إسرائيل وسوريا على طاولة واحدة.. كواليس مفاوضات سرية للاتفاق الأمني الجديد

إسرائيل وسوريا على طاولة واحدة.. كواليس مفاوضات سرية للاتفاق الأمني الجديد

إسرائيل وسوريا على طاولة واحدة.. كواليس مفاوضات سرية للاتفاق الأمني الجديد
إسرائيل وسوريا

شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية جدلًا واسعًا بعد تصريحات لافتة أدلى بها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون درمر، أحد المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مشاركته في فعالية نظمها "الائتلاف اليهودي في الحزب الديمقراطي" بمدينة لاس فيغاس الأمريكية، وفقًا لما نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية.

وتابعت: أن الوزير، الذي من المقرر أن يُنهي مهامه الرسمية خلال الشهر الجاري، كشف خلال اللقاء عن تفاصيل مفاوضات سرية أجراها في الأشهر الأخيرة مع مسؤولين كبار في النظام السوري الجديد برئاسة أحمد الشرع.

تشبيه مثير للجدل


أثار درمر دهشة الحاضرين حين شبّه الرئيس السوري أحمد الشرع بالممثل البريطاني ساشا بارون كوهين في فيلمه الشهير "الديكتاتور"، قائلًا: إن سلوك الشرع وأسلوب حكمه يذكرانه بالشخصية الكوميدية الساخرة التي تجسد الزعيم المستبد.

وأضاف الوزير الإسرائيلي ساخرًا: "لبريطانيا جيمس بوند، أما إسرائيل فلديها الموساد"، مشيرًا إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تشكل ذراع القوة الحقيقية للدولة العبرية.

تحالف استراتيجي مستقبلي


وخلال كلمته، شدد درمر على أن إسرائيل ستظل الحليف الأهم والأكثر موثوقية للولايات المتحدة خلال الخمسين عامًا المقبلة، مؤكدًا أن التعاون بين الجانبين في مجالات الاستخبارات، والأمن السيبراني، والدفاع المتقدم، والتكنولوجيا، بات يشكل ركيزة للأمن الأمريكي نفسه.

حضر الفعالية عدد من كبار الشخصيات السياسية من الجانبين، بينهم سفير إسرائيل في واشنطن يحيئيل لايتر، وسفيرها لدى الأمم المتحدة داني دانون، إلى جانب السفير الأمريكي في إسرائيل مايك هاكبي، ورئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، والسيناتوران ليندزي غراهام وكريستي نوم.

تفاصيل الاتفاق الأمني حول غزة


وفي سياق حديثه، تناول درمر الملف الأمني المتعلق بقطاع غزة، موضحًا أن ما يعرف بـ"الخط الأصفر" الذي تم تحديده ضمن التفاهمات الأخيرة لن يتحول إلى حدود دائمة بين إسرائيل والقطاع، مشيرًا إلى أن الاتفاق الدولي ينص على أن حركة حماس مطالبة بالتخلي عن سلاحها بالكامل.

وقال الوزير: إن إسرائيل ستتدخل عسكريًا إذا لم تُنفّذ هذه البنود، لافتًا إلى أن أي جهة غير إسرائيلية يمكنها القيام بهذه المهمة، وفي هذه الحالة سيتم توسيع نطاق المنطقة الآمنة.

وشدد درمر على أن هذا الاتفاق يحظى بدعم عشرات الدول، وهو ليس قرارًا إسرائيليًا منفردًا بل خطوة ضمن إطار دولي لضمان استقرار المنطقة.

من المفاوضات إلى الجمود السياسي


تصريحات درمر جاءت في أعقاب سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية السرية بين مسؤولين من إسرائيل وسوريا خلال الأشهر الماضية، جرت بوساطات أمريكية وبريطانية وفرنسية.

وكشفت مصادر دبلوماسية، أن اجتماعًا مهمًا عُقد في لندن بين درمر ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وُصف بأنه بداية لمسار تفاوضي جديد يستهدف التوصل إلى تفاهمات أمنية شاملة.

وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية آنذاك، إلى وجود "تقدم ملموس" في الاتصالات، مع توقعات بالتوصل إلى اتفاقات جزئية بحلول نهاية العام، خصوصًا في مجالي الأمن والدفاع.

غير أن العملية التفاوضية توقفت في اللحظة الأخيرة قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن أصرت إسرائيل على إدراج بند يسمح بفتح ممر إنساني إلى محافظة السويداء جنوب سوريا، حيث قُتل المئات من أبناء الطائفة الدرزية في مواجهات عنيفة خلال يوليو الماضي.

ورفضت دمشق الطلب بدعوى انتهاكه للسيادة السورية، فيما أكدت مصادر أمريكية، أن الموقف الإسرائيلي حال دون الإعلان الرسمي عن الاتفاق.

ردود دمشق وتداعيات إقليمية


وفي أحدث تصريحاته، تحدث الرئيس السوري أحمد الشرع في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" الذي تبثه شبكة "CBS" الأمريكية، حيث أقرّ بأنه كان على مقربة من قصره الرئاسي أثناء إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على دمشق.

ووصف الشرع تلك الضربات بأنها بمثابة "إعلان حرب"، مؤكدًا في الوقت نفسه، أن سوريا لا تسعى إلى تهديد إسرائيل أو أي طرف آخر، لكنها لن تتهاون مع أي مساس بسيادتها.

دلالات سياسية وأمنية


تحمل تصريحات درمر، التي تأتي في خضم مرحلة إعادة رسم التحالفات الإقليمية، مؤشرات على محاولة إسرائيلية لإعادة فتح قنوات التواصل مع دمشق تحت غطاء أمني دولي، وربما اختبار إمكانية إعادة سوريا إلى طاولة التطبيع الإقليمي بترتيبات أمريكية – إسرائيلية مشتركة.

ويرى مراقبون، أن المقارنة الساخرة التي أطلقها الوزير الإسرائيلي بشأن الرئيس السوري تحمل أبعادًا سياسية مقصودة، تعكس رغبة تل أبيب في التقليل من مكانة القيادة السورية الجديدة، بالتوازي مع الإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة تحسبًا لأي تسوية مستقبلية تشمل الحدود الشمالية أو الوجود الإيراني في سوريا.