إخواني منشق: التحرك الأوروبي ضد تمدد الحماعة يعكس وعيًا متزايدًا بخطورة التنظيم على الأمن الداخلي

إخواني منشق: التحرك الأوروبي ضد تمدد الحماعة يعكس وعيًا متزايدًا بخطورة التنظيم على الأمن الداخلي

إخواني منشق: التحرك الأوروبي ضد تمدد الحماعة يعكس وعيًا متزايدًا بخطورة التنظيم على الأمن الداخلي
جماعة الإخوان

شهدت الساحة الأوروبية خلال الأيام الأخيرة تحركات مكثفة على المستويين السياسي والأمني لمواجهة تمدد جماعة الإخوان في عدد من الدول الأوروبية، وسط تزايد التحذيرات من خطورة نفوذ التنظيم على استقرار المجتمعات الأوروبية ووحدتها الثقافية والفكرية.

ففي هذا السياق، أعلنت عدة دول، من بينها فرنسا وألمانيا والنمسا وبلجيكا، عن تنسيق مشترك لتعزيز الرقابة على الجمعيات والمراكز التي يُشتبه في ارتباطها بتنظيم الإخوان، خاصة تلك التي تنشط تحت غطاء العمل الخيري أو الثقافي، وتستغل الحريات الدينية للتغلغل داخل المجتمعات المسلمة في أوروبا.

وأكدت تقارير أمنية أوروبية، أن هذا التحرك يهدف إلى وضع حد لعمليات التمويل المشبوه التي تتلقاها بعض الجمعيات من جهات خارجية، إضافة إلى مراقبة الخطاب الديني المتشدد الذي يسهم في تغذية الفكر الانعزالي داخل بعض الجاليات.

وأشارت مصادر مطلعة في المفوضية الأوروبية، إلى أن الاتحاد الأوروبي يدرس وضع آلية موحدة لتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية في الدول الأعضاء بشأن الأنشطة المرتبطة بالإخوان، وذلك بعد أن رُصدت خيوط تنظيمية عابرة للحدود تعمل على نشر الفكر المتطرف عبر الإنترنت ومراكز التعليم الديني غير الرسمية.

وفي ألمانيا، كشفت السلطات عن توسيع دائرة المراقبة على منظمات تابعة لما يسمى “التجمع الإسلامي في ألمانيا” المشتبه في انتمائها للإخوان، فيما شددت فرنسا إجراءاتها على المدارس والجمعيات التي تعمل خارج الرقابة الحكومية. 

أما النمسا، فقد أعلنت وزارة الداخلية عن حملة تفتيش واسعة استهدفت مقار وشخصيات مرتبطة بالتنظيم في العاصمة فيينا وعدد من الولايات.

ويرى محللون، أن هذا التحرك الأوروبي المشترك يمثل نقطة تحول في التعامل مع التنظيم، بعد سنوات من التردد والتباين في المواقف بين الدول الأوروبية، مؤكدين أن توحيد الجهود سيحد من قدرة الإخوان على المناورة أو إعادة التموضع تحت مسميات جديدة.

ويأتي هذا التطور في ظل تنامي الإدراك الأوروبي بأن خطر الجماعة لم يعد مقتصراً على المجال الديني أو الاجتماعي، بل بات يشكل تهديدًا للأمن القومي الأوروبي، من خلال محاولاتها التأثير على السياسات العامة واستغلال الديمقراطية لتحقيق أهداف أيديولوجية تتعارض مع قيم المجتمعات الأوروبية.

قال طارق البشبيشي، القيادي الإخواني السابق والباحث في شؤون الحركات الإسلامية: إن التحرك الأوروبي المشترك ضد تمدد جماعة الإخوان في عدد من الدول الأوروبية، يعكس وعيًا متزايدًا لدى الحكومات الغربية بخطورة التنظيم على الأمن الداخلي والنسيج الاجتماعي.

وأوضح البشبيشي -في تصريحات للعرب مباشر-، أن جماعة الإخوان استغلت أجواء الحرية والديمقراطية في أوروبا لتوسيع نفوذها، عبر إنشاء مؤسسات وجمعيات تحمل شعارات إنسانية وخيرية، لكنها في الواقع كانت تعمل لخدمة أهداف سياسية وتنظيمية ترتبط مباشرة بالتنظيم الدولي للجماعة.

وأشار إلى أن الإخوان تمكنوا خلال العقود الماضية من بناء شبكات نفوذ متشعبة داخل بعض الدول الأوروبية، خاصة في فرنسا وألمانيا وبلجيكا، من خلال السيطرة على عدد من المراكز الإسلامية والمساجد التي تُستخدم كمنابر لترويج أفكار متطرفة تخالف القيم الأوروبية.

وأضاف: أن الخطوة الأوروبية الحالية تمثل تحولاً في طريقة التعامل مع الجماعة، بعد أن أدركت الحكومات الأوروبية أن خطر الإخوان لا يقل عن خطر التنظيمات الإرهابية المسلحة، لأنهم يعملون على اختراق المجتمعات من الداخل تحت غطاء الشرعية القانونية والمؤسسات المدنية.

وأكد البشبيشي، أن المعلومات التي باتت متوافرة لدى الأجهزة الأمنية الأوروبية كشفت حجم التمويلات التي تتلقاها الجماعة من جهات خارجية، ودورها في نشر الفكر المتشدد بين أبناء الجاليات المسلمة، وهو ما دفع العواصم الأوروبية إلى التحرك بشكل منسق لوقف تمددها.

وختم البشبيشي تصريحاته بالتأكيد على أن مواجهة الإخوان تتطلب تعاونًا استخباراتيًا وسياسيًا واسعًا، إلى جانب مراقبة صارمة للأنشطة الممولة من الخارج، مشددًا على أن ما يحدث الآن هو بداية لتفكيك البنية الفكرية والمالية للتنظيم في القارة الأوروبية.