تحركات رمزية أم تصعيد جديد.. تفاقم التوترات الأمريكية الروسية النووية

تحركات رمزية أم تصعيد جديد.. تفاقم التوترات الأمريكية الروسية النووية

تحركات رمزية أم تصعيد جديد.. تفاقم التوترات الأمريكية الروسية النووية
الغواصات الأمريكية

في مشهد يوحي بقَدْر من فقدان الهيبة السياسية، وجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه يرد على استفزاز صادر عن مسؤول روسي ثانوي من خلال تصعيد نووي علني على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكد شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن ترامب أمر بإعادة تموضع غواصتين نوويتين أمريكيتين، في خطوة اعتبرها مراقبون استجابة مباشرة لتصريحات ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي الأسبق الذي خرج منذ سنوات من دوائر صنع القرار.

تهديدات جوفاء من ميدفيديف


وتابعت الشبكة الأمريكية، أن ميدفيديف، الذي يصف نفسه في السنوات الأخيرة كأحد أكثر الأصوات المعادية للغرب، شنّ هجومًا على المهلة الزمنية التي حددها ترامب لموسكو من أجل التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، معتبرًا أن كل إنذار جديد يصدر عن واشنطن يمثل خطوة نحو الحرب، ليس مع أوكرانيا، بل مع الولايات المتحدة نفسها.

وفي منشور استفزازي، حذر ميدفيديف من "مدى خطورة يد الموت"، في إشارة إلى نظام الرد النووي التلقائي الذي تعتمده روسيا منذ الحقبة السوفيتية، والذي بإمكانه إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات في حال رُصد هجوم نووي على الأراضي الروسية.

رد أمريكي حاد رغم ضعف التأثير الروسي


وفي المقابل، حاول وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التقليل من أهمية تصريحات ميدفيديف، مشددًا على أنه لا يملك أي سلطة حقيقية في الكرملين، وهو رأي يتشاركه كثير من الروس الذين يعتبرون ميدفيديف شخصية هامشية سياسيًا، بلا صلاحيات فعلية، ناهيك عن اتخاذ قرارات استراتيجية كإطلاق أسلحة نووية.

ورغم ذلك، اختار ترامب أن يرد علنًا على هذه التصريحات التي وصفها بنفسه بـ"الحمقاء"، مُصدِرًا أمرًا بنقل غواصتين نوويتين أمريكيتين إلى مواقع "مناسبة"، في حال كانت تصريحات ميدفيديف أكثر من مجرد كلمات استفزازية، بحسب قوله.

تحركات رمزية لا تغير قواعد الردع النووي


يُذكر أن الولايات المتحدة تنشر عدة غواصات نووية في مختلف بحار العالم، تحمل مئات الرؤوس النووية، وتتمتع بصواريخ ذات مدى يتجاوز آلاف الأميال، ما يجعل إعادة التموضع إجراءً رمزيًا أكثر منه عمليًا، إذ إن قدرة هذه الغواصات على الوصول إلى الأهداف الروسية تبقى ثابتة تقريبًا من أي موقع.

يأتي هذا التصعيد اللفظي في وقت حساس، إذ من المقرر أن يجري المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي يؤدي أيضًا دور الوسيط مع روسيا، جولة جديدة من المحادثات مع القيادة الروسية خلال الأيام المقبلة.

ويحاول ويتكوف الدفع باتجاه هدنة في أوكرانيا قبل انتهاء المهلة التي حددها ترامب لموسكو، والتي تنص على توقيع اتفاق سلام أو مواجهة عقوبات تجارية جديدة تشمل فرض رسوم جمركية مشددة.

ورغم الضغوط الأمريكية، لا يتوقع معظم المحللين أن يتراجع الكرملين عن أهدافه العسكرية المعلنة في أوكرانيا، خاصة وأنه تمسك بها منذ اندلاع الصراع، ما يجعل تصعيد الخطاب النووي غير قادر على تغيير هذا الموقف المتشدد.

خطاب نووي للتغطية


ويرى بعض المراقبون، أن هذا التصعيد النووي المفاجئ قد يُستخدم كأداة لصرف الأنظار عن قضايا داخلية ملحة تواجه الإدارة الأمريكية، من بينها فضيحة إبستين التي عادت للظهور في المشهد الإعلامي الأمريكية، وقد يكون التلويح برفع الجاهزية النووية تجاه روسيا، التي تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم، وسيلة فعالة لطمس النقاشات المحلية الأكثر حساسية.

وأكدت الشبكة الأمريكية، أنه رغم القلق المشروع الذي يثيره أي حديث عن تصعيد نووي بين القوتين النوويتين الأكبر في العالم، إلا أن طبيعة العلاقة بين موسكو وواشنطن، رغم الضغوط الراهنة، لا تشير إلى اقتراب مواجهة عسكرية نووية.