إيران تلمح إلى تهدئة وتعرض التفاوض مجددًا مع استمرار التصعيد واغتيال رئيس الأركان
إيران تلمح إلى تهدئة وتعرض التفاوض مجددًا مع استمرار التصعيد واغتيال رئيس الأركان

تسعى إيران بشكل عاجل إلى إنهاء التصعيد العسكري المتواصل مع إسرائيل واستئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووي، وذلك من خلال رسائل غير مباشرة بعثت بها إلى كل من تل أبيب وواشنطن عبر وسطاء عرب، وفقًا لما كشفه مسؤولون في الشرق الأوسط وأوروبا، حسبما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
مبادرات دبلوماسية وسط غارات عنيفة
وتابعت الصحيفة، أنه في ظل الغارات الجوية الإسرائيلية الشرسة، أبلغت طهران مسؤولين عربًا استعدادها للعودة إلى طاولة المفاوضات، بشرط ألا تنخرط الولايات المتحدة في الهجوم العسكري، بحسب ما نقل عن هؤلاء المسؤولين.
كما أرسلت إيران رسائل مباشرة إلى إسرائيل أكدت فيها أن من مصلحة الطرفين احتواء العنف وعدم السماح له بالتصاعد.
وأضافت أنه على الأرض، ما تزال الطائرات الحربية الإسرائيلية تحلق بحرية في الأجواء الإيرانية، في وقت تبدو فيه محاولات طهران للرد العسكري غير فعالة وتلحق أضرارًا محدودة، ما يعطي تل أبيب دافعًا قويًا لمواصلة هجومها من أجل إلحاق المزيد من الخسائر بالبنية النووية الإيرانية وتقويض سلطة النظام الحاكم.
غارات إسرائيلية واسعة النطاق
وأشارت الصحيفة، أن الغارات الإسرائيلية استهدفت سلسلة من المدن والمواقع العسكرية والنووية داخل إيران، بما في ذلك العاصمة طهران، ومنشآت تخصيب اليورانيوم في ناتانز وأصفهان، ومواقع عسكرية في تبريز وشيراز وكرمنشاه ومشهد، ضمن عمليات متواصلة بدأت في 13 يونيو واستمرت حتى 16 من الشهر ذاته.
وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، لاسيما من سلاح الجو، ما زاد من عزلة المرشد الأعلى علي خامنئي، وفق مصادر استخباراتية غربية، إلا أن محللين يرون أن الضربات لم تحقق حتى الآن أضرارًا جوهرية بالبنية النووية الإيرانية، وأن الأمر قد يتطلب حربًا جوية طويلة الأمد لتحقيق أهداف إسرائيل بالكامل.
نتنياهو: مستمرون حتى تدمير البرنامج النووي
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن العمليات العسكرية ستستمر حتى تدمير برنامج إيران النووي بالكامل، إلى جانب صواريخها الباليستية، مشيرًا أن تغيير النظام ليس هدفًا معلنًا للعملية، لكنه نتيجة محتملة نظرًا لما وصفه بـ"ضعف القيادة الإيرانية".
كما أشارت مصادر إسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي جهز خطة تمتد لأسبوعين إضافيين من الضربات الجوية، بينما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال محادثة هاتفية مع نظيره الإيراني، إلى العودة السريعة للمفاوضات.
في الوقت ذاته، أكدت عدة عواصم عربية أهمية وقف العمليات العسكرية لتفادي اتساع نطاق الصراع.
ترامب: إيران تأخرت كثيرًا
وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان يرفض التدخل العسكري طيلة العام الجاري، دعمه الكامل للهجمات الإسرائيلية، وأكد أن إيران قد فوتت فرصة التوصل إلى اتفاق، وقال من كندا: "الإيرانيون يريدون الحديث الآن، لكن كان عليهم فعل ذلك من قبل".
بدوره، صرّح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بأن الرئيس ترامب لا يطلب من إسرائيل وقف الحملة العسكرية، وأن العمليات لم تبلغ بعد منتصفها.
طهران ترفض وقفًا أحاديًا وتلوّح بالتصعيد
رغم إشارات التهدئة، أبلغت إيران بعض الوسطاء العرب أنها لن توقف القتال من جانب واحد، وأنها ستواصل الرد على الهجمات الإسرائيلية لاستعادة عنصر الردع.
كما أعربت عن أملها بأن يؤدي وقف مؤقت للعمليات إلى منحها فرصة لإعادة ترتيب صفوفها، وبناء ضغط دولي على إسرائيل، فضلًا عن منع دخول الولايات المتحدة بثقلها العسكري إلى المعركة.
ونقل مسؤولون عرب عن نظرائهم الإيرانيين قناعتهم بأن إسرائيل لا تملك القدرة على خوض حرب استنزاف طويلة، وأنها ستضطر في نهاية المطاف إلى حل دبلوماسي.
كما يعتقد الإيرانيون، أن الأهداف الكبرى مثل: منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم، الواقعة تحت الأرض، لا يمكن تدميرها إلا بمساعدة أمريكية مباشرة.
وأكد أحد المسؤولين العرب، أن "الإيرانيين يدركون أن واشنطن تدعم إسرائيل لوجستيًا، لكنهم يريدون ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تشارك في الهجوم".
حذرت إيران من أنها قد تسرّع من وتيرة برنامجها النووي وتوسع نطاق الحرب في حال لم تُفتح قنوات التفاوض مع الولايات المتحدة، إلا أنها في الوقت ذاته لم تُظهر أي استعداد لتقديم تنازلات جديدة بشأن برنامجها النووي، خاصة ما يتعلق بوقف تخصيب اليورانيوم، وهو ما كان يشكل الحد الأدنى المقبول بالنسبة لإسرائيل قبل بدء الضربات الأخيرة.
إسرائيل تستهدف المنشآت والقيادات والمرافق الحيوية
استهدفت الحملة الإسرائيلية حتى الآن منشآت نووية، قادة عسكريين، وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني.
وعلى مدار عطلة نهاية الأسبوع، توسّع نطاق الهجمات ليشمل منشآت الطاقة والبنية التحتية الاستراتيجية للطرفين.
كما سجلت تقارير ميدانية تزايد أعداد الضحايا المدنيين على الجانبين.
في الوقت ذاته، حذرت دول الخليج، لا سيما السعودية وقطر وسلطنة عمان، من خطورة استمرار القتال، ونقلت طلباتها للولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لوقف الهجمات.
وأشارت هذه الدول أن استمرار النزاع قد يهدد منشآت الطاقة في المنطقة، ما قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في سوق النفط العالمية والاقتصاد العالمي عمومًا.
اغتيال رئيس الأركان الجديد
في تصعيد نوعي ومؤلم لطهران، أعلنت مصادر عسكرية إيرانية، أن رئيس الأركان الجديد اللواء علي شادماني قُتل في غارة إسرائيلية استهدفت مقرًا عسكريًا قرب طهران، وذلك بعد مرور 72 ساعة فقط على تعيينه خلفًا للواء محمد باقري الذي قتل في الضربات الأولى.
ويُعد شادماني أحد أبرز القيادات الصاعدة في الحرس الثوري الإيراني، وقد عُيّن في منصبه في محاولة سريعة لملء الفراغ القيادي عقب مقتل باقري.
ووجه اغتياله بهذه السرعة ضربة جديدة وموجعة للمؤسسة العسكرية الإيرانية، وأعاد تسليط الضوء على هشاشة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في البلاد في مواجهة الاختراق الإسرائيلي.
ويرى مراقبون، أن هذه العملية تعزز من قدرة إسرائيل على استهداف القيادات الإيرانية بدقة فائقة، وتؤكد أنها تملك بنك أهداف متجدد يطال أعلى المستويات العسكرية في طهران، ما يعمّق أزمة الثقة داخل دوائر الحكم الإيراني.