تصاعد نفوذ مجموعات مناهضة لحماس في غزة وسط دعم إسرائيلي وتوتر داخلي
تصاعد نفوذ مجموعات مناهضة لحماس في غزة وسط دعم إسرائيلي وتوتر داخلي
شهدت المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة نشاطًا متصاعدًا لمجموعات فلسطينية مناهضة لحركة حماس، تؤكد استمرارها في القتال رغم مقتل أبرز قادتها، مع الإشارة إلى زيادة عدد المنضمين إليها منذ بدء وقف إطلاق النار في أكتوبر.
وتكشف التحركات الجديدة لهذه المجموعات عن ضغوط إضافية على حركة حماس، ما قد يعقّد الجهود الرامية إلى تثبيت الاستقرار وتوحيد غزة التي أنهكتها حرب ضارية استمرت عامين، وفقًا لما نشرته وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية.
وتأتي هذه التطورات في ظل اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في يونيو الماضي بأن إسرائيل قدمت دعمًا لبعض المجموعات المناهضة لحماس، قائلاً: إن إسرائيل قامت بتفعيل بعض العشائر، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن طبيعة هذا الدعم أو حجمه.
دعم إسرائيلي
وفي الأسبوع الماضي، قُتل ياسر أبو شباب، الذي يُنظر إليه باعتباره الشخصية المركزية في محاولة تشكيل قوى مسلحة معارضة لحماس، خلال وجوده في منطقة رفح جنوبي القطاع.
وأكدت مجموعته، المعروفة باسم القوات الشعبية، أنه لقي مصرعه أثناء محاولته حل نزاع عائلي، من دون تحديد هوية الجهة التي استهدفته. وتولى نائبه غسان دوحين قيادة المجموعة، متعهدًا بالاستمرار في النهج نفسه.
وتصف حركة حماس هذه المجموعات بأنها متعاونة مع إسرائيل، وهو توصيف يقول محللون فلسطينيون: إنه يحظى بتأييد شعبي واسع في القطاع.
وتشير تقارير إلى أن الحركة تحركت بسرعة ضد كل من تحدى سيطرتها بعد دخول وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة حيّز التنفيذ، وقتلت العشرات، بينهم من اتُّهموا بالتعاون مع إسرائيل.
ورغم الضربات التي تعرضت لها خلال الحرب، فإن مصادر داخل حماس تؤكد استمرار الحركة في السيطرة على آلاف المقاتلين داخل المناطق التي ما تزال خاضعة لها، حيث يعيش معظم سكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة.
غير أن إسرائيل ما زالت تحتفظ بالسيطرة على أكثر من نصف مساحة القطاع، وهي مناطق تعمل فيها المجموعات المناهضة لحماس بعيدًا عن متناول الحركة، خاصة في ظل بطء تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بمستقبل القطاع، وغياب أي مؤشرات على انسحابات إسرائيلية إضافية في المدى القريب.
مخاوف من التشكيلات المسلحة في غزة
وتشير مصادر عسكرية وأمنية مصرية إلى أن المجموعات المدعومة من إسرائيل زادت من نشاطها منذ وقف إطلاق النار، وقدّر عدد مقاتليها حاليًا بنحو ألف عنصر، بزيادة نحو 400 منذ الهدنة.
وتوقعت المصادر، أن تتوسع عمليات هذه المجموعات في ظل غياب اتفاق شامل حول مستقبل غزة.
وفي موازاة ذلك، عبر دبلوماسيون عن مخاوف من تأثير ظهور هذه التشكيلات المسلحة على استقرار القطاع، باعتبارها لا تحظى بقاعدة جماهيرية وتمثل عاملاً يمكن أن يغذي النزاعات الداخلية.
وعقب مقتل أبو شباب، نشرت مجموعته ومجموعتان أخريان تسجيلات مصوّرة تظهر تجمعات لمقاتلين يتعهدون بمواصلة المسار نفسه.
وتعهد دوحين في أحد هذه التسجيلات، الذي تحققت وكالة رويترز من تصويره في محافظة رفح الخاضعة لوجود الجيش الإسرائيلي، بالاستمرار فيما وصفه بمسار القوات الشعبية رغم الخسائر.
وفي تسجيل آخر، أعلن دوحين إعدام عنصرين من حماس قال إنهما قتلا أحد أفراد مجموعته، فيما أكدت مصادر في تحالف تقوده حماس أن مثل هذه الأفعال لا تغير الوقائع الميدانية.
مناهضة حماس
وفي ظل هذه التوترات، صرّح حسام الأَصْل، قائد فصيل آخر مناهض لحماس في منطقة خان يونس، بأن مجموعته والقوات الشعبية اتفقتا على مواصلة ما وصفه بالحرب على الإرهاب، مشيرًا إلى ما سماه مشروع غزة الجديدة.
وأضاف -في تصريحات لرويترز-، أنه تلقى دعمًا من أطراف دولية رفض الكشف عن هويتها، نافيًا -في الوقت نفسه- تلقي أي دعم عسكري من إسرائيل، رغم اعترافه بوجود تنسيق معها بشأن إدخال مساعدات ومواد أساسية إلى المنطقة التي يعمل فيها.
وتسعى إسرائيل، وفق تصريحات رسمية، إلى ضمان نزع سلاح حماس وإقصائها عن أي دور في حكم مستقبل غزة. وفي هذا السياق، قال مسؤول حكومي إسرائيلي: إنه لا يوجد نقص في الفلسطينيين الراغبين في التحرر مما وصفه بقمع حماس.
من جهتها، نفت القوات الشعبية تلقي أي دعم من إسرائيل، بينما اعتبرت حماس أن مقتل أبو شباب يمثل المصير المحتوم لكل من يخون شعبه ووطنه، في حين حذرت من أن نشاط خصومها يأتي ضمن حرب نفسية وخطة إسرائيلية لضرب الاستقرار الداخلي.
غياب رؤية واضحة لمستقبل غزة
وتأتي هذه التطورات في ظل غياب رؤية واضحة لتنفيذ خطة إعادة الإعمار التي تتضمن إنشاء سلطة انتقالية وقوة متعددة الجنسيات، وسط مخاوف من نشوء واقع تقسيمي بين مناطق تسيطر عليها إسرائيل وأخرى مكتظة بالنازحين على طول الساحل.
وخلال جولة ميدانية، أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الفريق هرتسي هاليفي أن إسرائيل ستواصل تثبيت خطوط دفاعية واسعة داخل غزة، مشيرًا إلى أن الخط المعروف بالخط الأصفر يمثل حدودًا جديدة وخطًا دفاعيًا متقدمًا.
كما تعمل الولايات المتحدة وشركاؤها على وضع تصور لإنشاء مجمعات سكنية للنازحين، خاصة في رفح، ضمن ما وصفته ببدائل مجتمعية آمنة، لكن دون جدول زمني معلن لتنفيذ هذه المشاريع.
ونفى مسؤول أمريكي تقديم أي تمويل أو دعم للمجموعات المناهضة لحماس، مؤكدًا أن مستقبل غزة سيحدده سكانها وحدهم.
ورغم أن شعبية حماس تراجعت، وفق محللين، بسبب آثار الحرب، فإن المجموعات المناهضة لها تبقى بلا مستقبل حقيقي في نظر الفلسطينيين بسبب ارتباطها بإسرائيل، بينما أكدت حركة فتح رفضها لأي تشكيلات مسلحة مدعومة من الاحتلال، معتبرة أنها لا تمثل الشعب الفلسطيني ولا قضيته.

العرب مباشر
الكلمات