محلل سياسي: السودان ساحة لتصفية حسابات إقليمية والضحايا مدنيون

محلل سياسي: السودان ساحة لتصفية حسابات إقليمية والضحايا مدنيون

محلل سياسي: السودان ساحة لتصفية حسابات إقليمية والضحايا مدنيون
الحرب السودانية

يشهد السودان تصاعدًا حادًا في الأزمة السياسية والعسكرية، وسط روايات متناقضة من الداخل وضغوط متزايدة من الخارج، ما يجعل الحقيقة ضائعة بين بيانات الأطراف وتصريحات العواصم الدولية. 

وبينما تتسارع الأحداث على الأرض، يدفع المدنيون الثمن الأكبر في ظل اشتباكات مستمرة وحصار خانق لبعض المناطق، وسط دعوات أممية وإقليمية عاجلة لوقف القتال وفتح ممرات إنسانية.

المدنيون وحدهم في دائرة الخسارة


تتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان مع تزايد أعداد النازحين داخليًا وخارجيًا، إذ تشير تقارير المنظمات الدولية إلى أن ملايين السودانيين يواجهون شحًا في الغذاء والمياه والخدمات الصحية.

 وأصبحت الخرطوم وولايات دارفور والنيل الأزرق مسرحًا لموجات نزوح غير مسبوقة، فيما تتحدث تقارير عن ارتفاع معدلات العنف ضد المدنيين. 

في ظل ذلك، يجد المواطن السوداني نفسه عالقًا بين طرفي النزاع، دون أفق واضح للحل، بينما تواصل المنظمات الإنسانية التحذير من كارثة إنسانية وشيكة.

أرض المعركة تكشف أكثر من الخطب


على الرغم من البيانات السياسية والخطب المتبادلة بين القيادات، إلا أن التطورات الميدانية تكشف حجم الصراع على السيطرة والنفوذ. فالمعارك لم تعد مقتصرة على الخرطوم، بل امتدت إلى مدن أخرى، ما يعكس عمق الانقسام وتراجع فرص التوصل لاتفاق سياسي قريب. 

تقارير ميدانية أظهرت دمارًا واسعًا في البنية التحتية، وانهيار شبكات الكهرباء والمياه، إضافة إلى تراجع النشاط الاقتصادي بشكل كبير، الأمر الذي ينذر بتداعيات طويلة الأمد.

الرواية كأداة سياسية


في خضم الأحداث، تحولت الروايات الإعلامية إلى أداة ضغط سياسي، إذ تسعى كل الأطراف إلى كسب التأييد المحلي والدولي من خلال تصوير الأحداث من منظورها الخاص.

 وبينما تتهم الحكومة بعض الدول بالتدخل في الشأن السوداني، تكثف القوى الإقليمية والدولية ضغوطها لفرض حلول سياسية، ما يزيد المشهد تعقيدًا. 

هذا التباين في الروايات يترك المجتمع الدولي في حالة ارتباك، ويزيد صعوبة التوصل إلى تصور واضح للحل.

في ظل هذه المعادلة المعقدة، يبقى الشعب السوداني هو الخاسر الأكبر، فيما يترقب الداخل والخارج أي بارقة أمل تنهي النزاع وتعيد الاستقرار إلى البلاد.

قال المحلل السياسي السوداني د. الطيب عبد الرحمن: إن الأزمة السودانية باتت معقدة بشكل غير مسبوق، إذ تحولت البلاد إلى ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية، بينما يظل المدنيون وحدهم الخاسر الأكبر. 

وأوضح -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن تعدد الروايات المتناقضة حول الصراع يعكس حجم الانقسام الداخلي وتضارب المصالح الخارجية، ما يجعل التوصل إلى تسوية سياسية أمرًا بالغ الصعوبة في الوقت الحالي.

وأضاف عبد الرحمن: أن المعارك الدائرة على الأرض تكشف واقعًا أكثر خطورة من التصريحات السياسية، مشيرًا أن الخراب الذي طال المدن السودانية وانهيار البنية التحتية يعمقان الأزمة الاقتصادية والإنسانية.

 وتابع: أن الأطراف المتصارعة تستخدم الروايات الإعلامية كسلاح سياسي لتبرير مواقفها وكسب الدعم الدولي، بينما يعاني المواطنون من نقص الغذاء والدواء وموجات نزوح متزايدة.

وأكد أن أي حل للأزمة يجب أن ينطلق من وقف فوري لإطلاق النار، وتحييد التدخلات الخارجية، والعودة إلى مسار الحوار الوطني بمشاركة كل الأطراف، مع إعطاء الأولوية القصوى للوضع الإنساني. 

وحذر من أن استمرار الصراع بالوتيرة الحالية سيؤدي إلى تفكك مؤسسات الدولة وزيادة التدخلات الأجنبية، ما يهدد وحدة السودان ومستقبله.