مقاتلو حماس المختبئون في الأنفاق يهددون بانهيار خطة ترامب للسلام في غزة
مقاتلو حماس المختبئون في الأنفاق يهددون بانهيار خطة ترامب للسلام في غزة
يلقى وجود ما يصل إلى 200 مقاتل من حماس مختبئين في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية شرقي قطاع غزة، ويرفضون نداءات الاستسلام، بظلال الشك على تنفيذ خطة السلام التي يقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأكدت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن هؤلاء المقاتلون، الذين يتمركزون في أنفاق ومخازن تحت الأرض، يمثلون تحديًا مباشرًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل أقل من شهر، والذي كان يُفترض أن ينهي النزاع المرير الذي اندلع في أكتوبر من العام الماضي.
يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه وقف إطلاق النار الهش، الذي تم التفاوض عليه بوساطة أمريكية مصرية قطرية، اهتزازات متكررة. فقد تعرض الاتفاق لانتهاكات مرتين على الأقل خلال الأسابيع الماضية، نتيجة غارات جوية إسرائيلية انتقامية استهدفت مواقع في جنوب غزة، وذلك ردًا على هجمات كمين شنها مسلحون على قوات الجيش الإسرائيلي قرب مدينة رفح.
ووفقًا للجيش الإسرائيلي، فإن هذه الهجمات كانت منسوبة إلى عناصر تابعة لحركة حماس، التي نفت في البداية وجود أي من مقاتليها خلف "الخط الأصفر" الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية كجزء من شروط الاتفاق.
أما الرئيس ترامب، فقد علق على الحادثة بقوله: إن "عناصر خارجة عن السيطرة" قد تكون المسؤولة، محاولًا الحفاظ على الزخم الدبلوماسي الذي يراه مفتاحًا لإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
خلفية الاتفاق وتحدياته الأولية
تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في 12 أكتوبر الماضي، بعد أشهر من المعارك الشرسة التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وتدمير واسع النطاق في قطاع غزة.
كان الاتفاق، الذي أشاد به الرئيس ترامب كـ"إنجاز تاريخي"، يشمل عدة بنود رئيسية: الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من معظم أجزاء القطاع، تبادل الأسرى بين الجانبين، وفتح معابر لإدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الأساسية.
كما تضمن الاتفاق آليات لإعادة إعمار غزة، بتمويل دولي يقدر بمليارات الدولارات، مع ضمانات أمريكية لمنع حماس من إعادة بناء قدراتها العسكرية.
ومع ذلك، سرعان ما أظهر الاتفاق هشاشته. في 29 أكتوبر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن استئناف وقف إطلاق النار بعد غارات جوية قصيرة المدى أسفرت عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال، وفقًا لمسؤولي الصحة في غزة. كانت هذه الغارات ردًا على هجوم كمين أسفر عن إصابة خمسة جنود إسرائيليين.
وفي تلك المناسبة، نفت حماس صلتها بالهجوم، مدعية أن "المقاومة الشعبية" هي التي قامت به، لكن الاستخبارات الإسرائيلية أصرت على أن المقاتلين الذين شاركوا في العملية كانوا من بقايا كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس.
أما الآن، فإن التركيز ينصب على المنطقة الشرقية من غزة، التي احتلها الجيش الإسرائيلي في الشهور الأولى من الحرب لقطع خطوط الإمداد لحماس.
ووفقًا لتقديرات استخباراتية إسرائيلية تم تسريبها إلى وسائل إعلام محلية، يختبئ ما يصل إلى 200 مقاتل في شبكة من الأنفاق الواسعة، مزودين بمخزونات من الأسلحة والذخيرة.
هؤلاء المقاتلون، الذين يُعتقد أنهم من النخبة المتبقية بعد خسائر فادحة في صفوف الحركة، يرفضون الاستسلام رغم الضغوط المتزايدة، بما في ذلك عروض العفو مقابل التسليم الذاتي التي قدمتها إسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
تصريحات ترامب ودور الإدارة الأمريكية
وفي خطاب ألقاه أمس في واشنطن، أعرب الرئيس ترامب عن إحباطه من هذه التطورات، قائلًا: "لقد عملنا بجد لإنهاء هذا النزاع، وهؤلاء الذين يختبئون في الظلام يهددون كل التقدم الذي حققناه. لكننا لن نسمح لهم بإفساد السلام الذي يستحقه الشعب الفلسطيني والإسرائيلي".
وأضاف: أن خطته للسلام، التي تشمل "صفقة القرن" الموسعة، تعتمد على "التزام جميع الأطراف بالاتفاقات"، مشيرًا إلى أنه يفكر في فرض عقوبات إضافية على حماس إذا لم يتم حل الأمر قريبًا.
تُعد خطة ترامب، التي أُعلن عن تفاصيلها في سبتمبر الماضي، طموحة على نحو غير مسبوق. فهي لا تقتصر على وقف إطلاق النار في غزة، بل تمتد إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية إضافية، مع التركيز على مشروع اقتصادي يهدف إلى تحويل غزة إلى "مركز تجاري مزدهر" من خلال الاستثمارات الأمريكية والخليجية.
ومع ذلك، يرى محللون أن بقاء هؤلاء المقاتلين يمثل اختبارًا حاسمًا لقدرة الإدارة الأمريكية على فرض الامتثال، خاصة في ظل الضغوط الداخلية في إسرائيل من جانب اليمين المتطرف الذي يطالب بتشديد العمليات العسكرية.
ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية
ومن جانبها، أصدرت حماس بيانًا رسميًا، اليوم الأحد، يؤكد فيه أن "الكفاح المسلح سيستمر طالما استمرت الاحتلال"، محذرة من أن أي محاولة لاقتحام الأنفاق ستؤدي إلى "تصعيد خطير".
أما في إسرائيل، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واجه ضغوطًا متزايدة من الائتلاف الحاكم لاتخاذ إجراء فوري.
وفي اجتماع طارئ للحكومة، أكد نتنياهو أن "الجيش مستعد للقضاء على التهديد"، لكنه أشار إلى أنه ينتظر إشارة من واشنطن قبل أي عمل عسكري واسع النطاق، خشية تعريض الاتفاق للانهيار.
ووفقًا لمصادر عسكرية إسرائيلية، تم نشر وحدات خاصة حول المنطقة الشرقية، مع استخدام تقنيات متقدمة للكشف عن الأنفاق، بما في ذلك أجهزة استشعار صوتية وطائرات بدون طيار.

العرب مباشر
الكلمات