هدنة محتملة في غزة.. توافق فلسطيني ورسائل للوسطاء الدوليين
هدنة محتملة في غزة.. توافق فلسطيني ورسائل للوسطاء الدوليين

تعيش الساحة الفلسطينية لحظة فارقة بعد إعلان حركة «حماس» وعدد من الفصائل الفلسطينية موافقتها على مقترح وساطة جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
هذه الخطوة، التي جاءت خلال مفاوضات مكثفة في القاهرة، تحمل في طياتها أبعادًا سياسية وعسكرية تتجاوز مجرد التهدئة الميدانية، إذ تُبرز محاولات لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني الداخلي، وفتح الباب أمام أدوار إقليمية ودولية أوسع.
مشاركة واسعة من الفصائل
سلَّمت حركة «حماس» إلى جانب «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«الجبهة الديمقراطية» وفصائل أخرى صغيرة مثل: «لجان المقاومة» و«حركة المجاهدين» ردها بالموافقة على المقترح، الذي يتضمن هدنة مؤقتة تمتد ستين يومًا.
كما انخرط التيار الإصلاحي الديمقراطي داخل حركة «فتح» بقيادة محمد دحلان في المفاوضات، في خطوة تحمل دلالات على تنوع التمثيل الفلسطيني هذه المرة.
تحول في طبيعة المشاورات
المفاوضات الأخيرة في القاهرة مثلت المرة الأولى التي اجتمعت فيها هذه الفصائل كلها في مصر، بعد أن كانت اللقاءات السابقة متفرقة بين تركيا وقطر. هذا التحول يعكس رغبة في تقديم صورة فلسطينية أكثر تماسكًا، وإدراكًا جماعيًا بأن أي اتفاق للتهدئة لن يكون قابلاً للاستمرار من دون مشاركة أوسع من مختلف القوى.
موازين القوى داخل غزة
تُظهر خريطة الفصائل في القطاع، أن حركة «الجهاد الإسلامي» أصبحت الشريك الأقرب لـ«حماس» على المستويين السياسي والعسكري، وهو ما يعكس حالة من التنسيق الميداني والاستراتيجي بين الطرفين.
أما «الجبهة الشعبية» و«الجبهة الديمقراطية» فما زالتا تحافظان على حضور سياسي واجتماعي مهم رغم التراجع الكبير في قوتهما العسكرية مقارنة بما كانتا عليه في عقود سابقة.
وفي المقابل، تسعى «لجان المقاومة» و«حركة المجاهدين» إلى ترسيخ وجودهما كقوتين مؤثرتين ميدانيًا عبر عمليات محدودة تعكس محاولتهما لعب دور أكبر في المواجهة الدائرة.
أما التيار الإصلاحي بقيادة محمد دحلان فيمثل دخول لاعب جديد إلى المشهد الفلسطيني، وإن ظل موقعه يثير كثيرًا من الجدل والانقسام داخل الساحة الفلسطينية.
مرحلة جديدة
قال لؤي الغول، مدير نقابة الصحفيين الفلسطينيين: إن "المشهد السياسي الفلسطيني يدخل مرحلة جديدة من التعقيد، حيث بات واضحًا أن وحدة الموقف الوطني مطلب لا يمكن تجاوزه.
مشاركة هذا الطيف الواسع من الفصائل في المفاوضات يؤكد أن أي تسوية قادمة لن تكون محصورة في فصيل واحد، بل ستعكس صيغة أوسع من التمثيل، وهو ما يعكس رغبة الشارع الفلسطيني في إنهاء حالة الانقسام والبحث عن أفق سياسي مشترك"
وبحسب الغول لـ"العرب مباشر"، المشهد الفلسطيني اليوم يقف عند مفترق طرق، إما أن تتحول هذه الهدنة المؤقتة إلى مجرد هدنة عابرة تُعيد ترتيب الأوضاع الميدانية مؤقتًا، أو تكون بداية لمسار سياسي مختلف، تُسهم فيه الفصائل كافة بصياغة رؤية فلسطينية موحدة توازي حجم التحديات، مردفاً:" وفي كل الأحوال، تبقى الأنظار متجهة إلى القاهرة باعتبارها مركز الثقل في أي ترتيبات مقبلة".
التحركات الدولية والإقليمية
الهدنة المحتملة لا تنفصل عن السياق الدولي. فالمقترح الذي قُدم في القاهرة جاء بدعم من عدة أطراف إقليمية ودولية، أبرزها قطر ومصر والولايات المتحدة.
ويشير مراقبون، أن أي نجاح لهذه الهدنة المؤقتة سيفتح الباب أمام مفاوضات أكثر عمقاً تتعلق بصفقة تبادل الأسرى، وإعادة الإعمار، وربما العودة إلى مسار سياسي أوسع.
كما أن الأطراف الدولية تنظر إلى هذا الاتفاق باعتباره اختبارًا لمدى قدرة الفصائل الفلسطينية على تجاوز خلافاتها الداخلية، وتقديم موقف موحد يمكن البناء عليه في أي تسوية مستقبلية.