خلف الكواليس.. كيف أدارت إدارة ترامب جهود التفاوض لإنهاء الحرب في غزة

خلف الكواليس.. كيف أدارت إدارة ترامب جهود التفاوض لإنهاء الحرب في غزة

خلف الكواليس.. كيف أدارت إدارة ترامب جهود التفاوض لإنهاء الحرب في غزة
ترامب

قبل أن يتوجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي، تم سؤاله حول دعمه لفكرة ضم الضفة الغربية التي يروج لها اليمين الإسرائيلي، وجاء رده قاطعًا: "لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، لن أسمح بذلك. هذا لن يحدث".

وعندما سألت الصحفية إن كان قد تحدث عن هذا الموضوع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أجاب ترامب بحسم: "نعم، لكنني لن أسمح بذلك. سواء تحدثت معه أم لا، فقد تحدثت معه، ولن أسمح لإسرائيل بضم الضفة، لقد رأينا ما يكفي، وقد حان الوقت للتوقف، حسنًا؟"، وذلك وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

وتابعت الصحيفة، أن هذه التصريحات كانت مناقضة لمواقف سابقة لترامب التي تبناها خلال حملته الانتخابية للرئاسة، حيث أظهر دعمًا للسياسات اليمينية الإسرائيلية. لكن تطور الوضع الدبلوماسي خلال فترة رئاسته جعل ترامب يعدل موقفه.

ففي تقارير نشرت في "نيويورك مجازين" و"بوليتيكو" العام الماضي، تم الكشف عن أن مسألة الضم ظهرت في وقت كان ترامب يسعى فيه للحصول على التمويل، وخصوصًا من مريم أدلسون، والتي كانت تعد من أبرز داعميه الماليين. رغم ذلك، تحولت علاقته لاحقًا مع شخصيات عربية أغنى وأعلى نفوذًا، مثل الملوك والأمراء الذين استثمروا مليارات الدولارات في مشروعاته.

مبادرة قطر والإدارة الأمريكية

في نهاية سبتمبر، وعند الحديث عن الضم، كانت إجابة ترامب أكثر تروّيًا وحسابًا.

وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، قبل يوم من تصريحاته، كان وفد قطري قد وصل إلى نيويورك لعرض خطة على ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، تتعلق بسلام في غزة، حيث قدمت قطر مقترحًا لتسوية الصراع في غزة، مستفيدة من التوترات الإسرائيلية الأخيرة في الدوحة، وقامت بتقديم خريطة طريق للسلام، ومع وصول ترامب إلى نيويورك، كان مستعدًا لتقديم موقف أكثر توافقًا على تسوية الحرب.

بعد تولي ترامب منصبه، بدأ كوشنر، مستشاره وصهره، في العمل مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير على خطة لإعادة إعمار غزة.

وفي أغسطس، قدم كوشنر وبلير هذه الخطة إلى ترامب؛ مما أثار نقاشات داخلية في البيت الأبيض حتى سبتمبر.

وشهدت هذه الفترة أيضًا تسارع التحركات بعد الهجوم الإسرائيلي في الدوحة؛ مما دفع إلى تسريع عملية التفاوض.

التفاوض والتأثير الأمريكي على نتنياهو

وفي سياق هذا الجهد، أصبحت التحركات الأمريكية أكثر حسمًا، حيث أظهرت التقارير أن ترامب وكوشنر قاما بجولات مكثفة من النقاشات السرية، في وقت كانت فيه المفاوضات تجرى بشكل مباشر عبر الهواتف المحمولة والأماكن المغلقة.

وعلى الرغم من دعم كوشنر لخطة ترامب، فقد تحفظ نتنياهو على بعض النقاط في الاتفاق. ورغم ذلك، اضطرت إسرائيل في النهاية إلى الموافقة على المبادرة الأمريكية.

في الفترة التي تلت ذلك، واصل ترامب التركيز على مسألة الضم، مؤكدًا مرارًا أنه لا يُفكر في السماح لإسرائيل بضم الضفة الغربية.

ولكن في الوقت ذاته، كانت إسرائيل تُصر على ضرورة تأكيد حقوقها في مناطق معينة، ما دفع ترامب إلى إظهار موقف أكثر استقلالية.

خطة السلام: بين السياسة والاقتصاد


كان ترامب وكوشنر يعملان خلف الكواليس لإعداد اتفاق سلام شامل، يهدف إلى تحقيق استقرار في المنطقة وتحسين العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. أحد العناصر البارزة في هذه الخطة هو تجنب سياسة الضم والتركيز على وقف التصعيد العسكري وإعادة إعمار غزة.

وعلى الرغم من ذلك، لم يكن من السهل إرضاء جميع الأطراف المعنية، حيث واجه ترامب تحديات في محاولة الحفاظ على علاقات جيدة مع حلفائه التقليديين في الشرق الأوسط، مثل المملكة العربية السعودية وقطر.

وتمكنت قطر من استخدام علاقتها مع الإدارة الأمريكية لتحقيق تقدم في المفاوضات، حيث قدمت دعمًا كبيرًا في مسألة إعادة الإعمار في غزة.

وفي هذا السياق، ظهرت إمكانية لفتح قنوات اتصال جديدة بين دول الخليج العربي وإسرائيل، وهو ما قد يسهم في تغير معادلة العلاقات في المنطقة بشكل تدريجي.

لكن هذا المسار الدبلوماسي لم يخلُ من الانتقادات. ففي داخل الولايات المتحدة، قوبل دعم ترامب للمواقف الإسرائيلية وتوجهاته مع بعض الشخصيات اليمينية بالانتقاد من قبل مختلف الأوساط السياسية.

بعض هذه الانتقادات اتهمت ترامب بالانحياز بشكل مفرط لإسرائيل، وبأن هذا التأثير لم يكن في صالح المصالح الأمريكية طويلة الأجل في المنطقة.

من جهة أخرى، كان لترامب توجه آخر يعكس مصالحه الشخصية في الشرق الأوسط. فقد كانت مصالحه الاقتصادية ترتبط بعلاقات قوية مع بعض اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، مثل قطر والسعودية، ما جعل بعض المراقبين يشيرون إلى أن هذه العلاقات قد أثرت في مواقفه السياسية.