تمدد داعش.. كيف يخلق الإرهاب بؤره الجديدة في غرب إفريقيا؟

يتمدد تنظيم داعش الإرهابي في غرب أفريقيا

تمدد داعش.. كيف يخلق الإرهاب بؤره الجديدة في غرب إفريقيا؟
صورة أرشيفية

أصبحت إفريقيا هي المنطقة الأكثر تضررا من الإرهاب على مستوى العالم خلال النصف الأول من العام الجاري 2021، للشهادة المنظمات الدولية والحقوقية تمددت تنظيمات داعش والقاعدة والجماعات المنبثقة منهما في بلدان غرب إفريقيا على وجه الخصوص.

وفي تقرير إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قالت لجنة الخبراء المختصة: إنه "في أجزاء من غرب وشرق إفريقيا باتت (القاعدة وداعش) تتباهى بقدرات متزايدة في جمع التبرعات والأسلحة، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار، والتباهي بمكاسبهم في أعداد أتباعهم ومؤيديهم ومساحة الأراضي التي استولوا عليها"، حسبما نقلت شبكة "آر تي" الروسية.

كما أشارت اللجنة إلى أن أكثر الجماعات التابعة لتنظيم داعش من حيث السيطرة وفرض النفوذ هي تلك التي تتواجد في إقليم وسط وغرب إفريقيا، إذ إن هناك العديد من تنظيمات القاعدة في الصومال ومنطقة الساحل.

واعتبر  خبراء الأمم المتحدة أنه من المثير للقلق أن هذه الجماعات الإرهابية تنشر نفوذها وأنشطتها وتتمدد على الأرض، بما في ذلك المنطقة من حدود مالي مرورا ببوركينا فاسو وساحل العاج والنيجر والسنغال، وكذلك تتوغل بإرهابها من نيجيريا إلى الكاميرون وتشاد والنيجر في غرب إفريقيا. 

ونوه التقرير الأممي إلى بعض "الأحداث الأكثر إثارة للقلق" في أوائل عام 2021، ومن بينها اقتحام فرع تنظيم داعش المحلي واحتجازه لفترة وجيزة لميناء موزمبيق الاستراتيجي في موسيمبوا دا برايا، في مقاطعة كابو ديلجادو بالقرب من الحدود مع تنزانيا "قبل الانسحاب مع الغنائم"، وهو هجوم يثير القلق بشأن التجارة العالمية.

ويرى خبراء مجلس الأمن الدولي أن استمرار جائحة "COVID-19" كان له تأثير على النشاط الإرهابي والترويج له، إذ استثمر تنظيم داعش والقاعدة وأمثالهم الجائحة في "الشماتة" بسبب الضرر الذي ألحقته هذه كورونا بمن يعتبرونهم أعداء لهم.

كما أن عمليات الإغلاق وإغلاق الحدود في أوروبا وغيرها من المناطق غير الخاضعة للنزاعات أدت إلى إبطاء حركة وتجمع الناس، فزاد على الجانب الآخر خطر آخر، وهو  "زيادة خطر التطرف عبر الإنترنت".

ونبه الخبراء إلى أن الهجمات "ربما تم التخطيط لها في مواقع مختلفة" أثناء الوباء، "وسيتم تنفيذها عند تخفيف القيود"، في تحذير أمني يتعلق بإجراءات الأمن بعد عودة الحياة إلى طبيعتها.

كما يحذر التقرير الأممي من احتمالات توجه الجماعات المتطرفة لنقل عدد من مقاتليها إلى أفغانستان تحديدا، إذا أصبحت البيئة هناك أكثر ملاءمة لداعش أو الجماعات المتحالفة معها.

كذلك، أشار الخبراء إلى أن تنظيم داعش والجماعات التابعة لتنظيم القاعدة ما زالت تعمل هناك جنوب وشرق آسيا"، وذلك على الرغم من الخسائر القيادية الرئيسية في بعض الحالات، والضغط المستمر من قِبل قوات الأمن".

ويشهد الواقع أن قارة إفريقيا عانت من سلسلة هجمات مسلحة مروعة خلال النصف الأول من العام الجاري، والتي راح ضحيتها الآلاف بين مدنيين وعسكريين في الأقاليم الخمسة للقارة.

وبحسب الإحصائيات الأممية، بلغ إجمالي عدد الهجمات الدامية في إفريقيا خلال النصف الأول من العام، أي منذ يناير 2021 وحتى نهاية يونيو من العام نفسه، أكثر من 315 هجوما، ما أسفر عن سقوط أكثر من 5236 قتيلا، إلى جانب الآلاف من المصابين والمختطفين.

وفي سياق متصل، كشف تحليل البيانات الشهرية الذي تجريه مؤسسة ماعت السلام والتنمية في القاهرة، عبر تقريرها "عدسة الإرهاب في إفريقيا"،  فقد كان شهر يناير الماضي هو أكثر شهر يشهد سلسلة من العمليات الإرهابية خلال النصف الأول من العام 2021، حيث سجل 66 عملية، بينما كان شهر مارس الماضي هو الأعنف من ناحية عدد ضحايا الهجمات المنفذة في القارة، بعدما سجل 1835 قتيلاً. 

وتعيش إفريقيا تناميا مرعبا في نشاط التنظيمات الإرهابية، التي ترى في القارة السمراء بيئة مناسبة للتمدد والانتشار، حيث تتوافر فيها الظروف الموائمة لنمو تلك التنظيمات.

ويتصدر إقليم غرب إفريقيا كأكثر أقاليم القارة تأثرا بالهجمات الإرهابية.

بلغة الأرقام

وبحسب لغة البيانات، فقد شهدت 15 دولة افريقية، 66 هجوما إرهابيا في شهر يناير، أسفر عن سقوط 642 قتيلا و96 مصابا. وكان السودان هو  البلد الأكثر تضررا من حيث عدد الضحايا، كما كان الصومال الأكثر عددا من حيث عدد الهجمات. 

كما كان إقليم شرق إفريقيا أكثر الأقاليم تعرضاً لعمليات دامية خلال الشهر الأول من العام.

وفي الشهر الثاني، سقط ما لا يقل عن 413 شخصا جراء 56 هجوما إرهابيا شهدته القارة، وجاء إقليم غرب إفريقيا كأكثر الأقاليم تضررا. 

وتصدرت نيجيريا قائمة أكثر الدول الأفريقية تضررًا بالعمليات الإرهابية خلال الشهر لجهة عدد الضحايا.

وفي مارس 2021 سقط ما لا يقل عن 1835 شخصا على أثر 45 هجوما دمويا تقريبا. وجاء إقليم شرق إفريقيا كأكثر الأقاليم تضررا. بينما في إبريل من العام نفسه سقط ما لا يقل عن 886 ضحية في 59 عملية دموية خلال الشهر.

وفي الشهر الخامس، سقط ما لا يقل عن 766 شخصا جراء 42 هجوما وحادثا إرهابيا في القارة. وفي يونيو شهدت إفريقيا 47 هجوما إرهابيا تسبب في وفاة حوالي 694 شخصا وإصابة واختطاف المئات. وجاءت نيجيريا في طليعة الدول المتأثرة بتلك العمليات، وسقط فيها ما يصل إلى 200 ضحية على الأقل بسبب مذابح بوكو حرام.

إستراتيجية التنظيم 

وبحسب الخبراء، فإنه بعد الخسائر التي مني بها تنظيم داعش في سوريا والعراق، يسعى التنظيم لنقل مناطق نفوذه، بحثا عن بؤر نفوذ بديلة، لذا اتجه إلى إفريقيا، وتمكن من تأسيس فروع له هناك.

بينما يبقى الخطر الأكبر متمثلا في ذلك الفرع الذي ركز نشاطه في المنطقة من جنوب غرب ليبيا مروراً بتشاد والنيجر وبوركينا فاسو وشمال نيجيريا وشمال مالي وصولا إلى المحيط الأطلنطي، فهو كما يبدو فرع صامد وينفذ عمليات شديدة الخطورة ضد القوات المختلفة في تلك البلدان الإفريقية.

أخطر التنظيمات

ورغم وجود قوات متعددة في تلك المنطقة، من بينها القوات الفرنسية التي بلغت 5200 جندي، والقوات الأممية التي تحط عددها 16 ألف جندي، والقوات الأميركية إضافة إلى الجيوش الوطنية، إلا أن جميعها لم تتمكن من السيطرة على ذلك التنظيم الذي لا يزال يتحرك بحرية.

ويبقى تنظيم بوكو حرام أخطر تلك التنظيمات الإرهابية، خصوصا وأن جزءا منه أعلن الولاء لتنظيم داعش في وقت سابق.


وترتكز التنظيمات الإرهابية في غرب إفريقيا تحديدا على ثلاثة محاور رئيسية، وأولها التركيز على توجيه ضربات موجعة لقوات الشرطة والجيش في المناطق التي يتواجد فيها التنظيم، وتتسم بأنها شديدة العنف وتعتمد على سرعة تكتيكية في الكر والفر.

وثائق هذه المحاور هو الإستراتيجية المرتبطة باعتماد التنظيم على أدواته الإعلامية، لإيهام المتعاطفين معه والجماعات الداعشية الأخرى ببروباجندا إرهابية ومتطرفة.

أما المحور الثالث فهو محاولة التوسع في تأسيس دعم للتنظيم الإرهابي في مناطق مختلفة داخل وخارج القارة السمراء.