من هي غزالة هاشمي.. أول مسلمة تتولى منصب نائب حاكم في الولايات المتحدة
من هي غزالة هاشمي.. أول مسلمة تتولى منصب نائب حاكم في الولايات المتحدة
من شوارع مدينة حيدر أباد الهندية إلى قاعة الحكم في ولاية فيرجينيا الأمريكية، تسير غزالة هاشمي بخطى واثقة على طريق سياسي كسرت فيه كل الحواجز التي اعترضت طريق النساء المسلمات في الولايات المتحدة، فوزها بمنصب نائب حاكم الولاية لم يكن مجرد إنجاز انتخابي، بل تحول إلى حدث رمزي في بلد ما زال يعاني جدل الهوية والدين والعرق.
هاشمي، التي خاضت معارك فكرية وسياسية طويلة ضد التمييز والعنصرية، أثبتت أن الاندماج لا يعني الذوبان، بل المشاركة الفاعلة في صناعة القرار، قصتها هي حكاية جيل جديد من الأمريكيين ذوي الأصول المهاجرة الذين يرون في السياسة ساحة لتحقيق العدالة الاجتماعية، لا مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة، بهذا الفوز، تدخل هاشمي التاريخ بوصفها أول امرأة مسلمة تتولى منصبًا حكوميًا على مستوى الولايات الأمريكية، وتفتح الباب أمام فصل جديد من تمثيل المسلمين في الحياة السياسية الأمريكية.
من هي غزالة هاشمي؟
حين أعلنت اللجنة الانتخابية في ولاية فيرجينيا فوز غزالة هاشمي بمنصب نائب الحاكم، كانت القاعة تضج بالتصفيق، فيما راحت الكاميرات تلاحق ابتسامتها الهادئة التي تحمل في ملامحها قصة كفاح امتدت لأكثر من أربعة عقود، ابنة مدينة حيدر أباد الهندية، التي وصلت إلى الولايات المتحدة وهي في الرابعة من عمرها، نجحت في تخطي حواجز اللغة والثقافة والدين لتصبح واحدة من أبرز الأصوات الليبرالية في المشهد السياسي الأمريكي.
ولدت هاشمي عام 1964، وانتقلت مع أسرتها إلى ولاية جورجيا حيث كان والدها يدرس الدكتوراه في العلاقات الدولية، نشأت في بيئة ريفية محافظة في زمن كانت فيه أمريكا ما تزال تتعافى من آثار الفصل العنصري.
في مدارسها الأولى، واجهت مشاهد التفرقة بين الطلاب البيض والسود، وعاشت تجربة الطفلة "المختلفة" في مجتمع لم يكن معتادًا على التنوع الثقافي والديني، تلك التجارب تركت بصمتها العميقة على وعيها المبكر، فصارت قضايا المساواة والعدالة الاجتماعية جوهر رسالتها الفكرية والسياسية.
بعد أن حصلت على درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي، كرّست أكثر من 30 عامًا في مجال التعليم، وأسست "معهد التميز في التعليم والتعلم"، الذي ركز على تطوير قدرات الطلبة من خلفيات اجتماعية مختلفة، كانت تؤمن بأن التعليم هو المفتاح الأول لمحاربة التهميش، وتقول في أحد لقاءاتها: "حين تفتح باب التعليم أمام الجميع، فأنت تفتح باب الكرامة والفرص".
طريقها إلى الفوز
رحلتها إلى السياسة بدأت عام 2019، حين قررت الترشح لمجلس شيوخ ولاية فيرجينيا عن الحزب الديمقراطي، ترشحها حينها قوبل بالدهشة، إذ لم يسبق لمسلمة أن فازت في مقعد يسيطر عليه الجمهوريون منذ سنوات طويلة، لكن حملتها الانتخابية اعتمدت على التواصل المباشر مع الناخبين، والتركيز على قضايا التعليم والرعاية الصحية والمساواة، وعندما أعلنت فوزها، وصفت وسائل الإعلام الأمريكية الحدث بأنه "زلزال سياسي" أعاد رسم الخريطة الحزبية في الولاية.
خلال مسيرتها السياسية، واجهت غزالة تحديات عدة، أبرزها الاتهامات بمعاداة السامية بعد مشاركتها في مظاهرة مؤيدة للحقوق الفلسطينية، لكن هاشمي ردّت بهدوء قائلة: "دفاعي عن العدالة لا يعني عداءً لأحد، بل التزامًا بالقيم التي تأسست عليها أمريكا".
فوزها بمنصب نائب الحاكم لم يأتِ بسهولة، فقد تغلبت على خمسة مرشحين ديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية، قبل أن تتفوق على منافسها الجمهوري في سباق حسمته أصوات الشباب والأقليات.
اللافت، أن فوزها تزامن مع انتخاب المسلم زهران ممداني عمدةً لمدينة نيويورك، في مشهد غير مسبوق يعكس صعود جيل جديد من السياسيين الأمريكيين المسلمين الذين يملكون رؤية تقدمية تتجاوز الانقسامات التقليدية.

ردود الأفعال والرمزية السياسية
أثار فوز غزالة هاشمي موجة واسعة من الترحيب في الأوساط الإسلامية والمدنية داخل الولايات المتحدة، مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" وصف الحدث بأنه "إنجاز تاريخي" و"نقطة تحول في تمثيل المسلمين الأمريكيين على المستوى الوطني".
وقال المدير التنفيذي للمجلس، نهاد عوض، في منشور على "فيسبوك": "إن فوز غزالة بهذا المنصب يذكّرنا بعمق مساهمة مجتمعاتنا في بناء دولة أكثر عدلًا واحتضانًا للجميع".
كما أشادت شخصيات أكاديمية وسياسية أمريكية بشجاعتها في تحدي الصور النمطية، معتبرين أن انتخابها يعكس تغيرًا في وعي الناخب الأمريكي، الذي بات أكثر انفتاحًا على التنوع الديني والثقافي.
بالنسبة لغزالة هاشمي، فإن هذا الفوز لا يمثل نهاية الرحلة، بل بداية فصل جديد في مشروعها الإصلاحي، فهي تؤكد أن أولوياتها ستكون دعم التعليم المجاني، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ومواجهة خطاب الكراهية، قائلة في خطابها الانتخابي: "قصتي ليست قصة امرأة واحدة، بل قصة ملايين من أبناء المهاجرين الذين يؤمنون أن الحلم الأمريكي لا يكتمل إلا حين يشمل الجميع".

العرب مباشر
الكلمات