إيران تضع شروطًا جديدة للعودة إلى المفاوضات النووية وتطالب بتعويضات أمريكية
إيران تضع شروطًا جديدة للعودة إلى المفاوضات النووية وتطالب بتعويضات أمريكية

طالبت إيران الولايات المتحدة بدفع تعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بها خلال الحرب الأخيرة، كشرط أساسي لاستئناف المحادثات النووية التي توقفت بسبب التصعيد العسكري، وذلك بحسب ما صرح به عباس عراقجي، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
شروط إيرانية صارمة
قال عراقجي: إن طهران لن تقبل بالعودة إلى ما وصفه بـ"الوضع الطبيعي" بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا وشاركت فيها واشنطن إلى جانب إسرائيل، رغم أنها كانت حينها في خضم مفاوضات غير مباشرة مع إيران.
وأضاف: "يجب أن يشرحوا لنا لماذا هاجمونا أثناء المفاوضات، ويجب أن يضمنوا عدم تكرار ذلك مستقبلاً، كما يجب عليهم تعويضنا عن الأضرار التي لحقت بنا".
وأشار، أن المفاوضات مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف استمرت خلال وبعد الحرب، لكن طهران باتت الآن بحاجة إلى "إجراءات حقيقية لبناء الثقة" من جانب الولايات المتحدة، تتضمن تعويضات مالية وضمانات بعدم تكرار الهجمات.
ضربة قاسية للمشروع النووي الإيراني
اندلعت الحرب في 13 يونيو عندما شنت إسرائيل هجمات جوية واسعة النطاق على إيران قبل يومين فقط من الجولة السادسة من المحادثات النووية بين عراقجي وويتكوف.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية مواقع نووية ومنشآت للدفاع الجوي، وأدت إلى مقتل أكثر من 1000 شخص بحسب السلطات الإيرانية، بمن فيهم قيادات عسكرية وعلماء نوويون.
وردت إيران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 29 شخصًا وفقًا للرواية الإسرائيلية. وبعد ذلك، شنت واشنطن غارات على منشآت تخصيب اليورانيوم في "فوردو" و"نطنز"، وكذلك على منشأة جديدة قرب أصفهان، ما ألحق أضرارًا جسيمة بهذه المنشآت التي أنفقت إيران مليارات الدولارات على تطويرها.
واعترفت إيران لأول مرة في تصريحات عراقجي، بأن المنشأة الجديدة قرب أصفهان تعرضت للهجوم، رغم أنها لم تكن قد بدأت التخصيب بعد.
تشكيك داخلي ودعوات للتسلح النووي
أوضح عراقجي، أن الحرب الأخيرة غذت مشاعر الرفض داخل النظام الإيراني تجاه استئناف المفاوضات، ودفعت بعض الأصوات إلى المطالبة بتحويل البرنامج النووي إلى مسار عسكري.
ورغم ذلك، شدد على أن بلاده ما تزال ملتزمة ببرنامج نووي سلمي مدني، مؤكدًا على التزامها بالفتوى التي أصدرها المرشد الأعلى علي خامنئي منذ عقدين، والتي تحرم تطوير الأسلحة النووية.
وأضاف: أن "الشعور العام المضاد للتفاوض في أوجه"، وقال: إن "الناس يطالبوننا بعدم تضييع الوقت وعدم الوقوع مجددًا في فخ الخداع الأمريكي"، مشيرًا أن الحرب عمقت عدم الثقة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي انسحب سابقًا من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 خلال عهد باراك أوباما.
خلافات عالقة بشأن تخصيب اليورانيوم
وأكدت الصحيفة البريطانية، أنه رغم أن كلا الطرفين تحدث عن تقدم نسبي في المحادثات قبل اندلاع الحرب، إلا أن الخلاف الأساسي بقي قائمًا حول مطلب ترامب بأن توقف إيران بالكامل جميع أنشطة التخصيب داخل أراضيها، وهو ما رفضته طهران رفضًا قاطعًا.
وأكد عراقجي، أن إيران لن تقبل باتفاق يشترط "تصفير التخصيب"، مضيفًا: "إذا أصروا على ذلك، فلا يوجد أساس للتفاوض".
وأشار، أن بلاده تحتفظ بالقدرات التقنية والبشرية اللازمة لإعادة تشغيل منشآت التخصيب رغم الأضرار، قائلاً: "يمكن إعادة بناء المباني واستبدال الآلات، ولدينا وفرة من العلماء والفنيين، لكن توقيت وكيفية استئناف التخصيب يعتمد على الظروف".
تهديدات أمريكية وضغوط أوروبية
ووجه ترامب تحذيرات جديدة لإيران، قائلاً: إن بلاده قد توجه ضربات إضافية إذا استأنفت طهران تخصيب اليورانيوم، وأضاف: "سنقضي على برنامجهم النووي أسرع مما يتصورون".
وفي السياق ذاته، انتقد عراقجي بشدة كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الدول الأوروبية الموقعة على اتفاق 2015، بعد تهديدهم بتفعيل آلية "العودة التلقائية للعقوبات" (Snapback) نهاية أغسطس في حال لم تستأنف إيران المفاوضات ولم تتعاون مجددًا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واعتبر عراقجي، أن هذه الخطوة ستمثل نهاية طريق التفاوض مع الأوروبيين، قائلاً: "إذا فعلوا ذلك، فلا داعي لأي مفاوضات معهم بعد الآن، لأنهم لا يستطيعون رفع العقوبات ولا تقديم أي شيء".
اتفاق ممكن بشروط
رغم التصعيد الحاد في المواقف، أبدى عراقجي استعدادًا مبدئيًا للعودة إلى طاولة المفاوضات، بشرط أن يأتي الطرف الأمريكي بـ"نية حقيقية" لإبرام اتفاق يراعي المصالح المتبادلة. وقال: "يمكننا التفاوض وتبادل الحجج، لكن إذا أصروا على التخصيب الصفري، فلن يكون هناك أي شيء نتفاوض عليه".
وفي ظل إصرار طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم بصفتها عضوًا في معاهدة عدم الانتشار النووي، تستمر المواجهة السياسية والدبلوماسية بين إيران والغرب، وسط ضبابية كبيرة بشأن فرص إحياء الاتفاق النووي في المستقبل القريب.