محلل سياسي تونسي: سقوط حركة النهضة في 2025 نتيجة طبيعية لمسارها المرتبط بالإرهاب
محلل سياسي تونسي: سقوط حركة النهضة في 2025 نتيجة طبيعية لمسارها المرتبط بالإرهاب
شهد عام 2025 محطة فارقة في المشهد السياسي التونسي، بعدما وصلت حركة النهضة إلى واحدة من أكثر مراحلها تراجعًا وتأزمًا منذ تأسيسها، في ظل تصاعد الاتهامات المرتبطة بضلوعها في قضايا عنف وإرهاب، وتكريسها لخطاب سياسي قائم على التوظيف الأيديولوجي والديني، وهو ما انعكس سلبا على حضورها الشعبي والسياسي داخل البلاد.
وخلال العام، أعادت السلطات التونسية فتح ملفات حساسة تتعلق بمرحلة ما بعد 2011، تضمنت اتهامات بوجود صلات بين قيادات في الحركة وتنظيمات متطرفة، إضافة إلى شبهات تتعلق بالتساهل مع شبكات إرهابية ساهمت في زعزعة الأمن والاستقرار. هذه الملفات، التي ظلت لسنوات محل جدل، عادت بقوة إلى الواجهة مدعومة بتحقيقات قضائية وشهادات جديدة.
وشهد 2025 صدور أحكام قضائية وإجراءات قانونية مشددة طالت عددًا من القيادات البارزة في الحركة، على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب وتمويله أو التستر عليه، إلى جانب قضايا أخرى مرتبطة باغتيالات سياسية هزت الشارع التونسي في سنوات سابقة. وأكدت السلطات أن هذه الخطوات تأتي في إطار فرض سيادة القانون ومحاسبة كل من تورط في تهديد أمن الدولة والمجتمع.
سياسيًا، تُواصل تآكل نفوذ حركة النهضة داخل المؤسسات الرسمية، بعد أن فقدت أي قدرة حقيقية على التأثير في القرار السياسي، في ظل عزلة داخلية ورفض شعبي واسع. وأظهرت مؤشرات الرأي العام خلال 2025 تراجعًا غير مسبوق في ثقة التونسيين بالحركة، التي حمّلها كثيرون مسؤولية جزء كبير من الأزمات الاقتصادية والأمنية التي عرفتها البلاد.
كما شهد العام انقسامات داخلية حادة داخل صفوف الحركة، مع استقالات وتبادل اتهامات بين قياداتها، وسط خلافات حول المواقف السياسية والملفات القضائية المفتوحة. هذه الانقسامات عمقت من حالة الارتباك التنظيمي، وأضعفت قدرتها على إعادة تقديم نفسها كفاعل سياسي شرعي.
وعلى المستوى الإقليمي، تراجع حضور حركة النهضة في المشهد الخارجي، مع تقلص الدعم الذي كانت تحظى به من أطراف إقليمية، في ظل تصاعد الرفض الدولي للتنظيمات ذات المرجعيات المتطرفة، وتشديد الرقابة على أي نشاط سياسي له صلة بالإرهاب.
ويؤكد مراقبون أن حصاد 2025 مثّل نهاية موجعة لحركة النهضة، ليس فقط على مستوى النفوذ السياسي، ولكن أيضًا على مستوى صورتها أمام الرأي العام التونسي، بعدما باتت مرتبطة في الوعي الجمعي بمرحلة من الفوضى والعنف واستغلال الدين في السياسة.
ويرى هؤلاء أن ما جرى يعكس تحولًا واضحًا في مسار الدولة التونسية نحو مواجهة التنظيمات المتهمة بالإرهاب، وبناء مشهد سياسي يقوم على المحاسبة وسيادة القانون.
وقال المحلل السياسي التونسي الدكتور منذر ثابت إن ما شهدته تونس خلال عام 2025 يمثل تتويجًا لمسار طويل من تراجع حركة النهضة، مؤكدًا أن النهاية الموجعة التي وصلت إليها الحركة لم تكن مفاجئة، بل جاءت نتيجة مباشرة لسياساتها وتحالفاتها خلال السنوات الماضية.
وأوضح ثابت لـ"العرب مباشر" أن عودة ملفات الإرهاب والاغتيالات السياسية إلى الواجهة، وإعادة فتحها قضائيا، كشفت للرأي العام حجم المسؤولية السياسية والأخلاقية التي تتحملها الحركة، سواء من خلال التستر أو غض الطرف عن عناصر وتنظيمات متطرفة استغلت المناخ السياسي بعد 2011. وأضاف أن هذه الملفات أسقطت بشكل نهائي الخطاب الذي حاولت النهضة ترويجه عن نفسها كحركة مدنية ديمقراطية.
وأشار المحلل السياسي التونسي إلى أن الإجراءات القضائية التي طالت قيادات بارزة في الحركة خلال 2025 عكست جدية الدولة التونسية في تفكيك شبكات العنف ومحاسبة كل من تورط في تهديد أمن البلاد، لافتًا إلى أن الشارع التونسي بات أكثر وعيًا بخطورة خلط الدين بالسياسة، وهو ما أفقد النهضة قاعدتها الشعبية.
وأكد ثابت أن الانقسامات الداخلية والاستقالات المتتالية داخل الحركة كشفت حالة التفكك التنظيمي، وأثبتت أن النهضة لم تعد قادرة على إعادة إنتاج نفسها سياسيًا. كما شدد على أن تراجع الدعم الإقليمي والدولي للتنظيمات ذات الخلفيات الأيديولوجية المتطرفة ساهم في تعميق عزلتها.
وختم المحلل السياسي حديثه بالتأكيد على أن حصاد 2025 يمثل رسالة واضحة بأن تونس دخلت مرحلة جديدة، تقوم على سيادة القانون ورفض الإرهاب، وأن أي تنظيم يثبت تورطه في العنف أو تهديد الدولة لن يكون له مكان في المشهد السياسي مستقبلًا.

العرب مباشر
الكلمات