت التزامها بدعم مسار السلام عبر مشاريع تنموية وتعاون استراتيجي في مجالات الطاقة والتكنولوجيا وأمن الحدود، على وقع هذا الحدث، رحبت الإمارات بحرارة بالاتفاق، مشيدة بدور القيادة الأميركية، ومؤكدة أن الحوار هو الطريق الأمثل لتسوية النزاعات.
بالنسبة للعديد من المراقبين، قد يمثل هذا الاتفاق بداية لمرحلة إقليمية جديدة، تُطوى فيها صفحات الصراع، وتُفتح أخرى مليئة بفرص التنمية والتكامل، في منطقة طالما كانت مسرحًا للتوترات التاريخية بين باكو ويريفان.
وقف القتال إلى الأبد
شهد البيت الأبيض، الجمعة، لحظة تاريخية بتوقيع اتفاق سلام شامل بين أذربيجان وأرمينيا، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطوة وُصفت بأنها الأهم منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في جنوب القوقاز.
وجاء هذا الاتفاق بعد سنوات من القتال المتقطع والتوترات المزمنة، لاسيما حول إقليم ناغورني كاراباخ الذي كان بؤرة النزاع منذ أواخر الثمانينيات.
خلال مراسم التوقيع، أعلن ترامب أن البلدين تعهدا "بوقف القتال إلى الأبد"، والعمل معًا نحو مستقبل مشترك قائم على التعاون الاقتصادي والسياسي.
وأوضح، أن الولايات المتحدة ستزيل القيود عن المعاملات الدفاعية مع أذربيجان، وستوقع اتفاقيات تعاون منفصلة مع البلدين تشمل الطاقة والتكنولوجيا وأمن الحدود والبنية التحتية والتجارة.
مرحلة جديدة
إحدى النقاط البارزة في الاتفاق هي منح الولايات المتحدة حقوق تطوير حصرية لممر عبور استراتيجي في جنوب القوقاز، أطلق عليه اسم "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين"، ما يعكس البعد الجيوسياسي العميق للاتفاق، ويضع المنطقة على خريطة التجارة العالمية بشكل أوضح.
الرئيس الأذري إلهام علييف، الذي وصف يوم التوقيع بأنه "تاريخي"، أكد أن الاتفاق يفتح أمام بلاده فرصًا تجارية واستثمارية غير مسبوقة، ويؤسس لشراكة استراتيجية مع واشنطن.
أما رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، فقد وصف الاتفاق بأنه "رائع جدًا"، مؤكدًا أنه سيعزز الترابط الإقليمي ويحترم سلامة أراضي الطرفين، داعيًا إلى بدء مرحلة جديدة من التعايش السلمي.
اللافت، أن الزعيمين الأذري والأرميني أيدا منح ترامب جائزة نوبل للسلام تقديرًا لدوره في إنجاز الاتفاق.
ورغم الزخم الإيجابي، ما تزال هناك تحديات معلقة، أبرزها ملف ترسيم الحدود، والمطالب الأذرية بتعديل دستور أرمينيا الذي يتضمن دعوة لإعادة توحيد أرمينيا وناغورني كاراباخ، وهي نقطة حساسة في ذاكرة النزاع.
ترحيب ودعم إماراتي
من جانبها، رحبت دولة الإمارات بهذا التطور، معتبرة إياه انتصارًا للدبلوماسية على منطق الصراع، وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، أهنئ إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان ونيكول باشينيان رئيس وزراء جمهورية أرمينيا باتفاق السلام التاريخي الذي جرى توقيعه مؤخرًا في البيت الأبيض، وأثمن دور الولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب في التوصل إلى هذا الاتفاق".
وأضاف -في منشور على حسابه في منصة "إكس"-: "أتمنى أن يكون الاتفاق فاتحة خير لعلاقات مثمرة بين البلدين لمصلحة شعبيهما والسلام في منطقة القوقاز".
وتابع: "دولة الإمارات تدعم كل خطوة على طريق السلام والاستقرار في العالم وتسوية النزاعات بالطرق الدبلوماسية لما فيه الخير والازدهار للجميع".
من جهته، وصف أحمد الصايغ، وزير الدولة الإماراتي، الاتفاق بأنه يعكس إرادة قوية من الطرفين لحل الخلافات عبر الحوار، مثمنًا دور ترامب وفريقه في إنجاح الوساطة.
كما أشار إلى متانة العلاقات الإماراتية مع كل من أذربيجان وأرمينيا، وأهمية فتح صفحة جديدة من التعاون لتحقيق التنمية المشتركة.
تحليليًا، يشير مراقبون إلى أن الاتفاق قد يُعيد رسم موازين القوى في جنوب القوقاز، خاصة مع الانخراط الأميركي المباشر في إدارة شؤون المنطقة عبر مشاريع اقتصادية وأمنية.
كما أن المكاسب المتوقعة من "طريق ترامب" قد تشجع على تعاون أوسع يتجاوز البلدين ليشمل شركاء إقليميين.
غير أن مستقبل الاتفاق سيعتمد على قدرة الطرفين على إدارة القضايا العالقة، وإقناع شعوبهما بجدوى السلام بعد سنوات من الشكوك. فالتاريخ الثقيل للنزاع، ونزوح أكثر من 100 ألف أرمني من كاراباخ بعد العملية العسكرية الأذرية في 2023، ما زالا يلقيان بظلالهما على المشهد.
ومع ذلك، يرى خبراء، أن الانخراط الدولي، وخاصة من قوى مثل الإمارات، قد يسهم في تعزيز ثقة الأطراف، وتحويل الاتفاق من نص على الورق إلى واقع مستدام يغير وجه المنطقة.