تكريم أم استفزاز.. صورة حسن نصر الله على صخرة الروشة.. تشعل جدلًا في بيروت
تكريم أم استفزاز.. صورة حسن نصر الله على صخرة الروشة.. تشعل جدلًا في بيروت

لم تكن صخرة الروشة يومًا مجرد تشكيل صخري يقف شامخًا قبالة بحر بيروت، بل رمزًا لمدينة قاومت الحروب وتحوّلت إلى أيقونة للهوية اللبنانية الجامعة، غير أن إعلان "حزب الله" عن إضاءة الصخرة بصورتي أمينيه العامين المغتالين، حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، فجّر عاصفة سياسية وشعبية على منصات التواصل الاجتماعي.
ما بين مؤيد يرى في الخطوة تكريمًا لـ"رموز المقاومة"، ومعارض يعتبرها تعديًا على مساحة وطنية مشتركة، تعود بيروت لتكون مرآةً لصراع الهويات والانتماءات الذي يعصف بلبنان منذ عقود، هذا الجدل لم يتوقف عند حدود الرمز، بل أعاد طرح أسئلة عن معنى "الوحدة الوطنية" بعد حرب استنزفت البلاد، وعن قدرة اللبنانيين على التوافق حول معالمهم ورموزهم في مرحلة ما بعد نصر الله.
صخرة الروشة.. أيقونة بيروت في قلب العاصفة
يشكّل المعلم الطبيعي الشهير، بارتفاعه الذي يناهز السبعين مترًا وسط مياه المتوسط، جزءًا من وجدان الشعب اللبناني، ووجهة سياحية يربطها اللبنانيون بتاريخ مدينتهم وهويتها.
لكن إعلان الشيخ علي ضاهر، مسؤول وحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله، عن برنامج فعاليات يمتد 17 يومًا لإحياء ذكرى اغتيال نصر الله وصفي الدين، تضمن إضاءة الصخرة بصورهما، حوّل المكان إلى ساحة مواجهة رمزية.
الصخرة للجميع
من جانبه، شدد النائب المستقل نبيل بدر -عبر منصة "إكس"- على أن "إحياء أي ذكرى يصبح أسمى حين يتم في فضاء يعبّر عن أصحابه، لا على معلم ارتبط بتاريخ العاصمة وهويّة الوطن الجامع"، مضيفًا أن "صخرة الروشة رمز لبيروت، وبيروت فقط، وصورة عن لبنان بأسره".
من جانبه، اعتبر النائب عماد الحوت، أن "صخرة الروشة رمز لبيروت ولبنان، وتعكس صورة وطن لا صورة أطر سياسية ضيقة".
في السياق ذاته، قال غسان حاصباني، النائب البرلماني اللبناني ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق، عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي "X": إن صخرة الروشة يجب أن تكسوها ألوان الوطن فقط، ولا يعتليها شعار آخر.
أما النائب فؤاد مخزومي، فأكد أن "صخرة الروشة ليست مساحة للدعاية الحزبية، بل رمز وطني لبيروت الجامعة والهوية اللبنانية المتنوعة".
وأضاف: أن "محاولة وضع صورة أمين عام حزب الله حسن نصر الله عليها تشكّل استفزازًا لمعلم يشكّل ذاكرة جماعية لكل اللبنانيين، وتهديداً لوحدة العاصمة".
وأوضح عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "X"، أنه "بعد مراجعة محافظ مدينة بيروت ورئيس المجلس البلدي، تبيّن أنه لم يصدر أي إذن رسمي بهذا العمل، ما يزيد من خطورته".
من جهته، كتب النائب اللبناني نديم الجميّل عبر منصة "اكس"، "صخرة الروشة ليست لوحة دعائية لأي حزب، ولا ساحة لاستعراضات رمزية تختزل هوية بيروت".
وأضاف الجميّل، بيروت مدينة كل أبنائها، وأملاكها العامة ليس ملكًا لأحد، مضيفًا، فرض رموز حزب الله على الواجهة البحرية إقصاء لصوت اللبنانيين و خاصة أهل بيروت الرافضين فكرة السلاح والهيمنة.
واختتم، بيروت ترفض المصادرة، وترفض أن تُختزل بطائفة أو مشروع سياسي... فكيف بمن اعتدى عليها سابقًا؟".
تكريم "مدرسة التضحية"
في المقابل، دافع عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" عن الخطوة، قائلاً: إن "السيد حسن نصر الله لم يكن مجرد زعيم سياسي بل مدرسة في التضحية"، وانتقد "الأصوات التي تخرج بين الحين والآخر لمحاولة الانتقاص منه"، معتبرًا أن إحياء ذكراه واجب على كل من آمن بخطه ونهجه.
يأتي الجدل في ظل استمرار آثار حرب الاستنزاف التي عاشها لبنان منذ أكتوبر 2023 حين خاض حزب الله "حرب الإسناد" دعماً لغزة، سلسلة الاغتيالات التي طالت قادة الحزب، وفي مقدمتهم نصر الله وصفي الدين، شكلت ضربة غير مسبوقة لبنية الحزب العسكرية والسياسية، وأجبرت بيروت على القبول باتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024 بوساطة أميركية، لكن استمرار الخروق الإسرائيلية (أكثر من 3 آلاف خرق) وسقوط مئات القتلى، أبقى الجرح مفتوحًا وزاد من حدة الاستقطاب الداخلي.