من ثائر إلى كافل.. من هو ناكر الذي عرض دفع نصف كفالة هنيبال القذافي؟

من ثائر إلى كافل.. من هو ناكر الذي عرض دفع نصف كفالة هنيبال القذافي؟

من ثائر إلى كافل.. من هو ناكر الذي عرض دفع نصف كفالة هنيبال القذافي؟
هانيبال القذافي

في مشهد يختلط فيه القانون بالرمزية السياسية، عاد اسم هانيبال القذافي إلى واجهة الأحداث مجددًا، وهذه المرة ليس بسبب قضية الإمام موسى الصدر، بل بسبب كفالة مالية خيالية تجاوزت 11 مليون دولار فرضها القضاء اللبناني لإطلاق سراحه بعد عقد من الاحتجاز. 

وبينما أكد محاميه الفرنسي عجز العائلة عن تسديد المبلغ بسبب العقوبات الدولية، خرج صوت غير متوقع من ليبيا، عبد الله ناكر، أحد رموز ثورة 17 فبراير، معلنًا استعداده لدفع نصف قيمة الكفالة. 

خطوة أثارت دهشة الأوساط السياسية، ليس فقط لأنها صادرة عن أحد معارضي النظام السابق، بل لأنها أعادت طرح سؤال أعمق، هل يسعى ناكر إلى مبادرة مصالحة وطنية شاملة، أم أنها محاولة لإعادة تموضع سياسي في مشهد ليبي مأزوم يبحث عن رموز جديدة.

كفالة ضخمة


أثار قرار القضاء اللبناني بإخلاء سبيل هانيبال القذافي مقابل كفالة مالية قدرها 11 مليون دولار ضجة واسعة، ليس فقط بسبب ضخامتها، بل لأنها وضعت عائلة القذافي مجددًا في قلب جدل سياسي وقانوني يتجاوز حدود لبنان.

فبعد عشر سنوات من توقيفه دون محاكمة، أعلن محاميه الفرنسي لوران بايون أن موكله عاجز تمامًا عن دفع الكفالة، مؤكدًا أن عائلة القذافي تخضع لعقوبات دولية صارمة تمنعها من التعامل المالي أو الوصول إلى أموالها المجمدة في الخارج.

لكن المفاجأة جاءت من داخل ليبيا نفسها، فقد صرّح السياسي عبد الله ناكر، رئيس حزب "القمة" وأحد الوجوه البارزة خلال الثورة الليبية عام 2011، باستعداده لتحمل نصف قيمة الكفالة -أي 5.5 ملايين دولار- من ماله الخاص أو من دعم حزبه، "في بادرة تهدف إلى إعلاء روح الأخوة بين الليبيين، مهما كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم"، على حد تعبيره.

من هو "ناكر"؟


ناكر، المولود عام 1972، كان قد تولى رئاسة ما عُرف بـ"مجلس ثوار طرابلس"، وبرز اسمه خلال مرحلة ما بعد سقوط النظام بصفته من القيادات الميدانية المؤثرة، قبل أن يتجه لاحقًا إلى العمل السياسي المدني.

واليوم، تبدو خطوته تجاه هانيبال وكأنها محاولة لتصحيح مسار الانقسام الليبي، أو على الأقل لتقديم نفسه كصوت للمصالحة في زمن الانقسامات.

من الناحية القانونية، لم يُنهِ قرار القضاء اللبناني الأزمة، فالمحامي الفرنسي لوران بايون أعلن أنه سيطعن في قرار الكفالة، واصفًا المبلغ بأنه "غير مقبول في حالة احتجاز تعسفي كهذه".

وأضاف: أن موكله "لا يمكنه الوصول إلى أي أموال بسبب العقوبات المفروضة على عائلته"، متسائلًا: "من أين له أن يأتي بـ11 مليون دولار وهو في السجن منذ عشر سنوات؟".

أما من الجانب اللبناني، فقد أثار قرار الإفراج المشروط امتعاض عائلة الإمام موسى الصدر التي أصدرت بيانًا قالت فيه إنها "تفاجأت" بقرار إخلاء السبيل، مؤكدة أن "قضيتنا ليست مع هانيبال شخصيًا بل مع تغييب الإمام وأخويه".

وأضاف البيان: أن الإفراج عنه "لا يشكل أي تقدم في مسار الحقيقة"، في إشارة إلى أن القضية ما تزال تراوح مكانها بعد أكثر من أربعة عقود.

قضية الإمام الصدر


القضية تعود جذورها إلى عام 1978، حين اختفى الإمام الصدر ورفيقاه الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين أثناء زيارة رسمية إلى ليبيا، في حادثة ما تزال غامضة.

وتتهم السلطات اللبنانية نظام معمر القذافي بالمسؤولية عن الاختفاء، فيما ظل نجله هانيبال الذي لم يكن قد تجاوز الثالثة من عمره وقتها محورًا للضغط في هذا الملف، بعدما استُدرج إلى لبنان عام 2015 من سوريا، حيث كان لاجئًا سياسيًا.

منذ ذلك الحين، بقي نجل القذافي في الحبس الانفرادي من دون محاكمة، ما جعل من قضيته ملفًا إنسانيًا وقانونيًا شائكًا أكثر من كونه قضائيًا صرفًا. 

قرار الإفراج عنه بكفالة، إذن، لا يُعدّ إنهاءً للقضية، بل خطوة رمزية تُعيدها إلى الضوء من زاوية جديدة: زاوية المال والسياسة، وتُظهر إلى أي مدى بات الملف الليبي متداخلًا مع المشهد اللبناني المعقّد.