العصيان المدني.. سلاح حزب الله ضد محاولات نزع سلاحه

العصيان المدني.. سلاح حزب الله ضد محاولات نزع سلاحه

العصيان المدني.. سلاح حزب الله ضد محاولات نزع سلاحه
حزب الله

تعيش الساحة اللبنانية واحدة من أكثر لحظاتها السياسية حساسية منذ سنوات، مع اشتداد المواجهة بين الحكومة وحزب الله على خلفية خطة نزع سلاح الحزب، التي أقرّها مجلس الوزراء ضمن ما يعرف بـ"ورقة برّاك" المدعومة أمريكيًا، وبينما ترى الحكومة في الخطة خطوة لاستعادة سيادة الدولة وحصر السلاح بيد الجيش، يعتبرها التحالف الشيعي المكوّن من حزب الله وحركة أمل مساسًا بجوهر "المقاومة" وتهديدًا لوجودها. 

ومع اقتراب موعد الحسم في 31 أغسطس، تتصاعد التهديدات بإجراءات تصعيدية قد تصل إلى العصيان المدني ومحاصرة السرايا الحكومية، ما يضع البلاد أمام احتمالات قاتمة، تبدأ من الشلل المؤسسي وقد تنتهي بانفجار أمني شامل، هذه الأجواء المشحونة تنذر بأن لبنان مقبل على منعطف خطير، حيث تتقاطع الضغوط الدولية مع الانقسامات الطائفية الداخلية، لتنتج خليطًا سياسيًا وأمنيًا متفجرًا يهدد الاستقرار الهش في بلد أنهكته الأزمات الاقتصادية والسياسية.

*إجراءات تصعيدية*


مع موافقة مجلس الوزراء اللبناني على خطة نزع سلاح حزب الله، المدرجة فيما بات يُعرف بـ"ورقة برّاك"، انفجرت أزمة سياسية حادة وضعت البلاد أمام مسار تصادمي بين السلطة التنفيذية والتحالف الشيعي.

الخطة، التي حظيت بدعم أمريكي مباشر، تهدف إلى تسليم الجيش اللبناني مهمة وضع جدول زمني وخطة تنفيذية لسحب السلاح من الحزب، في إطار مسعى أوسع لحصر القوة العسكرية بيد الدولة، في المقابل، رفض حزب الله وحركة أمل، المكوّنان لتحالف "الثنائي الشيعي"، هذه الخطوة بشكل قاطع، معتبرين أن سلاح الحزب يمثل "ضمانة استراتيجية" ضد التهديدات الإسرائيلية، وأن نزعه في الظروف الراهنة يخدم أجندات خارجية على حساب الأمن الوطني.

مصادر لبنانية كشفت أن القواعد الشعبية الموالية للتحالف الشيعي تتحضّر لسلسلة من الإجراءات التصعيدية في حال لم يتم التوصل إلى تسوية قبل 31 أغسطس، وهو الموعد المحدد لتسليم الجيش خطته.

ووفقًا لمصادر كشفت لـ"العرب مباشر"، أن هذه الإجراءات تشمل إعلان العصيان المدني، ومحاصرة مقر السرايا الحكومية في وسط بيروت، ومنع إجراء الانتخابات النيابية، في خطوة من شأنها شلّ مؤسسات الدولة ودفع البلاد نحو فراغ سياسي وأمني خطير.

هذا التصعيد لا يأتي في فراغ، بل في سياق حالة شحن طائفي متنامية، تغذيها الانقسامات السياسية الحادة والضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة. فإيران، الحليف الأبرز لحزب الله، تدعم موقفه الرافض، وتوفّر له عمقًا سياسيًا وميدانيًا، فيما تربط الولايات المتحدة مساعداتها الاقتصادية للبنان بتنفيذ الخطة، في محاولة لفرض معادلة جديدة على الساحة الداخلية.

*صراع عميق*


في موازاة ذلك، أعلن الجيش اللبناني حالة الاستنفار القصوى تحسبًا لأي تطورات ميدانية خارجة عن السيطرة، محذرًا من أنه لن يتساهل مع محاولات قطع الطرقات أو أي أعمال تهدد السلم الأهلي.

هذا الموقف يضع المؤسسة العسكرية أمام معادلة حساسة، إذ أن أي مواجهة مباشرة مع جمهور الثنائي الشيعي قد تتحول إلى شرارة لصدام أهلي أوسع.

المحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم يرى أن الأزمة الحالية تكشف عن صراع عميق بين مشروعين متناقضين: الأول، تمثله الحكومة التي تسعى إلى فرض سيادة الدولة وتجريد الميليشيات من السلاح، والثاني، يمثله التحالف الشيعي الذي يربط سلاحه بوصفه أداة "مقاومة" لا يمكن التخلي عنها.

ويعتبر عاكوم في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن التهديدات بالعصيان المدني أو محاصرة السرايا الحكومية تمثل مرحلة جديدة من المواجهة، قد تدفع باتجاه شلل كامل في عمل المؤسسات، في وقت يرزح فيه الاقتصاد اللبناني تحت ضغوط غير مسبوقة.

ويضيف أن الأيام القليلة الفاصلة عن موعد 31 أغسطس ستكون حاسمة، ليس فقط في تقرير مصير الخطة، بل في تحديد شكل الدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة، فإذا ما تمسكت الحكومة بالقرار دون تسوية سياسية شاملة، فإن البلاد قد تتجه إلى مواجهة مفتوحة، خصوصًا إذا وجد الجيش نفسه مضطرًا للتدخل لفرض تنفيذ الخطة.

واختتم، في ظل هذه المعطيات، لبنان يقف على خط فاصل بين خيارين التوصل إلى تسوية تحفظ الحد الأدنى من التوازن بين القوى السياسية، أو الانزلاق إلى فوضى قد تستحضر مشاهد الحرب الأهلية.