كيف أحبطت دمشق محاولتين لاغتيال الشرع قبل زيارة واشنطن

كيف أحبطت دمشق محاولتين لاغتيال الشرع قبل زيارة واشنطن

كيف أحبطت دمشق محاولتين لاغتيال الشرع قبل زيارة واشنطن
أحمد الشرع

في وقتٍ كانت دمشق تستعد لفتح صفحة غير مسبوقة في تاريخ علاقاتها مع واشنطن، جاءت الأنباء عن إحباط مؤامرتين لاغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع لتذكّر السوريين بأنّ طريق الاستقرار ما يزال محفوفًا بالألغام، فبين تحالف عسكري ناشئ ضد تنظيم "داعش"، ولقاء وشيك في البيت الأبيض قد يغيّر خريطة سوريا السياسية، يجد الشرع نفسه محورًا في معادلة معقدة تجمع بين الأمن والسياسة، لقد خرج من رحم المعارضة المسلحة ليصبح رئيسًا لبلدٍ أنهكته حربٌ عمرها أربعة عشر عامًا، واليوم، بينما يحاول كسب ثقة الأميركيين واستعادة موقع سوريا على الساحة الدولية، يواجه في الوقت ذاته تهديداتٍ من خصوم الأمس الذين لا يريدون عودة دمشق إلى المشهد الدولي بهذه السرعة، ومع كل خطوة يخطوها الشرع نحو واشنطن، يبدو أن العالم يترقب سوريا جديدة حرة من رماد الحرب، لكنها لم تبرأ بعد من جراحها العميقة.

الشرع نجا مرتين


كشفت مصادر أمنية وإقليمية لـ"رويترز"، أن السلطات السورية أحبطت مؤامرتين منفصلتين كان تنظيم "داعش" يخطط من خلالهما لاغتيال الرئيس أحمد الشرع، في مؤشر واضح على أن التهديدات الأمنية ما تزال تحاصر العاصمة رغم التحولات السياسية الكبيرة التي تشهدها البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد.

ووفقًا للمصادر، فإن المؤامرتين جرى اكتشافهما خلال الأشهر القليلة الماضية، إحداهما كانت تستهدف مناسبة رسمية معلنة للرئيس، فيما تم إحباط الثانية عبر عملية استخباراتية معقدة، الامتناع عن كشف تفاصيل التنفيذ يعكس حساسية الموقف، خصوصًا في ظل انخراط دمشق في تحالف دولي جديد تقوده الولايات المتحدة لمحاربة بقايا التنظيم الإرهابي.

يأتي الكشف عن هذه المحاولات عشية اللقاء المرتقب بين الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، اللقاء الذي يُتوقع أن يرسم ملامح مرحلة جديدة في علاقة سوريا بالغرب، ويعيد ترتيب الأوراق في الإقليم، فالشرع الذي قاد فصائل المعارضة المسلحة ضد الأسد، تحول اليوم إلى شريك محتمل لواشنطن في محاربة الإرهاب وإعادة الاستقرار إلى سوريا.

تفاصيل محاولات داعش


من جانبه، قال مصدر مطّلع على سير التحقيقات الأمنية في دمشق: إنّ إحدى المؤامرتين اللتين خطط لهما تنظيم داعش كانت تستهدف الشرع خلال مشاركته في فعالية جماهيرية في العاصمة، عبر انتحاريين تسلّلوا إلى المكان قبل أيام من الحدث، مستغلّين ثغرات في تأمين محيط القاعة. 

وأضاف المصدر لـ"العرب مباشر": أن التخطيط جرى عبر شبكة صغيرة تلقت أوامرها من خارج البلاد، وتمّ رصد تحويلات مالية مشبوهة مرتبطة بعناصر التنظيم في شمال العراق.

أما المؤامرة الثانية ــ بحسب المصدر ذاته ــ فكانت أكثر تعقيدًا، إذ تضمنت استخدام طائرة مسيّرة مفخخة كان من المقرر إطلاقها نحو موكب الشرع أثناء انتقاله بين مقريْن حكوميين في ريف دمشق. 

وكشف، أن إحباط العمليتين تمّ بفضل رصد استخباري استباقي وتنسيق وثيق بين وحدات الأمن الداخلي والاستخبارات العسكرية، مشيرًا إلى أنّ السلطات تتعامل مع هذه المحاولات كرسائل سياسية أكثر منها عمليات ميدانية، هدفها زعزعة الثقة في استقرار القيادة الجديدة.

حملة أمنية واسعة


الزيارة المرتقبة إلى البيت الأبيض تحمل رمزية سياسية كبرى، إذ ستكون الأولى من نوعها لرئيس سوري منذ عقود، ما يكرّس واقعًا جديدًا لسوريا ما بعد الحرب، وتشير تسريبات دبلوماسية إلى أن جدول المباحثات سيتناول ملفات الأمن، وإعادة الإعمار، ومستقبل العلاقات مع إسرائيل، فضلاً عن الانضمام الرسمي للتحالف الأميركي ضد "داعش".

في هذا السياق، أطلقت وزارة الداخلية السورية حملة أمنية واسعة استهدفت خلايا التنظيم في عدة محافظات، وأعلنت القبض على عدد من المشتبه بهم وضبط مستودعات أسلحة وذخائر. البيان الرسمي شدّد على أن العملية نُفذت بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات العامة، في إطار خطة وطنية لـ"تعزيز الأمن والاستقرار وحماية المواطنين".

مصادر ميدانية أكدت، أن هذه الحملة جاءت استباقية قبيل الزيارة الرئاسية، بعد ورود معلومات عن نية التنظيم تنفيذ عمليات نوعية لزعزعة الأمن الداخلي، ووفق تقديرات أمنية، فإن خلايا "داعش" في البادية السورية ما تزال قادرة على شن هجمات متفرقة رغم انحسار وجودها العسكري.