تقارير استخباراتية تكشف تحركات سرية لإعادة بناء قوة حزب الله
تقارير استخباراتية تكشف تحركات سرية لإعادة بناء قوة حزب الله
 
                            كشفت معلومات استخباراتية إسرائيلية وعربية أن حزب الله اللبناني بدأ في إعادة تسليح نفسه وإعادة تشكيل صفوفه بعد عام واحد فقط من اتفاق الهدنة الذي أنهى حملة عسكرية إسرائيلية شرسة استمرت شهرين، في خطوة وصفت بأنها انتهاك مباشر لشروط الاتفاق وتهديد واضح لإعادة إشعال الصراع على الجبهة الشمالية، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
إعادة تسليح ممنهجة بدعم إيراني
تُظهر التقارير أن الحزب المدعوم من إيران يعمل على تخزين كميات جديدة من الصواريخ والمدفعية وصواريخ مضادة للدروع، عبر قنوات متعددة تشمل الموانئ اللبنانية ومسارات التهريب عبر الأراضي السورية التي ما زالت تعمل رغم الضغوط الأمنية.
وأكدت المصادر أن الحزب بدأ أيضًا في تصنيع بعض الأسلحة محليًا لتعويض خسائره الكبيرة خلال الحرب الأخيرة.
اتفاق هش وضغوط متبادلة
الاتفاق الذي أنهى القتال قبل عام نصّ على أن تبدأ الحكومة اللبنانية بتفكيك ترسانة حزب الله في الجنوب، تمهيدًا لنزع سلاحه بالكامل في أنحاء البلاد، إلا أن الحزب رفض الالتزام الكامل، معتبرًا أن سلاحه يمثل ضمانة لحماية لبنان من أي عدوان إسرائيلي.
أما إسرائيل، التي نفذت أكثر من ألف غارة جوية ونحو 500 قصف مدفعي منذ توقيع الهدنة في نوفمبر الماضي، فقد أعربت عن نفاد صبرها تجاه ما وصفته بتجاهل حزب الله لبنود الاتفاق، محذّرة من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تصعيد واسع.
تحذيرات أمريكية من عمل إسرائيلي منفرد
وقال السفير الأمريكي في تركيا والمبعوث الخاص للبنان وسوريا، توم باراك، إن تل أبيب قد تتخذ خطوات أحادية إذا استمر التردد اللبناني، مشددًا على أن العواقب ستكون خطيرة إذا انفجر الوضع مجددًا على الحدود.
في المقابل، يحاول القادة اللبنانيون عبر وساطات عربية وأمريكية إقناع إسرائيل بإبداء قدر من الصبر، وعرضوا تعزيز التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية رغم أن البلدين لا يزالان رسميًا في حالة حرب.
صمت رسمي ومواقف متباينة
رفض مكتب رئيس الوزراء اللبناني التعليق على المعلومات، بينما لم يصدر أي رد من الرئاسة أو قيادة الجيش. كما تجاهل حزب الله طلبات التعليق على التقارير الاستخباراتية.
لكن الأمين العام الحالي للحزب، نعيم قاسم، قال في مقابلة بثت في أكتوبر على قناة مقربة من الحزب إن التنسيق بين الجيش اللبناني وحزب الله ضروري، مؤكدًا أن محاولات نزع سلاح الحزب ستواجه بالرفض، وأن الحزب لا يسعى إلى حرب جديدة مع إسرائيل رغم استمرار الغارات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية.
صعوبة تفكيك ميليشيا متجذرة
تسلط الأزمة الضوء على التحدي الكبير في مواجهة ميليشيا تمتلك قاعدة شعبية واسعة حتى بعد تعرضها لخسائر فادحة. ويواجه لبنان معضلة مزدوجة بين التزامه الدولي بنزع سلاح الحزب وبين تجنب صدام داخلي قد يعيد البلاد إلى أجواء الحرب الأهلية.
فالجيش اللبناني، بحسب محللين، لا يملك القدرة العسكرية الكافية لمواجهة حزب الله، كما أن عزل الحزب سياسيًا سيزيد من شعور شريحة واسعة من الطائفة الشيعية بالتهميش.
أوجه الشبه مع الوضع في غزة
تتكرر الصعوبات ذاتها في غزة، حيث ترفض حركة حماس التخلي عن سلاحها أو سلطتها رغم خسارتها آلاف المقاتلين خلال الحرب الأخيرة. ومع بدء الهدنة هناك، أعادت الحركة فرض سيطرتها عبر ملاحقة خصومها السياسيين، فيما تستمر المناوشات مع القوات الإسرائيلية على أطراف القطاع.
حزب الله بين المقاومة والبقاء
يُذكر أن حزب الله نشأ من رحم الطائفة الشيعية اللبنانية قبل أكثر من أربعة عقود ونجا من عدة مواجهات مع إسرائيل. وقد أشعل الحزب جولة جديدة من المواجهة بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023 عندما أطلق صواريخ شبه يومية على شمال إسرائيل، ما أدى إلى نزوح جماعي من البلدات الحدودية.
وردّت إسرائيل حينها بحملة هي الأعنف ضد الحزب منذ تأسيسه، تخللتها آلاف الغارات الجوية وانفجارات متزامنة دمرت أجهزة اتصال الحزب وأضعفت بنيته التنظيمية.
بطء في تنفيذ اتفاق الهدنة
الاتفاق المبرم العام الماضي نص على نزع السلاح جنوب نهر الليطاني أولًا، ثم توسيع العملية لتشمل كامل الأراضي اللبنانية. وقد أعلن الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام دعمهما لتطبيق الاتفاق حتى احتكار الدولة للسلاح.
وأحرزت الحكومة تقدمًا جزئيًا في الجنوب حيث تم تفكيك بعض المواقع والأسلحة بموافقة الحزب، لكن مناطق نفوذه الكبرى مثل الضاحية الجنوبية لبيروت وسهل البقاع لم تشهد أي خطوات ملموسة.
مأزق سياسي وأمني معقد
يُؤكد خبراء أن الحكومة اللبنانية عالقة في منطقة رمادية، إذ تقول إنها بدأت نزع السلاح جنوب الليطاني، لكنها لم تحدد خطواتها التالية شمال النهر، وسط انقسام داخلي عميق وضغوط خارجية متزايدة.
وقالت الباحثة رندة سليم ط، من معهد السياسة الخارجية بجامعة جونز هوبكنز، إن الجيش اللبناني غير مستعد لمواجهة الحزب عسكريًا، وإن أيّة محاولة لفرض نزع السلاح بالقوة قد تشعل حربًا أهلية جديدة.
حدود القوة العسكرية الإسرائيلية
رغم تنفيذ إسرائيل أكثر من 1500 هجوم منذ نهاية الحرب، فإن الخبراء يشككون في إمكانية تحقيق أهدافها عبر التصعيد. ويتساءلون عما يمكن لإسرائيل أن تفعله أكثر بعد تلك الضربات المكثفة، وهل ستعيد اجتياح الجنوب أو تتوغل حتى بيروت لمطاردة عناصر الحزب؟
لا تزال أصداء الطائرات الإسرائيلية المسيّرة تُسمع في أجواء لبنان بشكل يومي، فيما يعاني أكثر من 60 ألف نازح من تبعات القتال دون أي أفق لإعادتهم إلى منازلهم، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الهجرة الدولية.
وتعاني جهود إعادة الإعمار من الجمود بسبب نقص التمويل ورفض المانحين الغربيين والخليجيين دعم المشاريع ما لم يحرز لبنان تقدمًا في ملف نزع سلاح حزب الله.
وفي حين يعترف مسؤولو الحزب بأنهم تضرروا بشدة من الضربات الإسرائيلية، فإنهم يؤكدون أن لديهم الوسائل الكافية لإعادة التسلح متى أرادوا، معتبرين أن سلاحهم يمثل عنصر قوة للبنان في مواجهة جيش إسرائيلي متفوق.
وبينما تؤكد تقارير استخباراتية عربية أن الحزب يُعيد تنظيم صفوفه وفق هيكل لامركزي يشبه تكتيكات الثمانينيات، فإن مصادر أخرى تُشير إلى أن قيادته العسكرية لا تزال في حالة فوضى، رغم استمرار الحزب في تجنيد مقاتلين جدد.
 
                            
                                
 العرب مباشر
 
                                    العرب مباشر  
                                
                             
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
         
         
         
         
         
         الكلمات
  الكلمات 
         
         
         
         
         
         
         
         
         
         
         
         
         
                             
                             
                             
                             
                             
                             
                             
                             
                            