ألف قتيل يمزقون قلب طهران.. حرب يونيو تترك الإيرانيين بين الدمار والخوف
ألف قتيل يمزقون قلب طهران.. حرب يونيو تترك الإيرانيين بين الدمار والخوف

على مدار 12 يومًا من الحرب الدامية في يونيو الماضي، قُتل أكثر من ألف إيراني في ضربات إسرائيلية استهدفت العاصمة طهران ومواقع نووية ومراكز عسكرية، في واحدة من أعنف المواجهات المباشرة بين البلدين منذ عقود.
وكانت وزارة الصحة الإيرانية، قد أعلنت أن 700 مدني على الأقل وقرابة 400 عسكري وعالم نووي لقوا مصرعهم، فيما أكدت منظمات حقوقية مستقلة أرقامًا متقاربة.
صواريخ إسرائيلية تمزق قلب العاصمة
وبخسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإنه للمرة الأولى منذ ثمانينيات القرن الماضي، تعرضت طهران، المدينة التي يقطنها نحو 10 ملايين نسمة، لوابل من الصواريخ الإسرائيلية التي اخترقت مباني سكنية ومؤسسات حيوية.
وتابعت، أن إحدى الضربات البارزة استهدفت منزل العالم النووي أحمد رضا زولفقاري، لتودي بحياته مع أسرته وتقتل في الوقت نفسه الطفل أميرعلي خورامي، البالغ 14 عامًا، والذي كان يقطن بجواره.
وأضافت، أن القصف لم يقتصر على المواقع النووية أو المراكز القيادية، بل طال أيضًا سجن إيفين الشهير، حيث قُتل 80 شخصًا بينهم أطفال وموظفون اجتماعيون.
كما أصابت الغارات مبنى التلفزيون الرسمي ومجمعات سكنية مكتظة وعائلات نائمة.
مشاهد مأساوية وغضب شعبي
وتابعت الصحيفة، أن بين الأنقاض، روى الأهالي قصصًا مؤلمة عن فقدان أحبائهم. شاب إيراني حمل بين يديه دمية "سبايدر مان" لطفله القتيل قائلاً: "أميرعلي أحب الحياة.. لماذا كان عليه أن يموت؟".
وفي مستشفى بطهران، فتاة في السادسة عشرة من عمرها تتلقى جرعات المورفين كل ساعتين لتخفيف آلامها بعد إصابتها بشظايا قنبلة.
وفي المقابل، شنت إيران هجمات صاروخية على مدن إسرائيلية أسفرت عن مقتل 31 شخصًا، وفقًا لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
إلا أن الصدمة الكبرى بالنسبة للإيرانيين كانت هشاشة دفاعاتهم الجوية التي فشلت في التصدي للضربات.
انعكاسات داخلية وخارجية
الحرب لم تترك أثرًا عسكريًا فقط، بل عمّقت التوترات الداخلية. فبينما سعى القادة الإيرانيون إلى تحويل الحزن الشعبي إلى خطاب تعبوي يدعو للصمود والانتقام، أبدى مواطنون استياءً من سياسات حكومتهم التي جعلت بيوتهم أهدافاً مباشرة.
وعبر كثيرون عن رغبتهم في الهجرة، فيما ربط آخرون مأساتهم بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018، معتبرين أن ذلك فتح الباب أمام هذا التصعيد.
بين الخوف واليأس والأمل بالتغيير
ورغم عودة نسبية للحياة الطبيعية في شوارع طهران بعد وقف إطلاق النار في 25 يونيو، يسود شعور عميق بانعدام الأمان.
المقاهي والمطاعم امتلأت مجددًا، لكن في المقابر أقيمت مراسم إحياء ذكرى الأربعين لضحايا الحرب، حيث اجتمع آلاف الإيرانيين في مشهد اختلط فيه الغضب بالحزن والبحث عن معنى لما جرى.
وفي ميدان فلسطين وسط العاصمة، تواصل ساعة رقمية العد التنازلي لما تسميه السلطات "إزالة إسرائيل"، فيما تنقسم مشاعر المواطنين بين من يرفع شعار الانتقام ومن يطالب بالسلام والحرية بعيداً عن شعارات السلطة.
مستقبل غامض
الحرب القصيرة والعنيفة مثّلت منعطفًا في الصراع الإيراني الإسرائيلي. فبعد سنوات من حرب الظل التي اقتصرت على اغتيالات سرية وهجمات سيبرانية، اتخذت المواجهة شكلاً مباشراً أزهق أرواح المئات من المدنيين.
ومع هشاشة الهدنة، يخشى كثير من الإيرانيين أن يكون ما جرى مجرد بداية لفصل أكثر خطورة في تاريخ الشرق الأوسط.
يقول أحد سكان طهران وهو يقف أمام منزله المدمر: "إذا لم نكن آمنين في بيوتنا، فأين يمكن أن نجد الأمان؟".