هدنة هشة ودماء لا تتوقف.. غزة تودّع آلاف الضحايا في أكبر مأساة إنسانية بتاريخ الصراع
هدنة هشة ودماء لا تتوقف.. غزة تودّع آلاف الضحايا في أكبر مأساة إنسانية بتاريخ الصراع
تشهد الساحة الفلسطينية الإسرائيلية تطورات إنسانية مأساوية، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب تجاوز 69 ألف شخص، في وقت واصلت فيه إسرائيل والفصائل الفلسطينية تبادل جثامين القتلى ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي دخل حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية.
تصاعد عدد الضحايا
أوضحت مصادر طبية في غزة، أن الارتفاع الأخير في عدد القتلى يعود إلى عمليات انتشال مزيد من الجثامين من بين الأنقاض التي خلفها القصف، إضافة إلى التعرف على هويات ضحايا سابقين.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 69169 شخصًا قُتلوا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، وهو ما يجعلها أكثر الحروب دموية وتدميراً بين إسرائيل وحركة حماس.
وتابعت وزراة الصحة في غزة، أن حصيلة القتلى تشمل مئات المدنيين الذين سقطوا نتيجة الغارات الإسرائيلية التي تقول تل أبيب إنها استهدفت مواقع لمقاتلين في غزة.
كما أوضحت أن نحو 284 شخصًا أُضيفوا إلى العدد الإجمالي بعد التأكد من هوياتهم خلال الأسبوع الأول من نوفمبر.
تبادل الجثامين بين الطرفين
شهد يوم السبت استكمال مرحلة جديدة من تبادل الجثث، حيث سلّمت إسرائيل إلى الجانب الفلسطيني 15 جثمانًا جديدًا، في حين أعادت الفصائل المسلحة في اليوم السابق جثمان رهينة إسرائيلية إلى تل أبيب.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الجثمان يعود إلى لِيور رودائيف، وهو إسرائيلي من أصل أرجنتيني.
ويُعد تبادل الجثامين جزءًا محوريًا من المرحلة الأولى لاتفاق الهدنة، الذي ينص على أن تعيد حركة حماس كل جثامين الرهائن المحتجزين لديها، مقابل أن تُفرج إسرائيل عن أعداد من الجثامين الفلسطينية المحتجزة لديها.
وتُقام في تل أبيب بانتظام تجمعات لعائلات الأسرى والرهائن للمطالبة بعودة جميعهم إلى ديارهم.
مأساة إنسانية في مشافي غزة
في مدينة خان يونس، قال الدكتور أحمد ضهير، مدير قسم الطب الشرعي في مستشفى ناصر: إن أكثر من 300 جثمان تمت إعادتها حتى الآن من الجانب الإسرائيلي، جرى التعرف على 89 منها فقط.
وأضاف: أن نقص الإمكانات وعدم توفر عينات الحمض النووي يعقّد مهمة تحديد هوية بقية الضحايا، مشيرًا إلى أن الجثث المجهولة تُدفن على دفعات جماعية.
وفي مشهد يختزل المأساة، كانت عائلات تبحث بين أكياس الجثامين المتحللة عن أحبائها، قبل أن تقول إحدى الأمهات وهي تغلق أحد الأكياس: "أغلقوه، ليس هو".
وأخرى أكدت أنها ما زالت تأتي كل يوم إلى المشرحة أملاً في العثور على ابنها المفقود قائلة: "لم أفقد الأمل بعد، ما زلت أنتظر".
استمرار العنف في الضفة الغربية
وفي الوقت ذاته، شهدت الضفة الغربية تصاعدًا جديدًا في عنف المستوطنين الإسرائيليين. فقد ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن 11 شخصًا، بينهم صحفيون ومسعفون ومتطوعون دوليون، أصيبوا في اعتداء نفذه مستوطنون مسلحون على مزارعين فلسطينيين في بلدة بيتا جنوب نابلس أثناء موسم قطف الزيتون.
وأكدت الأمم المتحدة، أن شهر أكتوبر الماضي سجّل أعلى معدل لهجمات المستوطنين منذ بدء توثيقها عام 2006، إذ تجاوز عدد الاعتداءات 260 حادثة.
وأشارت منظمات حقوقية إلى أن المحاسبة على هذه الهجمات تكاد تكون معدومة، حيث نادرًا ما تُقدّم لوائح اتهام أو تجرى محاكمات، وفق ما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
ومن جهته، روى الناشط الإسرائيلي جوناثان بولاك لوكالة أسوشيتد برس، أنه كان يشارك في قطف الزيتون عندما هاجمه عشرات المستوطنين المقنّعين بالعصي والحجارة؛ ما أدى إلى إصابته في الرأس.
وأضاف: أنه شاهد مستوطِنين يعتدون على صحفية ومرافقها الأمني بعنف مفرط، ما ألحق أضرارًا بخوذتها.
وافادت وكالة رويترز، أن اثنين من مراسليها تعرضا للهجوم من مجموعة من المستوطنين أثناء تغطية الأحداث، رغم أنهما عرّفا عن نفسيهما كصحفيين، وطالبت السلطات الإسرائيلية بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين.
الموقف الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي قال: إنه تدخّل لتفريق ما وصفه بـ"مواجهة بين مدنيين إسرائيليين وفلسطينيين خلال موسم حصاد غير منسّق"، مضيفًا أن بعض الفلسطينيين أُصيبوا خلال الحادث. كما أشار إلى أن قواته قتلت مسلحين اثنين حاولا الاقتراب من جنود في شمال وجنوب قطاع غزة.
إلا أن المنظمات الحقوقية تؤكد، أن ردّ الجيش في معظم تلك الحالات يكون محدودًا ولا يؤدي إلى محاسبة المستوطنين المتورطين، ما يشجع على استمرار أعمال العنف.

العرب مباشر
الكلمات