من هو أمجد عيسى.. الرجل الثالث في تسجيلات الأسد والشبل؟

من هو أمجد عيسى.. الرجل الثالث في تسجيلات الأسد والشبل؟

من هو أمجد عيسى.. الرجل الثالث في تسجيلات الأسد والشبل؟
أمجد عيسي

لم يكن اسم أمجد عيسى متداولًا على نطاق واسع في المشهد السوري، رغم حضوره الدائم في زوايا الكواليس الأكثر حساسية داخل القصر الرئاسي، لكنه عاد اليوم إلى الواجهة بعد ظهوره في التسجيلات المسربة التي جمعت بشار الأسد ومستشارته المقربة لونا الشبل قبل مقتلها الغامض عام 2024، فبينما انشغل الرأي العام بالعبارات الصادمة التي تفوّه بها الأسد، وبالسخرية التي أطلقتها الشبل تجاه جنود النظام وقياداته الأمنية، كان هناك رجل ثالث في السيارة.. رجل لا يصرخ ولا يتكلّم، لكنه موجود في كل التفاصيل في المرآة الخلفية، في اللقطات العفوية، وفي مراكز صياغة الخطاب الرسمي لسنوات طويلة.

خلف الستار


لم يكن ظهور أمجد عيسى في التسجيلات المصوّرة الأخيرة مجرد تفصيل جانبي، بل نافذة على شخصية مجهولة كانت منذ سنوات جزءًا من الغرفة الداخلية التي تصنع خطاب النظام السوري، ففي المقطع الأكثر تداولًا، بدا عيسى جالسًا في المقعد الخلفي بينما كان أحد الجنود يمد رأسه داخل السيارة لتقبيل يد بشار الأسد، وهي لحظة أثارت موجة واسعة من الجدل، خصوصًا بعد أن سخرت لونا الشبل من ذلك الجندي بعبارات استعلائية تكشف طبيعة العلاقة داخل أجهزة النظام.

ورغم أن الضوء موجّه نحو الأسد والشبل، فإن عيسى كان هناك حاضرًا بلا تكلّف، كما لو أنه من هذه الدائرة الضيقة التي لا يدخلها أحد إلا بثقة مطلقة.

من هو عيسى؟


بحسب مصادر إعلامية سورية، كان عيسى يشغل منصب مدير مؤسسة الوحدة للصحافة والنشر، وهي المؤسسة التي تشرف على صحيفتي تشرين والثورة، اللتين مثّلتا لعقود اللسان الرسمي للدولة، هذا الموقع وحده يكشف جانبًا من علاقته بالسلطة، فالهرم الإعلامي في سوريا خلال حكم الأسد الأب والابن كان محكومًا بمعايير الولاء قبل الكفاءة.

وتشير هذه المصادر إلى أن عيسى لم يكن مجرد إداري تقليدي، بل جزء من فريق الإعلام السياسي داخل القصر، حيث شارك في إعداد الرسائل والخطابات وإدارة الدعاية المرافقة للمعارك العسكرية والتطورات الدبلوماسية. وهذا ما يفسر حضوره في لحظات غير رسمية كما بدا في التسجيلات، إذ إن الوجود داخل سيارة يقودها بشار الأسد نفسه يشير إلى مستوى من القرب لا يُمنح إلا للقليل.

مرافق لوفود النظام.. وشاهد على التفاوض

كما تكشف معلومات متقاطعة أن عيسى رافق وفود النظام خلال مفاوضات جنيف عام 2016 برعاية الأمم المتحدة، إلى جانب مشاركته في معظم جلسات مسار أستانة التي احتضنتها العاصمة الكازاخية خلال سنوات الحرب.

ظهوره ضمن وفد سياسي مفترض أنه رفيع يعكس ازدواجية أدواره، فهو ليس مجرد إعلامي، بل عنصر داخل الفريق الذي يروّج لرؤية النظام أمام المجتمع الدولي، ويعيد صياغة روايته خارج الحدود.

ومع نشر المقاطع المسربة، بدأ اسم عيسى في التداول بشكل لافت، فالتسجيلات لم تقتصر على كشف مزاج الأسد، بل أظهرت مستوى غير مسبوق من الاستخفاف بالجيش السوري والشعب وحتى رموز النظام الأمنية، قالت لونا الشبل ساخرة: شو مبسوط وزير الداخلية بالشرطة تبعه…، بينما تحدّث الأسد عن شعوره تجاه سوريا بعد سنوات الحرب قائلاً: "لا أشعر بالخجل فقط.. بل بالقرف".

هذه اللغة التي بدت غريبة عن الخطاب الرسمي جعلت السؤال عن الرجل الذي كان يجلس صامتًا ضروريًا، فوجوده هناك يعني أنه جزء من البيئة التي تنتج هذا الخطاب وتعرف مستوياته الحقيقية بعيدًا عن الكاميرات.

بعد مقتل لونا الشبل.. أين اختفى أمجد عيسى؟

مقتل لونا الشبل في حادث ما تزال ملابساته محل جدل بين رواية "حادث سير" والروايات التي تحدّثت عن عملية تصفية داخلية زاد من تعقيد المشهد، فالشبل كانت من أبرز الوجوه الإعلامية التي صعدت بسرعة داخل القصر، وارتبط اسمها بتراكم خلافات مع شخصيات نافذة، ومع عودتها إلى الواجهة عبر التسجيلات، كان طبيعيًا أن يُطرح سؤال آخر: أين هو الشخص الثالث الذي كان معها ومع الأسد.

حتى الآن لا توجد معلومات واضحة حول مكان أمجد عيسى، بعض التقارير تتحدث عن اختفائه منذ أشهر، وأخرى تشير إلى أنه ما يزال يعمل داخل منظومة النظام بعيدًا عن الإعلام، لكن الثابت أن ظهوره الأخير قد يعيد فتح ملف الشخصيات الثانوية التي لعبت أدوارًا مؤثرة دون أن يتعرّف السوريون يومًا على وجوهها.

تكمن أهمية عيسى في أنه نموذج لشخصيات النظام التي تبقى طي الظل، لكنها تشكّل جزءًا حاسمًا من ماكينة الحكم، فهو لم يكن قائدًا عسكريًا ولا سياسيًا بارزًا، لكنه كان بالأحرى صوتًا ضمن "غرفة السرد" التي تصنع اللغة الرسمية، وتحجب الحقيقة، وتعيد تشكيل الوعي العام، وهذه الوظيفة، في زمن الحرب، لا تقل أهمية عن الدور العسكري.

ورغم الغموض المحيط بمستقبله، يبدو أن ظهوره في التسجيلات المسربة سيجعله حاضرًا بقوة في أي تحقيقات مقبلة حول ما كان يُدار داخل أروقة القصر الرئاسي، وما دار في جلسات لا تصل إلى العلن إلا صدفة أو تسريب.