محللون في شؤون الجماعات الإرهابية: فرنسا أدركت خطورة مشروع الإخوان العابر للحدود
محللون في شؤون الجماعات الإرهابية: فرنسا أدركت خطورة مشروع الإخوان العابر للحدود

تتواصل في فرنسا التحركات السياسية والأمنية لمواجهة ما تصفه السلطات بـ"الاختراق الإخواني للمجتمع"، وسط تأكيدات رسمية بأن تنظيم الإخوان يمثل تهديدًا مباشرًا للنظام الجمهوري وقيم الدولة الفرنسية، في ظل تمسكه بمشروع موازٍ يقوم على الانغلاق والتغلغل داخل المؤسسات.
وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية، حديثًا، عن خطوات جديدة لتعزيز الرقابة على الجمعيات والمراكز الثقافية والدينية المرتبطة بالتنظيم، في إطار خطة "محاربة الانفصالية الإسلامية" التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون، ووفق مصادر أمنية، فإن بعض الجمعيات الإخوانية تعمل تحت غطاء العمل الخيري والثقافي، لكنها في الواقع تروج لأفكار تتعارض مع مبادئ الجمهورية والعلمانية الفرنسية.
وتشهد فرنسا منذ أعوام جدلًا واسعًا حول خطر الإسلام السياسي، وخصوصًا جماعة الإخوان، وسط مطالبات من أحزاب ونواب بتشديد الإجراءات القانونية لحظر أنشطتها بالكامل على الأراضي الفرنسية.
وفي هذا السياق، قال بيير لوران، الخبير الفرنسي في شؤون الحركات الإسلامية، إن السلطات باتت أكثر وعيًا بطرق التسلل التي يستخدمها التنظيم لبسط نفوذه داخل الجاليات، مؤكدًا أن مشروع الإخوان "لا يتماشى مع قواعد الدولة المدنية الحديثة، ويسعى إلى خلق كيانات موازية تشكل خطرًا على التماسك الاجتماعي".
وأشار لوران إلى أن المواجهة لم تعد أمنية فقط، بل تشمل أيضًا أبعادًا فكرية وثقافية، من خلال دعم خطاب تنويري يعزز اندماج المسلمين في المجتمع، ويرفض توظيف الدين لأهداف سياسية.
أكد الدكتور هشام النجار، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أن فرنسا باتت تتعامل مع تنظيم الإخوان الإرهابي باعتباره تهديدًا استراتيجيًا لأمنها القومي، مشيرًا إلى أن المواجهة الحالية ليست عابرة، بل تعكس وعيًا متزايدًا لدى الدولة الفرنسية بخطورة المشروع الإخواني العابر للحدود.
وقال النجار - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - إن الجماعة عملت طوال سنوات على بناء "شبكات نفوذ موازية" داخل المجتمع الفرنسي، عبر واجهات دينية وخيرية وتعليمية، موضحًا أن هذا التغلغل استهدف تقويض أسس الدولة العلمانية وتشكيل مجتمعات مغلقة تدين بالولاء للتنظيم، لا للدولة.
وأضاف أن الاستراتيجية الفرنسية لمواجهة الإخوان اتجهت مؤخرًا نحو تفكيك البنية التحتية للجماعة، سواء من خلال إغلاق الجمعيات والمراكز الممولة من الخارج أو عبر مراقبة الخطاب الديني في المساجد، معتبرًا أن "التحرك الفرنسي الأخير يتجاوز البعد الأمني إلى معالجة فكرية وثقافية شاملة".
وأشار النجار إلى أن تنظيم الإخوان يستغل مناخ الحريات في الغرب لبث أفكاره، لكنه لا يؤمن بتلك الحريات من حيث الجوهر، بل يستخدمها كأدوات مرحلية للوصول إلى النفوذ، لافتًا إلى أن تجربة فرنسا قد تُمثل نموذجًا يمكن تعميمه أوروبيًا في مواجهة التنظيم.
وختم تصريحه بالتأكيد على ضرورة دعم الجهود الأوروبية لتجفيف منابع تمويل الجماعة، والتصدي للخطاب الإخواني الذي يُهدد استقرار المجتمعات الغربية من الداخل.