لبنان يرفض المساعدات الإيرانية خوفًا من العقوبات وسط تصاعد الخلاف حول سلاح حزب الله
لبنان يرفض المساعدات الإيرانية خوفًا من العقوبات وسط تصاعد الخلاف حول سلاح حزب الله

رفضت الحكومة اللبنانية عرضًا من إيران لتقديم مساعدات مالية بقيمة 60 مليون دولار، إلى جانب شحنات من النفط، وذلك بسبب المخاوف من العقوبات الدولية المفروضة على طهران، بحسب ما صرح به السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني.
وأكدت شبكة "إيران إنترناشونال"، أن الرفض جاء في ظل توتر سياسي متزايد بشأن دور إيران في لبنان وسلاح حزب الله الذي يثير انقسامًا داخليًا وضغوطًا دولية متصاعدة.
عرض المساعدة الإيرانية ورفض بيروت
قال السفير أماني -في مقابلة مع قناة "إل بي سي آي" اللبنانية-: إن إيران كانت قد أرسلت مساعدات مالية ونفطية إلى لبنان، إلا أن السلطات اللبنانية رفضت قبولها بسبب العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية.
وأوضح، أن هذه المساعدات كانت يمكن أن تسهم في التخفيف من معاناة الشعب اللبناني الذي يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة منذ سنوات.
وأضاف الدبلوماسي الإيراني، أن واشنطن وعدت لبنان بتقديم مساعدات منذ أكثر من ثلاث سنوات لكنها لم تفِ بتلك الوعود، منتقدًا ما وصفه بـ"ازدواجية المعايير" في التعامل مع المساعدات الإنسانية.
وفي ظل تشديد العقوبات الأمريكية والأممية المفروضة على إيران، تواجه أي تعاملات مالية أو مساعدات قادمة من طهران عراقيل قانونية وسياسية، إذ تعتبرها بعض الدول خرقًا للالتزامات الدولية المفروضة على النظام الإيراني.
زيارة لاريجاني واستعداد إيران للمساعدة في إعادة الإعمار
وفي وقت سابق، صرح علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، خلال زيارته إلى بيروت، بأن بلاده على استعداد للمشاركة في إعادة إعمار لبنان عقب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مؤكدًا أن طهران ترى في استقرار لبنان جزءًا من أمن المنطقة ككل.
ملف سلاح حزب الله والضغوط الأمريكية
وفيما يتعلق بسلاح حزب الله، أكد السفير الإيراني، أن بلاده لا تمتلك معلومات دقيقة حول ترسانة الحزب، في وقت تتزايد فيه الدعوات الأمريكية والدولية لنزع سلاح الجماعة المدعومة من طهران.
وأشار أماني إلى أنه لا يعلم ما إذا كان الحزب سيستخدم سلاحه مجددًا ضد إسرائيل، لكنه نقل عن الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، أن المقاومة جاهزة لمواجهة أي عدوان محتمل.
وأكد السفير، أن المقاومة لا تُختزل في السلاح فقط، بل هي قبل كل شيء "إرادة وقدرة على مواجهة المحتل وطرده"، في إشارة إلى مبدأ المقاومة الذي يتبناه الحزب منذ تأسيسه.
موقف الرئاسة اللبنانية ودعوات السيادة
من جانبه، شدد الرئيس اللبناني جوزيف عون -خلال لقائه لاريجاني في أغسطس الماضي- على أن لا يحق لأي جهة داخل البلاد امتلاك السلاح خارج إطار الدولة، مؤكدًا أن التعاون مع أي طرف خارجي يجب أن يتم ضمن إطار السيادة الوطنية والاحترام المتبادل.
وقد اكتسب ملف سلاح حزب الله أهمية متزايدة بعد أن طرحت الولايات المتحدة خطة جديدة لنزع سلاح الحزب، صاغها المبعوث الإقليمي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، توم باراك، تتضمن خطوات عملية لتجريد الحزب من أسلحته في أعقاب الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
حزب الله بين النفوذ الداخلي والضغوط الدولية
تأسس حزب الله عام 1982 بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني، وتحول على مدى العقود الماضية إلى القوة العسكرية والسياسية الأكثر نفوذًا في لبنان، متجاوزًا في قدراته الجيش الوطني اللبناني. وقد خاض الحزب عدة حروب مع إسرائيل، ورفض مرارًا المطالبات المحلية والدولية بحل جناحه العسكري.
وفي أغسطس الماضي، طلب مجلس الوزراء اللبناني من الجيش إعداد خطة لنزع سلاح الحزب في إطار مساعٍ لتعزيز سيطرة الدولة على جميع أنواع السلاح داخل البلاد، وذلك ضمن هدنة مدعومة من واشنطن بين لبنان وإسرائيل. لكن إيران سارعت إلى إدانة الخطوة، معتبرة أنها تهدف إلى إضعاف قدرة لبنان الدفاعية أمام التهديدات الإسرائيلية.
بدوره، حذر الشيخ نعيم قاسم -في تصريحات سابقة- من أن أي محاولة لنزع سلاح الحزب بالقوة ستدفع لبنان إلى حرب داخلية، مؤكدًا أن الحركة المدعومة من إيران لن تتخلى عن سلاحها تحت أي ظرف.
وبينما تتواصل الضغوط الغربية لإضعاف نفوذ طهران في لبنان، يبدو المشهد اللبناني أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، إذ تتشابك فيه الأزمات السياسية والاقتصادية مع الحسابات الإقليمية، في بلد يقف على مفترق طرق بين استقراره الداخلي والتجاذبات الإقليمية المحيطة به.