غارات إسرائيلية تُخرج مطار صنعاء عن الخدمة.. والحوثيون يتوعدون بالرد
غارات إسرائيلية تُخرج مطار صنعاء عن الخدمة.. والحوثيون يتوعدون بالرد

في تطوّرٍ نوعي يُنذر بتوسّع رقعة الحرب الإقليمية، شنّت إسرائيل هجومًا جويًا واسع النطاق على الأراضي اليمنية، استهدف بشكل مباشر مطار صنعاء الدولي وعددًا من المواقع الاستراتيجية التي تقول تل أبيب إنها تُستخدم من قبل جماعة الحوثي لنقل الأسلحة ومهاجمة إسرائيل.
يأتي هذا التصعيد بعد تصاعد هجمات الحوثيين على إسرائيل والملاحة الدولية، لاسيما في البحر الأحمر، ما دفع إسرائيل إلى كسر الخطوط الحمراء وتوسيع مسرح عملياتها العسكرية خارج حدودها التقليدية، وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الضربات الجوية شملت أكثر من 20 هدفًا، بينها مصنع لإنتاج رؤوس الصواريخ ومحطة كهرباء؛ ما أدى إلى تعطيل مطار صنعاء بالكامل، في سابقة هي الأولى منذ اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، وفيما تؤكد جماعة الحوثي وقوع خسائر بشرية ومادية، يُطرح سؤال جوهري، هل بات اليمن رسميًا ساحة اشتباك مباشر في الحرب الممتدة بين إسرائيل ومحور المقاومة؟
*غارات ليلية تشل مطار صنعاء وتستهدف البنية التحتية*
في خطوة هي استمرار للضربات الاسرائيلية ضد الحوثيين، أعلن الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء، عن تنفيذ سلسلة غارات جوية مركّزة على أهداف داخل الأراضي اليمنية، شملت مطار صنعاء الدولي، قاعدة الديلمي الجوية، مصنع إسمنت في عمران، وميناء الحديدة، بالإضافة إلى منشآت مدنية منها محطة كهرباء ذهبان شمال صنعاء.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه على منصة "إكس"، أن مطار صنعاء "يُستخدم لأغراض إرهابية" من قبل الحوثيين، مشيرًا أنه تم استهداف مبنى الركاب، ومدارج الإقلاع والهبوط، وصالة المسافرين، وبرج المراقبة؛ ما أدى إلى تعطيل المطار بالكامل عن العمل.
وفي تحذير مسبق، دعا الجيش الإسرائيلي المدنيين إلى إخلاء منطقة المطار بشكل عاجل، ناشرًا صورة التقطتها الأقمار الصناعية لموقع الغارات. وتبع التحذير بساعات قصف مكثف، بلغ عدد الغارات فيه نحو 20، استهدفت معظمها المطار ومحيطه.
*رد فعل الحوثيين وخسائر بشرية*
من جانبها، أكدت جماعة الحوثي عبر وسائل إعلامها، سقوط 4 قتلى و39 جريحًا جراء الغارات، بينهم مدنيون.
وأشار الإعلام الحوثي، أن الغارات استهدفت أيضًا مصنع إسمنت في محافظة الحديدة؛ ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 35 آخرين. كما قُتل شخص وأُصيب أربعة في الهجوم على الميناء الرئيسي بالمحافظة نفسها.
ووصفت الجماعة الهجمات بأنها "اعتداء مباشر على السيادة اليمنية" و"تصعيد خطير من جانب الكيان الصهيوني"، متوعدة بالرد.
ويُرجّح أن تتصاعد المواجهات مع إعلان الحوثيين نيتهم مواصلة استهداف إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، رغم الضربات الجوية الإسرائيلية والأميركية.
*خلفية التصعيد.. من غزة إلى البحر الأحمر فاليمن*
الهجمات الإسرائيلية على اليمن تأتي بعد استئناف جماعة الحوثي هجماتها على إسرائيل عقب انتهاء وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحركة حماس.
وقد أطلقت الجماعة، قبل يوم واحد من الضربات، صاروخًا سقط بالقرب من مطار بن غوريون، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل تجاوزًا جديدًا يتطلب ردًا مباشرًا.
في السياق نفسه، سبق للجيش الإسرائيلي أن أعلن عن رصد مسارات نقل أسلحة عبر الموانئ اليمنية، وخاصة ميناء الحديدة ومطار صنعاء، مؤكدًا أن البنية التحتية في تلك المناطق أصبحت أهدافًا مشروعة لعملياته العسكرية.
*التنسيق مع واشنطن وتصعيد متزامن*
اللافت أن الضربات الإسرائيلية جاءت بعد أسابيع من التصعيد الأميركي ضد الحوثيين. فمنذ منتصف مارس، شنت القوات الأميركية أكثر من ألف غارة على مواقع الحوثيين، وفقًا للبنتاغون، وذلك ردًا على هجمات الحوثيين ضد الملاحة الدولية واستهدافها لحاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر.
ويرى مراقبون، أن هذا التناغم بين واشنطن وتل أبيب في استهداف الحوثيين يعكس تحولًا استراتيجيًا في مقاربة التحالف الغربي للهجمات اليمنية، حيث لم تعد تُعامل كأحداث جانبية، بل باتت تعتبر تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والدولي، خصوصًا في منطقة البحر الأحمر الحيوية.
*الرسائل السياسية والعسكرية من الضربة*
الهجوم الإسرائيلي يحمل في طياته عدة رسائل، أبرزها أن إسرائيل مستعدة لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية إلى ما وراء حدودها التقليدية، وصولًا إلى العمق العربي، إذا ما تعرّضت أراضيها أو مصالحها لأي تهديد.
كما يشير أن تل أبيب لم تعد تفرّق بين الجبهات، بل ترى في المحور المناهض لها – من إيران إلى حزب الله فالحوثيين – جبهة واحدة متصلة.
*رسائل مزدوجة*
من جانبه، يعلّق الدكتور محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، على الهجوم الإسرائيلي الأخير قائلاً: "الضربات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء ومواقع يمنية أخرى تُعد تطوراً غير مسبوق في مسار الحرب الممتدة بين إسرائيل ومحور المقاومة، وتحديداً جماعة الحوثي التي باتت تُستخدم كأداة إقليمية في الرد غير التقليدي على السياسات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية".
ويضيف المنجي لـ"العرب مباشر"، ما تقوم به إسرائيل اليوم هو محاولة لفرض معادلة ردع جديدة تتجاوز حدود قطاع غزة، فالقصف الجوي على اليمن يحمل رسائل مزدوجة: الأولى للداخل الإسرائيلي لطمأنة الجمهور بأن الحكومة قادرة على التحرك في العمق الإقليمي، والثانية لطهران بأن وكلاءها باتوا في مرمى الرد العسكري المباشر.
ويتابع: لكن من الناحية الاستراتيجية، فإن هذا التوسع العسكري نحو اليمن قد يورط إسرائيل في صراع ممتد جغرافيًا وسياسيًا، خاصة أن الحوثيين يتمتعون بالقدرة على تهديد الملاحة الدولية ما يمنحهم أوراق ضغط قد تعقّد أي مسعى لتثبيت ردع إسرائيلي طويل الأمد.
وختم المنجي بالتحذير من أن "هذا التصعيد قد يشعل حربًا بالوكالة على أكثر من جبهة، ما لم تُفعّل قنوات دبلوماسية موازية لتقليل التصعيد".