محمد إلهامي.. المؤرخ الذي يحوّل التاريخ إلى أداة دعائية لخدمة مشروع الإخوان

محمد إلهامي.. المؤرخ الذي يحوّل التاريخ إلى أداة دعائية لخدمة مشروع الإخوان

محمد إلهامي.. المؤرخ الذي يحوّل التاريخ إلى أداة دعائية لخدمة مشروع الإخوان
الإخواني محمد إلهامي

في زمنٍ تتكاثف فيه محاولات طمس الحقائق وتشويه الوعي الجمعي، يظهر محمد إلهامي كأحد أبرز الأصوات التي ترتدي ثوب "المؤرخ الإسلامي" لتروج سرديات مغلوطة تخدم أجندة جماعة الإخوان، وتمتد إلى النيل من رموز مصر وهويتها، إلهامي ليس مجرد ناقد سياسي أو صاحب رأي مختلف، بل هو جزء من ماكينة دعائية ممنهجة تتخذ من التاريخ منصة لتقويض الثوابت الوطنية وبث الشكوك في وجدان الشباب العربي، مستخدمًا أسلوبًا ناعمًا يغلف أفكاره المتطرفة بمفردات علمية مضللة، عبر ظهوره المتكرر في برامج ومنصات بحثية محسوبة على الجماعة في إسطنبول، يتحول إلهامي إلى أداة تأثير موجهة بعناية لاستهداف مصر ومؤسساتها، خصوصًا الجيش والدولة الحديثة، ومع كل مقطع مسجّل أو مقال منشور، تتضح صورة رجل لا يحمل همًّا أكاديميًا بقدر ما يسعى لهدم كل ما يمثل "مصر الدولة" لمصلحة سردية الجماعة، فمن هو محمد إلهامي حقًا، وما هي خطورة ما يروج له في سياق الصراع الفكري والسياسي في المنطقة؟

التشكيك في كل ما هو وطني


من خلف الميكروفونات وشاشات البودكاست التي تبث من إسطنبول، يطل محمد إلهامي بصوت هادئ ولهجة أكاديمية خادعة، لينسج خطابًا يجمع بين التحريض والتضليل، ويغلفه بثوب الباحث في الحضارة الإسلامية.

لكن ما يقدمه ليس بحثًا علميًا ولا اجتهادًا تاريخيًا بريئًا، بل محاولة منظمة لتشويه التاريخ المصري، وضرب الثقة في رموزه، والطعن في المؤسسة العسكرية، في خدمة مشروع إخواني عابر للحدود.

إلهامي الذي يصف نفسه بـ"المؤرخ الإسلامي"، ليس إلا نتاج المدرسة الدعائية الإخوانية، التي أتقنت استخدام أدوات المعرفة لبث روايات موازية، تشكك في كل ما هو وطني وثابت. 

في أكثر من مناسبة، شكك إلهامي في نصر أكتوبر المجيد، مقللًا من قدرة الجيش المصري على الإنجاز، ومروجًا لنظرية تفتيت الدولة من خلال بوابة قناة السويس، التي صوّر توسعتها كخطة لعزل سيناء عن الوطن، في تجاهل فج للحقائق، ومغالطة متعمدة تهدف لضرب الروح الوطنية.

الاحتلال نعمة


ليس هذا فحسب، بل بلغ به الأمر أن يدّعي أن إسقاط النظام المصري الحالي سيؤدي إلى "فتح من الله"، في دلالة واضحة على تهديدات مباشرة لاستقرار الدولة، وتحريض مبطن على الفوضى، مستندًا إلى خطاب ديني مفخخ يخلط بين الدين والسياسة.

ولعل الأخطر من ذلك هو زعمه بأن "احتلال تركيا لليبيا" يمثل انتصارًا ربانيًا، ما يضعه بوضوح ضمن التيار الداعم للمشروع التوسعي التركي في المنطقة، والمتماهي مع رؤى العثمانيين الجدد.

داخل أروقة "المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية" في إسطنبول، الذي يرتبط عضويًا بجماعة الإخوان، يشغل محمد إلهامي منصب "مدير وحدة الحركات الإسلامية". 

هذا المعهد الذي يتخذ واجهة بحثية، يضم في صفوفه شخصيات إخوانية معروفة، مثل سيف عبد الفتاح، وعبد الفتاح ماضي، ومحمد محسوب، وطارق الزمر. ومعهم، يعمل إلهامي على إنتاج ما يمكن تسميته بـ"أدبيات الفوضى الناعمة"، التي تستهدف استقطاب الشباب العربي وتفريغ مفهوم الوطنية لصالح الانتماء للجماعة.

في مقالاته التي ينشرها عبر موقع المعهد، يتكرر خطاب ينطوي على تزييف متعمد للوقائع، وإعادة تفسير التاريخ المصري والعربي بما يخدم سردية "الإخوان الضحية". 

مقالات إلهامي لا تقدم قراءة علمية أو تحليلية حقيقية، بل مزيجًا من النمط العاطفي، والتشكيك المنهجي، والتبشير بأن الحل الوحيد يكمن في الإسلام السياسي ممثلًا في الجماعة، متجاهلًا كل الكوارث التي خلّفتها تجربتها في مصر وخارجها.

من هو إلهامي؟


ولد محمد إلهامي في سوهاج، عام 1983، وكان في بدايته ضمن صفوف الجبهة السلفية، قبل أن ينتقل لمؤسسة ميدان التابعة للجماعة في تركيا، ما يعكس انتماءً أيديولوجيًا مشتركًا، وتحولًا استراتيجيًا نحو دور دعائي يدمج بين السلفية الجهادية والتنظير الإخواني.

وظهر اسم ألهامي عند تأسيس ما يسمى "المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية"، في تركيا، وهو مركز يقدم نفسه كـ"مؤسسة غير هادفة للربح"، تقدم الاستشارات للباحثين والمسؤولين في مؤسسات صنع القرار على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، وكذلك للمنظمات الدولية العاملة في المنطقة.

وضمت قائمة باحثين المعهد أسماء ترتبط بقوة بجماعة الإخوان الإرهابية وبالنظام الإخواني أمثال: عبد الفتاح ماضي وسيف عبد الفتاح وجمال حشمت ومحمد محسوب وطارق الزمر.

وجاء من بين أبرز الأسماء الإخوانية المرتبطة بالمعهد محمد إلهامي الذي يقدم نفسه كباحث في التاريخ والحضارة الإسلامية ويشغل في المعهد منصب "مدير وحدة الحركات الإسلامية".

ويكفي متابعة ظهوره الإعلامي وتصريحاته المسجلة لفهم أن ما يقوم به ليس نشاطًا علميًا، بل بروباغندا ممنهجة.

ورغم محاولاته الظهور بمظهر المثقف الهادئ، فإن مضمون خطابه يحمل بذورًا واضحة للتحريض والتشكيك وهدم الثقة في الدولة، تمامًا كما فعل الليبي علي الصلابي، أحد أبرز أذرع الجماعة في تشويه التاريخ والتقليل من شأن الجيوش العربية والمؤسسات الوطنية.

إن خطورة محمد إلهامي لا تكمن في شخصه فحسب، بل في المنظومة التي يعمل ضمنها، والتي تستهدف وجدان الشعوب العربية من خلال خطاب مغلّف بالدين والتاريخ، لكنه في جوهره هجوم على الهوية الوطنية، وتحريض على العنف والتفكيك، باسم ما يسمى "مشروع النهضة" الإخواني.