محلل سياسي : تحكمات الحوثي تقود اليمن إلى أخطر مراحله المعيشية والإنسانية
محلل سياسي : تحكمات الحوثي تقود اليمن إلى أخطر مراحله المعيشية والإنسانية
يشهد اليمن واحدة من أقسى مراحله الإنسانية والسياسية خلال السنوات الأخيرة، مع تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية الناتجة عن تحكمات جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، وسياساتها التي أدت – وفق مراقبين – إلى تعميق المعاناة اليومية للمواطنين وتهديد مقومات الحياة الأساسية.
وتشير التقارير المحلية والدولية، أنّ الإجراءات التي اتخذتها الجماعة خلال الأشهر الماضية، خاصة المتعلقة بفرض الجبايات والإتاوات وعرقلة عمل المؤسسات الخدمية، تسببت في شلل واسع داخل القطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم، والصحة، والكهرباء، والخدمات البلدية، كما تواصل الجماعة إحكام قبضتها الأمنية عبر ملاحقة النشطاء والإعلاميين، الأمر الذي رفع من مستويات القلق والخوف بين السكان.
وفي هذا السياق، يؤكد محللون يمنيون أن حالة الاحتقان الاجتماعي في مناطق سيطرة الحوثي باتت في أعلى مستوياتها، نتيجة غياب الرواتب للموظفين للعام الثامن على التوالي، إلى جانب التدهور الحاد في القدرة الشرائية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود بنسبة تتجاوز 300% مقارنة بالسنوات السابقة.
ويضيف هؤلاء، أن مضاعفة الجبايات على التجار وعمليات المصادرة العشوائية أدت إلى هروب رؤوس الأموال وتراجع الحركة التجارية بشكل غير مسبوق.
كما يشير خبراء اقتصاديون إلى أن تحويل الجماعة لموارد الدولة لصالح مجهودها العسكري ساهم في تفاقم الأزمة، خصوصاً مع استمرار تعطيلها لتوريد إيرادات الموانئ والضرائب والاتصالات إلى البنك المركزي في عدن؛ ما أدى إلى اتساع الفجوة المالية وتدهور الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين.
على الصعيد الإنساني، تسجل منظمات الإغاثة الدولية ارتفاعًا كبيرًا في معدلات الفقر والجوع، حيث يعتمد أكثر من 70% من سكان اليمن على المساعدات الإنسانية، بينما تتواصل التقارير حول استخدام الحوثيين لتوزيع المساعدات كورقة ابتزاز سياسي، وحرمان عشرات الآلاف من الأسر منها بسبب الانتماء الجغرافي أو المواقف السياسية.
ويرى مراقبون، أن استمرار هذه السياسات سيفاقم الأزمة بشكل أكبر خلال العام المقبل، ما لم يتم اتخاذ خطوات جدية للضغط على جماعة الحوثي لوقف تحكماتها غير القانونية، وإعادة فتح المؤسسات، وتخفيف القيود على الحركة الاقتصادية والإنسانية، وفي ظل غياب أي بوادر لانفراج سياسي، يبقى المشهد اليمني مفتوحًا على مزيد من التدهور والمعاناة، وسط مطالبات محلية ودولية بتحرك عاجل لحماية المدنيين ووقف تعميق المأساة الإنسانية التي يعيشها اليمن منذ سنوات.
حذر المحلل السياسي اليمني د. عبد الله الشيباني، من أن اليمن يمر حاليًا بـ"أخطر مرحلة في تاريخه الحديث"، نتيجة ما وصفه بـ"التحكمات التعسفية" التي تمارسها جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، والتي أدت – بحسب قوله – إلى تدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية والخدمية.
وقال الشيباني -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: إن الإجراءات التي تتخذها الجماعة يوميًا "تستهدف المجتمع بشكل مباشر"، موضحًا أن فرض الجبايات والإتاوات على المواطنين والتجار، وغياب الرواتب للعام الثامن على التوالي، ورفع أسعار الوقود والمواد الأساسية، كلها عوامل قادت إلى موجة غير مسبوقة من الفقر والجوع.
وأضاف الشيباني، أن القطاعات الحيوية داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين "انهارت فعلياً"، مشيراً إلى توقف شبه تام للخدمات الصحية وتراجع مستوى التعليم، إلى جانب الانهيار الواسع في البنية التحتية.
وقال: "الحوثيون يتعاملون مع مؤسسات الدولة باعتبارها أدوات جباية، وليس خدمات عامة، وهو ما جعل المواطن اليمني يدفع الثمن الأكبر".
وأشار المحلل السياسي إلى أن الجماعة تعمل على "إحكام قبضتها الأمنية" عبر التضييق على الحريات وملاحقة النشطاء واعتقال المعارضين، مما خلق حالة من الخوف والاحتقان الاجتماعي في معظم المحافظات التي تسيطر عليها.
وأكد الشيباني، أن استمرار هذه السياسات دون تدخل دولي أو ضغط حقيقي سيُدخل اليمن في "مرحلة أكثر تعقيداً"، خاصة مع استمرار تحويل الحوثيين لموارد الدولة لصالح المجهود الحربي وحرمان ملايين اليمنيين من الخدمات الأساسية.
واختتم قائلاً: إن المجتمع الدولي مطالب "باتخاذ موقف أكثر صرامة" تجاه هذه الممارسات، والعمل على حماية المدنيين، ودعم مسار اقتصادي وإنساني ينقذ اليمن من حالة الانهيار المتسارعة التي يعيشها اليوم.

العرب مباشر
الكلمات