محلل سياسي : النزاع يُهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي ودخول السودان مرحلة الانهيار الكامل

محلل سياسي : النزاع يُهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي ودخول السودان مرحلة الانهيار الكامل

محلل سياسي : النزاع يُهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي ودخول السودان مرحلة الانهيار الكامل
الحرب السودانية

يشهد السودان واحدة من أكثر مراحله دموية منذ اندلاع الحرب بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع قبل أكثر من عامين، إذ تحول النزاع تدريجيًا إلى صراع ذي طابع عرقي واضح، ما ينذر بتفكك النسيج الاجتماعي وتهديد الاستقرار الإقليمي. تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان الصادر الجمعة ألقى الضوء على أبعاد الأزمة، محذرًا من أن استمرار الانتهاكات والإفلات من العقاب يضع السودان على مسار بالغ الخطورة.


الأرقام الواردة في التقرير تكشف حجم المأساة: أكثر من 3384 مدنيًا قُتلوا بين يناير ويونيو فقط، بينهم 990 ضحية أُعدموا تعسفيًا أو خارج نطاق الاشتباكات، إضافة إلى مقتل 30 عاملًا في المجالين الصحي والإنساني. 70% من القتلى سقطوا بفعل القصف والمواجهات المباشرة، في وقت يتزايد فيه استخدام المسيّرات لاستهداف مرافق مدنية، بما في ذلك في شمال وشرق السودان، وهي مناطق كانت بعيدة نسبيًا عن دائرة النزاع.


الأخطر أن النزاع يتخذ أبعادًا عرقية متجذرة في عقود من التمييز وعدم المساواة، خصوصًا في دارفور، حيث تصاعد العنف ضد جماعات بعينها، ما يفتح الباب أمام دوامة طويلة من الثأر والانتقام. ومع ذلك، تبدو ردود الفعل الإقليمية والدولية عاجزة عن مجاراة حجم الكارثة، رغم تحذيرات المفوض السامي فولكر تورك من أن الوضع الحالي يرتقي إلى "جرائم حرب" مكتملة الأركان.


البعد الإنساني يضيف طبقة أخرى من التعقيد، إذ أعلنت الأمم المتحدة أن السودان يُواجه "أكبر أزمة إنسانية في العالم"، مع انتشار المجاعة في عدة مناطق وعودة وباء الكوليرا ليضرب مخيمات النزوح والسكان المحاصرين. هذه التطورات تجعل من الصراع السوداني ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل أزمة متعددة الأوجه تهدد بانهيار الدولة وتداعيات تتجاوز حدودها.


المشهد الراهن يضع المجتمع الدولي أمام اختبار صعب: فإما التدخل الجاد للضغط على الأطراف المتحاربة وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، أو ترك السودان يغرق أكثر في الفوضى، بما يحمله ذلك من تداعيات كارثية على المنطقة بأكملها.

وأكد المحلل السياسي السوداني الدكتور عبدالرحيم الطيب أن تصاعد الطابع العرقي في النزاع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع يمثل أخطر مراحل الحرب؛ لأنه يفتح الباب أمام انقسام مجتمعي عميق قد يصعب تجاوزه لعقود طويلة.


وأوضح - في تصريحات صحفية - أن ما يجري في دارفور من عمليات قتل على أساس الهوية وانتهاكات ضد المدنيين يعكس تحول الصراع من مواجهة سياسية وعسكرية إلى حرب وجودية بين مكونات المجتمع، وهو ما يُهدد وحدة السودان ومستقبله.


وأضاف الطيب - لـ"العرب مباشر" - أن استمرار الانتهاكات بحق المدنيين، من إعدامات تعسفية وهجمات على المرافق الإنسانية والصحية، يضاعف من حدة الأزمة، خاصة مع إعلان المجاعة في عدة مناطق وعودة وباء الكوليرا. وأشار إلى أن المجتمع الدولي ما زال يتعامل مع النزاع ببرود، مكتفيًا بإصدار بيانات الإدانة دون اتخاذ خطوات عملية لوقف الانتهاكات أو فرض آليات مساءلة على الأطراف المتحاربة.


وشدد المحلل السوداني على أن السودان يواجه اليوم لحظة مفصلية: فإما أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية توقف نزيف الدم وتعيد بناء الدولة على أسس العدالة والمواطنة، أو أن ينزلق البلد نحو انهيار شامل ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي بأسره.